رجل يبحث عن مفاتيح البحر

07 يوليو 2018
جوردي بيرايونغا
+ الخط -

قدوة

قرأ على نفسِه
الأبيات التي كتبها للتو
ورفض بشكل مطلق أن يتلقّى نفسَه
مرّةً أخرى.

صحيح أنه كان شاعراً سيئاً
لكنّه إنسانٌ بلا مثيل.

■ ■ ■

قصيدة حب لـ ديبورا

سأتجوّل وحدي في الشوارع
المحيطة بالأكاديمية،
سأعرّي بعيني عينيّ جوهرة في الفاترينة
"ألف وتسع مئة وتستردّ نقودك إن لم تعجبك"،
سألقي نظرة مختصرة على إكراهات خرافية
سأشتري كتاباً، وفي البار
سآكل طبقًا منوَّعاً
سأقرأ الجريدة
والكتاب
والكتابة الصغيرة على علبة الحلويات.
سأقع في حبِّ مشيِ امرأة
مرّتْ خلفَ نظرتها
يمكن أن تكوني أنتِ هي،
أو أن تكون جزءاً منكِ.
سأحبس نفسي في ناقلة نفطٍ
وسأجعل نداوة بطنكِ اللامحدودة تمطرُ على العالم.
سأجمع دفوف هذه الأرض
وأضعها في يدكِ
حتى تسيل الجبال
مع السّحب التي ذابت في الرمل.
وخلف الصمت،
خلف إشاعة المياه
المكسورة في الماء،
خلف نور الساعات وعتمتها:
في مكان الساعة
حين ستظهر من جديد
البحار واليابسة،
سأعود إلى الأكاديمية،
سأمشي متعبًا إلى البيت،
أعدكِ،
لأنني رغم مرور كل هذا الزمن ما زلت أُحبّكِ،
أفكّر في ما عليّ أن أفعله
مع كلّ هذا الحب الذي لا تأخذينه معكِ.

■ ■ ■

إن كنتِ لا تستطيعين

الحياة تترككِ أحيانًا نائمةً
تمنحك موعداً، تمدّ لكِ ثماني أذرعٍ،
مئة شفةٍ،
قصةً ومملكةً بلا اسم،
من أجل تتذكّري طفولتكِ.
تقدِّم لك الحزن والعطش والرغبة،
ولكنها تقدِّم أيضًاً قبلات ومنشفةً،
قليلاً من الماء، حانةً وقارباً
ورجلًا يبحثُ عن مفاتيح البحر،
وصرخةً في الحديقة إن شعرتِ بالخوف.
بالأمس انتظرتك في السرير،
ناديتُ عليكِ بصوت عالٍ: حبّي! قلتُ، حبّي، حبّي!
بصوت عالٍ جداً
وكان الليل
هو من حرّك بشكل طفيف بيجامتك.
لم أضحكْ طوال الأسبوع،
كنتُ على وشك ذلك مساء يوم الخميس،
نعم، يوم الخميس أو الجمعة، لا أتذكّر.
الأحد، إنه الربيع.

■ ■ ■

المدّخرات

حقيقة الأمر أنكِ خدعتِني،
أودعتُ حبّي فيكِ
كما لو في خزنة،
وكنتِ ترددين أنه سيبقى هناك دائمًا،
حين أعود في طلبه.

لقد خالفتِ، لا إراديًا، هذا صحيح
(الحب والموت أشياء لا إرادية!)،
لا أحد على مكتبكِ، وأخذتِ
جميع مدّخراتي تاركة لي مدخراتكِ.
لا أعرف ماذا سأفعل بها، هذا يحدث،
ولا أعرف ماذا سأفعل بكل هذا الإيمان بالعالم الذي كنتِ تدّخرينه.

■ ■ ■

حكاية مزاج مُمْرِض

كنتِ غير مباليةٍ على الأرجح بهذه الحياة
إذ لم تكوني شريكتها في أي شيء،
ومع ذلك، كنتِ بالصدفة شريكة حياتي،
ثم بالصدفة أمّاً
ثم هذا الشيء الذي قبِلناه
مثل واحدٍ آخر من تلك الهراءات الكثيرة.
لن يصل شيء موعودٌ بعد اليوم
لأن الرغبة الآن، أصبحتْ هزيمة مسبقة،
لأنّني زاملت العديد من الرهبان،
العديد من الأوطان وأبواق الوفرة
تجري عبر الأوردة منذ العصور القديمة،
وأردتُ أن أكون الشخص الذي يجري خلف جسدٍ
يأخذ الباص، الأول،
خلف وظيفةٍ أفضل مفترضة،
ولكن كان من المستحيل حمل ذلك البؤس كلّه
الذي كنتُ حينها أظنّه فرحاً وحافزاً:
كثير من الناس يتحمّلون السخافات بقيةَ حياتهم
وأنا أنساكِ، وأنسى تلك السخافات التي أتنفّسها،
كان يكفيكِ ذاك المزاج المُمْرِض
الذي كان يثرثر عن أسفارٍ، وعن ثقافاتٍ وشعوبٍ
ملقاةٍ على طاولة غرف الانتظار
وكنتِ تذهبين إلى الطبيب لطلب علامات مؤكدة
خلف "مساء الخير، ما بكِ؟".
في الواقع، لم أتمكن، لم أستطع، من أن أفهم
أنّ تلك القصة الحميمة والسعيدة التي سرقتُها منكِ
ـ باسم مُثل عليا من عندي ـ
كانت في النهاية السّبب الذي يدفعني
لمواصلة التشبّث بالحياة مثل مجنونٍ.


* Jordi Virallonga شاعر وكاتب كتالاني إسباني من مواليد عام 1955 في مدينة برشلونة. يكتب باللغتين الكتالانية والإسبانية، ويعمل أستاذاً للأدب الإسباني في جامعة برشلونة.

** ترجمة عن الإسبانية إبراهيم اليعيشي

المساهمون