ربى الرياحي... أول كفيفة في نقابة الصحافيين الأردنيين

31 مارس 2019
درست الأدب العربي (تويتر)
+ الخط -
توّجت الصحافية الأردنية ربى الرياحي جهودها الكبيرة والمضنية، خلال السنوات الماضية، بالحصول على عضوية نقابة الصحافيين الأردنيين، لتكون أول كفيفة تحمل عضوية النقابة ونقطة فارقة في تاريخها، في مارس/آذار الحالي. 

وقد بدأت الرياحي (32 عاماً) مسيرتها الصحافية عام 2012 في صحيفة "الغد" الأردنية. وعلى الرغم من صعوبة المهنة ومتاعبها وتحدياتها، إلا أنها استطاعت بعزيمتها وإصرارها ودعم محيطها المهني أن تتجاوزها.

وهي قادرة اليوم على كتابة مادتها الإخبارية وقصتها الصحافية من دون أي مساعدة. وأثبتت الرياحي كفاءتها وقدرتها على الانخراط في مهنة الصحافة. لكنها أشارت إلى أن البدايات تخللها الكثير من الصعوبات التي استطاعت القفز فوقها، بفضل إصرارها على التميز وقدرتها على التحدي.

وتوضح الصحافية الأردنية، لـ "العربي الجديد"، أن الصحافة لم تكن خيارها المهني الأول، فهي حاصلة على شهادة في الأدب العربي من الجامعة الأردنية، بتقدير جيدة جداً. وسجلت طلباً في "ديوان الخدمة المدنية"، وهي الجهة المعنية بتعيين الموظفين الحكوميين في الأردن، على بند "الحالات الإنسانية"، بسبب الإعاقة البصرية التي تعاني منها.

وتضيف الرياحي: "مضت فترة طويلة من الزمن ولم يتم تعييني، فتواصلت مع البرنامج الصباحي الإذاعي الذي يقدمه الإعلامي الأردني محمد الوكيل. ولحسن الحظ، سمعت وزيرة الدولة والناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية، جمانة غنيمات، التي كانت حينها رئيسة لتحرير صحيفة "الغد"، المناشدة عبر البرنامج، وهنا بدأت رحلتي نحو عالم الصحافة والإعلام".

وتردف: "كانت هذه هي الخطوات الأولى في المهنة الصعبة. لم تكن لدي فكرة كافية عن العمل الصحافي، بدءا من اختيار الفكرة، والتواصل والحديث مع المصادر، وصولاً إلى تفريغ المواد والكتابة"، مشيرة إلى أن إدارة التحرير في الصحيفة عملت على توفير فرص تدريبية مكتملة الجوانب لصقل قدراتها، مثل كتابة الخبر والقصة الإخبارية والتحقيق، في وقت قدم فيه زملاؤها كل الدعم لها لتصبح قادرة على الاعتماد على نفسها.

وتوضح الرياحي أن التكنولوجيا المتطورة ساهمت في مساعدتها على الخوض في المهنة، لافتة إلى أنها التحقت سابقاً بدورات متقدمة في استخدام الكمبيوتر، الأمر الذي ساهم في تسهيل مهمتها في العمل اليومي، مثل كتابة الخبر ومتابعة المواقع الإخبارية والتقاط الأفكار من مصادر مختلفة، كما أن الهاتف الناطق سهّل أمورها وتواصلها مع المصادر.



وتقول الرياحي إن "مهنة الصحافة بحاجة إلى كل الحواس، خاصة البصر"، لافتة إلى أن "العين تلتقط الكثير من الملاحظات، خاصة في العمل الميداني، وتلتقط الأحداث الفارقة في الشوارع التي تكون نقطة انطلاق لصناعة قصة إخبارية أو تحقيق"، لكن "بالجد وتعاون الزملاء يتم تجاوز مثل هذه المعيقات". وتؤكد الرياحي "لا مستحيل يقف في وجه الإرادة والعزيمة، ولا شيء يمنع النجاح إذا توفرت الظروف الملائمة والإصرار"، مشيرة إلى دور عائلتها الكبير في دعمها، ومساعدتها على تجاوز المعيقات، لتكون في النهاية فخورة بها، وبما وصلت إليه.

وترى أن من "أصعب الأمور هو التعامل مع ذوي الإعاقة الجسدية من منطلق الشفقة، فالإنسان يسعى إلى تجاوز كل المعيقات حتى يصبح منتجاً في المجتمع، ولا يكون عالة على الآخرين"، مشيدة بطريقة تعامل مؤسستها الصحافية معها، من منطلق معادلة مبنية على الحقوق والوجبات التي تنطبق على جميع العاملين في الصحيفة.

وحول المجالات الصحافية التي تسعى إلى التركيز عليها في عملها، تقول الرياحي إنها تناولت في البداية تجربتها والصعوبات التي مرت بها كفاقدة للبصر. كما لامست في الكثير من المواضيع التي طرحتها في الصحيفة، التحديات والصعوبات التي يواجهها ذوو الإعاقة في الأردن، مثل عدم توفر المواصلات اللازمة لهم، مما يجبرهم دائماً على الاستعانة بآخرين في التنقل، وهو ما يصعّب اندماجهم في المجتمع أحياناً، خاصة في ظل عدم وجود بيئة صديقة لذوي الاحتياجات الخاصة، وافتقاد الوعي لحاجات هذه الشريحة من الكثير من فئات المجتمع.

إضافة إلى ذلك، يعاني المكفوفون من شح المدارس الخاصة بهم في المناطق الداخلية، إذ تشير الرياحي إلى أنها فقدت البصر عندما كان عمرها ستة أعوام بسب حوادث متتالية، وعندما حان موعد التحاقها بالمدرسة، لم تكن هنالك مدارس قريبة توفر التدريس لفاقدي البصر في منطقتها، فاضطرت إلى الدراسة في مدرسة داخلية في إحدى ضواحي العاصمة عمّان، التي تبعد عن بيتها نحو 20 كيلومتراً.

وتنصح الرياحي كل عائلة لديها طفل يعاني من إعاقة بأن تقف إلى جانبه، وأن تدعمه وتقدم له ما تستطيع حتى لا يبقى عالة عليها، بل يصبح شخصاً فاعلاً في المجتمع، ليكون في المستقبل فخرا لها ومصدر اعتزاز. لذا، يمكن القول إن طريق ربى الرياحي لم يكن سهلاً، وواجهت المصاعب في "مهنة المتاعب"، لكنها اجتازت العوائق لأنھا آمنت بنفسها، ووثقت في لغتھا، لتشكل نموذجاً للإنسان الطموح الذي يتجاوز العقبات في طريقه للوصول إلى شاطئ النجاح، ويشكل نموذجاً يقتدى به.
المساهمون