ربع ساعة فقط

28 سبتمبر 2015
في كلّ الأحوال هذا واجبه (فرانس برس)
+ الخط -
انقطعت قبل موعدها بربع ساعة. لعلّ الموظف غضب من المنطقة "الفلانية"، لسبب أو لآخر، ففصل القابس قبل الوقت المحدّد. الموظف المسؤول مسكين، تصيبه أحياناً حالات تمرّد غريبة، لكنّه ككلّ موظف ينفّذ أوامر رؤسائه. مع ذلك، فهو أكثر شخص يتلقّى الشتائم فوق رأسه. في نظر الناس هو المسؤول الأول عن انقطاع الكهرباء.

الموظف نفسه هو من يتولّى تقنين التيار الكهربائي بين المناطق. كان من المفترض أن يكون التوزيع عادلاً ومتوازناً بين المناطق. لكن في هذه البلاد، العدالة ككل شيء آخر، مفقودة. قد ينسى الموظف النظر إلى الساعة، وقد تتوقّف بطارية ساعته لسبب أو لآخر. فتربح الناس بعض الوقت الإضافي. وقد يغضب من منطقة بذاتها فيفصل التيار قبل أوانه.

لا يفكّر الموظف كيف يمكن أن يغير ربع ساعة من الوقت في يوميات الناس. في المنزل مثلاً سيحدث التالي: انتهاء تنشيف الغسيل في الغسالة في وقته، كيّ قميصين إضافيين، الانتهاء من مشاهدة حلقة المسلسل، النجاة من حبس غير متوقع في المصعد، الإفادة أكثر من تخزين الكهرباء في بطارية الهاتف. وتطول اللائحة.

ربما يفكّر الموظف في كل هذا وربما لا يسمح له مزاجه الضيق بفعل ذلك. في كلّ الأحوال هذا واجبه ولأن الدولة تدفع له ليقوم به فلن يتوانى عن الأمر. سيفعل حتى لو سبق الوقت بربع ساعة أو تأخّر عن الوقت بربع ساعة.

***

يدرس الشاب الهندسة الكهربائية في الجامعة. مع الوقت، صار يشعر بغرابة تجاه هذا الاختصاص. عندما يُسأل عن اختصاصه يجيب: "هندسة كهرباء"، فيلاحظ ابتسامات خبيثة على وجوه السائلين. حسناً، نكتة الوزير والسنافر حاضرة دائماً في أذهان السائلين. يتصل أحد السنافر (شخصية كرتونية) بوزير الكهرباء ويعرّف عن نفسه أنه "سنفور غضبان". يتعجّب الوزير من السؤال فيردّ: "وهل هناك سنافر أصلاً؟". فيجيبه السنفور الغضبان: "وهل هناك كهرباء أصلاً حتى يكون لها وزير؟".

لعلّ المهندس الشاب سمع هذه النكتة عشرات المرات حتى كرهها. مع الوقت، صار عندما يُسأل عن اختصاصه يجيب ببساطة: "هندسة". بات يشعر بالخجل.

***

اقتحم مسلحون في إحدى المناطق خارج العاصمة محطة الكهرباء التي تغذّي المنطقة. أرادوا أن يعيدوا التيار الكهربائي المقطوع بقوة السّلاح. هرب الموظف المسؤول عن المحطة بعدما خاف على حياته.

الخبر ليس نكتة. لقد حدث فعلاً، ومن الممكن أن يتكرّر في كل وقت. عندما لا تقوم الدولة بواجباتها تجاه مواطنيها، تشجعّهم على مخالفة القانون وارتكاب الجرائم. تشجعهم، أيضاً، على حمل السلاح في وجهها.

إقرأ أيضاً: لحظة غير مناسبة
دلالات