وتحشد الأطراف الأربعة، (المعارضة والنظام والقوات الكردية والتنظيم) عناصرها على جبهات التماس مع الأطراف الأخرى، بشكل رسّخ حالة من توازن الرعب المتبادل الذي منع أحدهم من حسم المعركة على حساب الآخر. في ظلّ هذا الوضع الميداني المعقّد في حلب وريفها، تبدو فصائل المعارضة في وضع لا تحسد عليه، خصوصاً مع خوضها حرباً مفتوحة منذ أكثر من أربع سنوات ونصف مع قوات النظام وخوضها حرباً مماثلة مع "داعش" منذ أقل من سنتين، وزيادة التوتر بينها وبين قوات "حماية الشعب" الكردية في الفترة الأخيرة، الذي نتج عنه اشتباكات وعمليات قصف متبادلة بين الطرفين شمال مدينة حلب.
وتسيطر فصائل المعارضة، حتى الآن، على أهم مدن وبلدات ريف حلب الشمالي، على الرغم من قضم "داعش" في الأشهر الأخيرة، مناطق استراتيجية ونقاطاً هامة من المعارضة في المنطقة، حتى باتت سيطرة الأخيرة تقتصر على مدن وبلدات أعزاز، ومارع، وتل رفعت، وحيان، وبيانون، ورتيان وأريافها، في الوقت الذي يبسط فيه التنظيم سيطرته على المنطقة الممتدة من بلدة أخترين حتى أطراف مدينة مارع الشرقية وعلى منطقة مدرسة المشاة العسكرية ومحيطها شمال مدينة حلب.
وتسيطر قوات النظام على المدينة الصناعية وبلدات باشكوي، وسيفات، وحندرات، وبلدتي نبل والزهراء شمال حلب أيضاً. فيما تسيطر القوات الكردية على مدينة عفرين وريفها شمال غرب حلب، ما يجعل مناطق المعارضة في ريف حلب الشمالي في خطر، نظراً لموقعها في الوسط بين مناطق سيطرة "داعش" شرقاً، ومناطق سيطرة القوات الكردية غرباً ومناطق سيطرة النظام غرباً وجنوباً.
وتؤكد مصادر مقربة من "الجبهة الشامية"، (أكبر فصائل المعارضة في ريف حلب الشمالي) أن "فصائل المعارضة رصدت في الأيام الأخيرة، تعزيزات جديدة لقوات النظام في مناطق سيطرتها في بلدات باشكوي، وحندارت، وسيفات، شملت مئات العناصر وعشرات الآليات المدرعة والمزودة برشاشات متوسطة وثقيلة، في ما يبدو أنه تحضير لهجوم جديد على مناطق رتيان، وحيان، وبيانون التي تسيطر عليها المعارضة بهدف السيطرة عليها لفتح خط إمداد لقوات النظام والمليشيات الموالية لها المحاصرة في بلدتي نبل والزهراء، ما يعني، في حال تمّ ذلك، فصل المعارضة في ريف حلب الشمالي عن عناصرها في حلب بشكل نهائي". في غضون ذلك، يحاول التنظيم إحراز مزيد من التقدم في المنطقة، لتحقيق الهدف ذاته، في فصل مناطق المعارضة في ريف حلب الشمالي عن مناطقها في حلب.
اقرأ أيضاً: المعارضة السورية تستعيد مواقع في ريفي اللاذقية وحلب
ويوضح الناشط الميداني حسن الحلبي، لـ"العربي الجديد"، أنّ "المعارضة تصدت لهجوم جديد شنّته داعش على بلدة تل جبين، بعدما سيطر الأخير على بلدات تل قراح وتل سوسين، أخيراً، تزامن مع هجوم داعش الأخير، عبر تفجير سيارة مفخخة في تل جبين، أسفر عن مقتل ستة مدنيين وإصابة آخرين".
ونجحت طائرات التحالف الدولي باستهداف سيارة مفخخة أخرى للتنظيم، قبل أن تصل إلى مناطق المعارضة لتنفجر في مناطق سيطرة "داعش". ويواصل التنظيم على الرغم من ذلك هجماته أيضاً على بلدة أحرص والمناطق المحيطة بها، وشمل هجومه تفجير سيارة مفخخة، أمس الأحد، أسفر عن وقوع إصابات في صفوف المعارضة، بحسب الحلبي.
ويجري كل ذلك، في الوقت الذي تشهد فيه جبهات القتال في مدينة حلب هدوءاً نسبياً وحالة من المراوحة منذ فترة طويلة، باستثناء مناوشات متقطعة بين المعارضة وقوات النظام على جبهة جامع الرسول الأعظم وحي الزهراء غرب حلب، وعلى جبهات صلاح الدين وكرم الطراب جنوب المدينة.
وأوقف النزاع الذي اندلع، أخيراً، بين القوات الكردية والمعارضة، خطط الأخيرة الهادفة إلى إكمال السيطرة على حلب، إذ هدّد وجود القوات الكردية في حي الشيخ مقصود شمال حلب، أوتوستراد الكاستلو، الذي يعتبر خط الإمداد الوحيد الذي يصل مناطق سيطرة المعارضة في حلب بمناطق سيطرتها في ريفها.
أما في ريف حلب الشرقي الذي تتقاسم قوات النظام و"داعش" السيطرة عليه، تتواصل الاشتباكات بين قوات الطرفين في محيط منطقة تل ريمان وبلدتي الصبحية والصالحية، والمحطة الحرارية في ريف حلب الشرقي في محاولة من قوات النظام للتقدم في المنطقة، لفك الحصار عن مطار كويرس العسكري المحاصر من قبل عناصر التنظيم.
وتسود مناطق ريف حلب الغربي الذي تسيطر عليه المعارضة بالكامل، حالة من الهدوء، يعكّرها التحليق المستمر للطيران الروسي، الذي نفّذ حتى الآن، نحو أربع غارات جوية على مناطق في مدينة دارة عزة، استهدفت مناطق سكنية، وتسببت بمقتل أكثر من خمسة مدنيين بينهم أطفال. أما مناطق ريف حلب الجنوبي، فتشهد هي الأخرى هدوءاً كلياً، في ظل سيطرة المعارضة عليها، وعدم وجودها على لائحة أولويات قوات النظام حالياً.
اقرأ أيضاً: "داعش" يتقدّم شمال حلب بمساعدة النظام وروسيا