ربات المنازل في أميركا

06 اغسطس 2018
تلعب وطفليها (أندرو ليتشنستاين/ Getty)
+ الخط -
انتقلت للعيش في الولايات المتحدة الأميركية. وخلال هذا الانتقال، تغير دوري الجندري من امرأة عاملة منتجة إلى امرأة عاطلة من العمل بدوام عمل منزلي وأمومة كاملة. في البداية، لم أستوعب أنّ دوري الجندري قد تغير. اعتبرت الأمر في البدء مجرد إجازة طويلة الأمد، وتدريجياً تملكني خوف دفين. كان صعباً بالنسبة إلي استيعاب سبب هذا الرعب الحقيقي الذي تملكني بسبب "عدم العمل" وبالتالي عدم الإنتاج، ما استدعى مني تفكيراً طويلاً. لم أكن أنظر إلى عمل المنزل والأمومة كوظيفة لأنها، وبحسب ما بُرمجنا، لم تكن عملاً ذا أهمية أو قيمة، تماماً كما تنظر المنظومة العامة لهذا الدور الرعائي باعتباره دوراً بلا قيمة فتلصقه بالنساء.

بدأت أنظر من حولي بكثير من الفضول. أنظر إلى النساء في المتاجر والشوارع ووسائل النقل والحدائق. النساء اللواتي رأيتهن في الأماكن التي قصدتها، كن برفقة أطفال، ثلاثة أطفال على الأقل بأعمار متقاربة. سألت بعضهن عن نظرتهن لتمكين المرأة وأهمية انخراطها في سوق العمل. كان جوابهنّ أنّ خيار البقاء في المنزل قرارهن. أليس هذا ما نودّ الوصول إليه في النهاية؟ نساء متمكّنات من اتخاذ القرار؟ فكّرت في ما إذا كان قرارهن بالاختيار أم بالإجبار غير المباشر. هل قررن البقاء في المنزل بسبب غلاء كلفة جليسة الأطفال وتنظيف المنزل والحضانة وغيرها؟ هل يفضلن فعلاً الاهتمام بمنزل وأطفال، أم أن يكن منتجات في سوق العمل؟

المنظومة هنا لا تساعد النساء على تحقيق طموحاتهن بالعمل. كلفة الحضانات مرتفعة، كما راتب جليسة الأطفال. تفضل نساء كثيرات البقاء مع أطفالهن لتوفير هذه الكلفة على حساب مهنتهن أو طموحاتهن. وفي حال أراد الزوجان تقاسم المسؤوليات، تواجههم قوانين غير متكافئة مثل إجازتي الأمومة والأبوة على سبيل المثال.




الولايات المتحدة الأميركية من الدول القليلة التي تعطي إجازة أمومة غير مدفوعة الأجر باستثناء أربع ولايات تعطي نصف الأجر خلال مدة إجازة الأمومة التي تتراوح ما بين 6 و12 أسبوعاً. وأظهرت الأبحاث أن 43 في المائة من النساء العاملات يتركن سوق العمل حين يرزقن بأطفال. وكانت دراسة جامعة "ماساشوستس" قد أظهرت أن سنوات الإنجاب لدى النساء تتقاطع أو بالأحرى تتعارض مع سنوات تحقيق الطموح المهني. وبحسب الدراسة، فإن أجور النساء تتدنّى 4 في المائة مع كل طفل يلدنه.

القرار باستكمال الطموح المهني لدى النساء يجب أن يكون قراراً غير مشروط، ليكون قراراً متمكناً. النساء هنا يقررن، لكن قرارهن المشروط يجعل من سياق تمكين النساء فقاعة حقيقية، يظهر في سياقها الخارجي أن لديهن قرارا بالاختيار، لكن الحقيقة غير ذلك كلياً.

*ناشطة نسوية
المساهمون