صرح رئيس مجلس الأمن للشهر الحالي وسفير النيجر، عبدو أباري، بأنه لا ينوي حالياً اتخاذ أي خطوة إضافية تتعلق بالطلب الأميركي بإعادة تفعيل العقوبات على إيران.
جاءت تصريحات أباري، خلال مؤتمر صحافي عقده، مساء الثلاثاء، بمناسبة تولي بلاده رئاسة مجلس الأمن، لشهر سبتمبر/أيلول الحالي.
وقال في المؤتمر، إنّ الموقف الذي كان الرئيس السابق لمجلس الأمن، سفير إندونيسيا، قد أعلن عنه في هذا السياق "لم يأتِ بصفته الوطنية، بل بصفته رئيساً لمجلس الأمن"، مما يعني أنه لا يزال ملزماً كذلك لرئاسة النيجر، إن لم يطرأ أي جديد في هذا السياق.
وكان رئيس مجلس الأمن للشهر الماضي، السفير الإندونيسي ديان دجاني، قد قال خلال اجتماع للمجلس الأسبوع الماضي: "نرى أنه لا يوجد موقف موحد في مجلس الأمن حول الموضوع (طلب أميركا إعادة تفعيل العقوبات على إيران)، ولهذا لن يأخذ رئيس مجلس الأمن أي خطوات إضافية بخصوصه"؛ أي أنّ كلاً من رئيس مجلس الأمن السابق والحالي يريان أنه لا توجد ضرورة لاتخاذ أي خطوة لتقديم مسودة مشروع قرار تتعلق بالطلب الأميركي بإعادة فرض العقوبات على إيران، أو عقد اجتماع يناقش الطلب الأميركي بهذا الخصوص؛ لأن ثمة إجماعاً بين أغلب الدول الأعضاء في المجلس، على أنه لا يحق للولايات المتحدة تقديم إخطار بتفعيل تلك العقوبات، لأنها لم تعد عضواً في الاتفاقية التي انسحبت منها. وبموجب ذلك، فإن المجلس لن يقوم بخطوات إضافية.
لا ينوي المجلس اتخاذ أي خطوة إضافية تتعلق بالطلب الأميركي بإعادة تفعيل العقوبات على إيران، وسيتعامل معه وكأنه لم يكن
وكانت 13 دولة من أصل 15 دولة عضواً في مجلس الأمن، قد أعلنت عن مواقفها الرسمية والمتمثلة في أنه لا يحق للولايات المتحدة تفعيل بند العقوبات الذي ينص عليه قرار مجلس الأمن رقم 2231 للعام 2015؛ لأنها لم تعد طرفاً بالاتفاق النووي الإيراني، ولم تعد عضواً "في خطة العمل الشاملة المشتركة"، المتعلقة بالاتفاق، والتي يُسمح فقط للدول الأعضاء فيها بطلب تفعيل تلك العقوبات. وبهذا لا ترى تلك الدول الأعضاء أنه يمكن للمجلس اتخاذ خطوات إضافية.
وتتعلق هذه التصريحات بالسياق الأوسع والمرتبط بأحد بنود قرار مجلس الأمن رقم 2231، والذي يدّعي الجانب الأميركي أنه يعتمد عليه لإعادة تفعيل فرض العقوبات على إيران. وبموجب الفقرة الحادية عشرة من القرار؛ فإنّ أي دولة عضو في "خطة العمل الشاملة المشتركة" (ألمانيا وفرنسا وبريطانيا والصين وروسيا وإيران والولايات المتحدة، قبل انسحابها في مايو/ أيار 2018 من الخطة والاتفاق النووي الإيراني) ترى أنّ إيران خرقت تعهداتها حول الاتفاق وبشكل صارخ، يمكنها تقديم طلب لمجلس الأمن بتفعيل العقوبات.
وبناء عليه، يتعين على مجلس الأمن التصويت على مشروع قرار تضعه إحدى الدول الأعضاء في مجلس الأمن للتصويت، خلال ثلاثين يوماً من حصول مجلس الأمن على إخطار من تلك الدول الأعضاء بالخطة. وتشير الفقرة كذلك إلى أنه وفي حال لم تقدّم أي دولة عضو في مجلس الأمن، وخلال عشرة أيام من الإخطار مشروع قرار للتصويت؛ يتوجب على رئيس مجلس الأمن تقديمه للتصويت خلال الأيام الثلاثين التالية.
تصريحات كل من رئيس مجلس الأمن للشهرين السابق والحالي، تعني أنّ المجلس سيستمر بالتعامل مع الطلب الأميركي وكأنه لم يكن. وأكد سفير النيجر أن بلاده، كرئيس لمجلس الأمن، لم تتلقَ أي طلب من دولة أخرى لتقديم أي مشروع قرار للتصويت عليه في المجلس حول الموضوع.
رئيس المجلس: إن استمرار توريد السلاح والمقاتلين يؤثر سلباً على الأوضاع في ليبيا، كما يؤثر على الوضع عموماً الذي أصبح أكثر تعقيداً
ورداً على أسئلة لـ "العربي الجديد" حول الملف الليبي وتأثيره على بلاده، وحول عدم اختيار مجلس الأمن حتى الآن خلفاً لغسان سلامة كمبعوث للأمين العام لليبيا، الذي ترك منصبه في مارس/ آذار الماضي؛ قال سفير النيجر: "نشعر بالقلق مما يحدث في ليبيا والتطورات هناك. كما تعلمون فإنّ ليبيا لها حدود مع النيجر، وما يحدث هناك له أثر على بلادنا، ودول أخرى ومنطقة الساحل. وعلينا أن نولي الملف الليبي اهتماماً خاصاً، وعلى وجه التحديد ما تم الاتفاق عليه في مؤتمر برلين".
وأضاف: "وللأسف لم يتم احترام الاتفاقات التي تم التوصل إليها في برلين، في ما يخص منع توريد السلاح... إن استمرار توريد السلاح والمقاتلين يؤثر سلباً على الأوضاع في ليبيا والتوصل إلى حل، كما يؤثر على الوضع عموماً الذي أصبح أكثر تعقيداً، وخاصة في ظل استهداف المستشفيات والبنية التحتية وقتل الأطفال والنساء والمهاجرين والباحثين عن اللجوء".
وفي ما يخص تعيين مبعوث للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا، قال أباري: "هناك مباحثات مكثفة داخل مجلس الأمن لاختيار مبعوث للأمين العام إلى ليبيا، لأنه إذا أردنا أن نعطي فرصة للمسار السياسي فمن الضروري أن يكون هناك مندوب يمكنه أن يبلور التوافق الدولي والقضايا العالقة في ليبيا ويدعمها".
ولفت سفير النيجر ورئيس مجلس الأمن للشهر الحالي الانتباه كذلك إلى أنّ "الحل لما يحدث في ليبيا ليس بيد جيرانها، وربما حتى ليس بيد بعض الدول الأعضاء في مجلس الأمن. وإذا نظرنا إلى الدول التي اشتركت في مؤتمر برلين والتعهدات التي قطعتها وقارناها بما يحدث على الأرض؛ فإن الأمر مقلق للغاية، ولكنه كذلك معقد للغاية. هناك قوى مختلفة ومصالح عديدة، باختصار نحن في وسط هذا كله ووسط هذه الأوضاع المعقدة".
وأضاف: "لقد بدأت النيجر بعقد اجتماعات مع عدد من الرؤساء والفاعلين في ليبيا، ودول الجوار، ونحاول أن نتحرك بقدر ما يمكننا كجيران. وطلبنا أن يعقد الاتحاد الأفريقي لقاء للمصالحة بين الأطراف المختلفة في ليبيا، لكن ذلك يأخذ الكثير من الوقت، وهذه بعض التحركات المتاحة لنا كدولة، ولكن هناك الكثير خارج سيطرتنا... علينا أن نستمر برفع صوتنا. لا يمكن أن تستمر خروقات حقوق الإنسان، القتل. كفى! لأن الليبيين يريدون السلام وليس الحرب. إن ما يحدث من إغراق ليبيا بالسلاح والمقاتلين غير مقبول، ويهدد استقرار منطقة الساحل".
يذكر أن مجلس الأمن سيعقد جلسة مفتوحة، صباح اليوم الأربعاء بتوقيت نيويورك، للاستماع إلى إحاطة حول آخر التطورات في ليبيا، وهي من ضمن جلساته التي يعقدها بشكل دوري.