رئيس البرلمان الأردني لـ"العربي الجديد": مقاطعة الإسلاميين خسارة مزدوجة

26 يناير 2015
الطراونة: العمل الحزبي يحتاج إلى تغيير في الثقافة(العربي الجديد)
+ الخط -

يرى رئيس البرلمان الأردني، عاطف الطراونة، في حوار مع "العربي الجديد" أن المجلس خسر بمقاطعة الحركة الإسلامية للانتخابات النيابية، معارضة سياسية متوازنة، مشدداً في الوقت نفسه على أن الإسلاميين خسروا أيضاً نتيجة عدم المشاركة. الطراونة، الذي انتخب في 2013 بعد عامين من احتجاجات شعبية عارمة مطالبة بالإصلاح، يشدد على صعوبة استعادة الثقة الشعبية كاملةً بالسلطة التشريعية، لكنه يعتقد بصعوبة الحكم على أداء المجلس النيابي في ظل غياب استطلاعات الرأي المحايدة. ويشدد على أن المجلس يعمل ضمن توجهات إصلاحية ساهم الربيع العربي في وجودها.

جرى انتخاب مجلس النواب، السابع عشر، في أعقاب عامين من احتجاجات مطالبة بالإصلاح، كيف تبرر الغضب الشعبي على المجلس بعد عامين من انتخابه؟

- لا يمكننا إلا احترام جميع الآراء، فإن كنا نستمع لآراء تمدح المجلس وأداءه، فإننا لا بد أن نستمع أيضا للآراء التي تقول عكس ذلك. والحكم على أداء مجلس النواب يبقى جدلية لا يمكن حسمها تماماً إلا إذا اهتدينا لأرقام استطلاعات للرأي محايدة وعلمية ودقيقة. قد لا نكون موفقين بالوصول للأهداف بدقة وسرعة، وقد لا ننجح في استعادة الثقة الشعبية كاملة بالسلطة التشريعية، لكننا نبني من أجل ذلك، وعلى المجالس النيابية المقبلة أن تواصل العمل.

 هل تعتقد أن مجلسكم يعبّر عن المطالبات الإصلاحية خلال فترة الاحتجاجات؟

- مجلس النواب، السابع عشر، يعمل على تعظيم المنجزات الوطنية، واستطاع خلال العامين الماضيين إدخال تعديلات جوهرية على نظامه الداخلي تعزز العمل البرلماني. كما أقرّ المجلس خلال تلك الفترة، جملة من القوانين والتشريعات الهامة والإصلاحية، على غرار قانون المالكين والمستأجرين وقانون الكسب غير المشروع، فضلاً عن قانون منع الإرهاب. ومن المنتظر أن يناقش ويقرّ المجلس خلال الفترة المقبلة قوانين تمثل عصب تطوير الحياة السياسية في البلاد، والمتمثلة بقانوني الأحزاب والانتخاب.

 دعا الملك عبد الله الثاني في أكثر من مناسبة إلى تطوير عمل مجلس النواب، واستقرار أعراف العمل البرلماني، كمقدمة للوصول إلى تشكيل حكومات برلمانية، هل الحكومة البرلمانية تلوح في الأفق القريب؟

- رؤية الملك عبد الله الثاني متقدمة جداً، لكن برأيي هناك ظروف موضوعية تحول دون الإسراع في الوصول إلى الهدف الملكي المتمثل بتمثيل شعبي واسع لمجلس النواب، وأن تكون إفرازات الناخبين هي إفرازات سياسية وحزبية، تمهّد لوجود كتلتين في مجلس النواب، الأغلبية والأقلية، هذه تشكل الحكومة وتلك تجسد حكومة الظل أو مقاعد المعارضة.

 ما هي معوّقات الوصول إلى الهدف؟

- قانون الانتخاب هو ما يصعّب الوصول إلى هذا النموذج الإصلاحي، فالقانون يعوّق الوصول للهدف، ولدينا تجارب متراكمة تؤكد هذا الكلام.

 ينتظر أن يناقش، مجلسكم، خلال دورته الحالية قانوناً جديداً للأحزاب، على أن يناقش قبل نهاية مدته الدستورية قانوناً جديداً للانتخاب، حسب ما تعهدت الحكومة لكم مراراً، هل تعتقد أن القانونين عند إقرارهما سيشكلان نقطة تحول في الحياة السياسية الأردنية؟

- ما زال الجدل يسيطر على النخبة السياسية، فأي قانون يجب أن يسبق الآخر؟ هل تطوير قانون الأحزاب يطور قانون الانتخاب، أم أن على قانون الانتخاب أن يعزز الثقة بالأوساط الحزبية، ويدفع الناخبين تجاه انتخاب البرامج الحزبية وليس الأشخاص؟ الحكومة حسمت الجدل ودفعت بقانون الأحزاب قبل قانون الانتخاب وفقاً لرؤيتها.

إذاً نحن في ورطة، لكنّ رأيي، وما زلت متمسكاً به، أن قانون الانتخاب هو الصخرة المتينة التي نستطيع أن نبني عليها حياة سياسية إيجابية وصحية وديمقراطية. أما قانون الأحزاب مهما طورت في بنوده بما يشجع على تكوين الأحزاب ويسهل الانتساب لها، فإنك لن تأتي بالمواطنين للتسجيل فيه والانتساب له جبراً، فالعمل الحزبي يحتاج إلى تغيير في الثقافة أكثر منه في القوانين.

ما هو قانون الانتخاب الأفضل برأيك في ظل شبه الإجماع على أن قانون الصوت الواحد المعمول به منذ عام 1993، يجب أن ينتهي؟

- قانون انتخاب يتبنى مبدأ القوائم السياسية والحزبية، ويحصّن العملية الانتخابية بكل إجراءات النزاهة والشفافية، وتكون تعليمات الترشح على القائمة الوطنية تعليمات مصانة من شبهات الخطأ وسوء التقدير أو التجريب عن غير علم، مع المضي قدما بمبدأ زيادة عدد مقاعد القائمة الوطنية على حساب المقاعد الفردية للدوائر المحلية، من خلال هذا القانون سنكون أمام مجلس نيابي فيه حصة وازنة من العمل السياسي.

كيف تنظر إلى مقاطعة الحركة الإسلامية، جماعة الإخوان المسلمين وذراعها السياسية حزب جبهة العمل الإسلامية، انتخابات 2013 التي أفرزت مجلس النواب الحالي، ومقاطعتها انتخابات مجلس 2010، اعتراضاً على قانون الانتخاب، وبمبرر غياب أفق الإصلاح؟

- أنا لست مع المقاطعة السياسية، وأقولها للحركة الإسلامية، جماعة الإخوان المسلمين وحزب جبهة العمل الإسلامي، بأنهما ضيعا علينا الفرصة في التقدم نحو برامج الإصلاح الهادئ والمتدرج. قلتها وأعيدها، يجب أن يذهب الجميع للمشاركة السياسية، والزهد في العمل السياسي في مجلس النواب خطأ. فإن كان قرار مشاركتك في الانتخابات بموجب قانون الصوت الواحد خطأ، فإن قرار مقاطعتك للسلطة التشريعية لدورتين برلمانيتين هو خطأ أكبر.

هل ترى أن العمل البرلماني خسر نتيجة مقاطعة الحركة الإسلامية؟

-نعم، خسرنا بعدم مشاركتها، لكنها هي أيضاً خسرت مقاعدها، نحن خسرنا لأننا نفتقد المعارضة السياسية المتوازنة في مجلس النواب، والتي يمكن التحالف معها على أسس واضحة، وهي خسرت لأنها ضيعت على نفسها فرصة التمثيل في منبر تشريعي رقابي دستوري مهم.

الربيع العربي يعيش انتكاسة اليوم، هل تعتقد أن الربيع العربي، نجح أم أخفق، في الارتقاء بحياة الشعوب في جوانبها الاقتصادية والاجتماعية، وإطلاق الحريات العامة؟

بكل أسف أجيب بأنه أخفق. لقد بدأ الربيع العربي عفوياً، وبطريقة عبّرت عن طموح الشعوب العربية في التغيير السلمي، لكنْ ثمة أياد خفية عبثت بهذه الإرادة، وصرفتها في اتجاهات وقنوات خاطئة. وهنا لا أقول إن الشعوب أخطأت، بل أقول إن شبكة المؤامرات أحكمت سيطرتها على حراك الشارع وساعدت على الفوضى، ولم تساعد على التغيير نحو الأفضل. لقد ذهبنا جميعاً بحماس باتجاه الربيع العربي، لكن سرعان ما أصاب حركة الشارع النكوص، وبدأنا نشهد نزعات التطرف والدفع باتجاه التخريب وليس التغيير.

هل هذه إدانة ضمنية للربيع العربي؟

- ما قلته لا يدين فكرة ومبدأ الربيع العربي، لكن لا بد من وقفة مراجعة وتقييم، في سبيل استكمال برامج الإصلاح والديمقراطية في العالم العربي، على أسس من العدالة الاجتماعية وتدعيم أركان المساواة، وتحسين المستوى المعيشي للمواطن العربي، وفك لغز أزمتي الفقر والبطالة في دولنا.

كيف تأثر الأردن بالربيع العربي؟

- في الأردن مثّل الربيع العربي فرصة وليس تحدياً، فنحن تواقون إلى الإصلاح، الذي كان يتم إحباطه نتيجة الظرف الإقليمي من جهة، بالإضافة إلى قوى الشد العكسي المحلية التي من مصلحتها محاربة الإصلاح. جاء الربيع العربي ليحدّ الكثير من تلك المعوقات، ليساعد في صناعة الفرصة المناسبة للبدء بمشروع إصلاحي شامل مجدول زمنياً ومتدرج مرحلياً. لكن في جانب آخر، فإن حالة عدم الاستقرار من حولنا، ودخولنا في الحرب على الإرهاب، كل ذلك قد يؤدي إلى بطء برامج الإصلاح الشامل محليا، لكنه قطعاً لا يلغي فرص استمرارها.

تحدثت عن مشاركة الأردن في الحرب على الإرهاب، هل تأتي المشاركة في الحرب على "تنظيم الدولة الإسلامية" (داعش)، نتيجة خطر حقيقي يتهدد الأردن من قبل التنظيم؟

- الخطر موجود، و"داعش" يعادي كل من هو ليس إلى صفه، ونحن في الأردن نخوض الحرب ضده من منطلقات ثابتة، أولها الدفاع عن قيم الدين الإسلامي المعتدل، وليس آخرها حفظ أمننا الوطني وحفظ أمن الجوار والإقليم، بما يمثل من خطوط دفاع متقدمة لنا لصد الإرهاب والتطرف القادم من الانفلات الأمني في العراق وسورية.

يجري الحديث عن أن الفقر والبطالة قد يمثلان حاضنة للتنظيم، بحيث يولد في الداخل الأردني، ولا يأتي من الخارج؟

- لا أعتقد ذلك، فالمجتمع الأردني في غالبيته مثقف ومتعلم، وفي الوقت الذي أعتقد فيه أن مشكلتي الفقر والبطالة لن تؤديا إلى تفريخ حواضن للتنظيم، إلا أنني أدافع عن ضرورة إيجاد حل سريع لهذه المشاكل، قبل أن تتضخم وتستعصي على الحل. على الدول العربية مساعدة الاقتصاد الأردني، الذي يضغط عليه اللجوء السوري الذي بلغ مليوناً ونصف المليون لاجئ، إضافة إلى الفاتورة الأمنية الباهظة التي تدفعها المملكة، نتيجة وجود قواتنا المسلحة على طول الحدود الشمالية والشرقية والجنوبية، لحماية الأردن ودول الجوار من تمدد جيوب الإرهاب وخلاياه ومتطرفيه.

المساهمون