وأكدت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، مساء اليوم، في مؤتمر صحافي، أن الإقبال على الانتخابات الرئاسية في دورتها الثانية في تحسن مستمر، وهو أفضل من الانتخابات التشريعية والرئاسية.
وقال رئيس هيئة الانتخابات، نبيل بفون، الذي بدا متفائلاً، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "الإقبال يعتبر جيداً إلى حد الآن، ويمكن أن يتطور قبيل غلق مراكز الاقتراع"، مشيراً إلى أنه "تم تجاوز شبح العزوف، ويؤمل تجاوز نسبة الـ50 بالمائة".
وأفاد بفون بأن "الانتخابات تعتبر تجربة إيجابية في تونس"، وأن "جهود الهيئة لا يمكن إلا أن تترجم بالإقبال المكثف، وهو ما يؤكد أن تونس تسير في الطريق الصحيح"، مشيراً إلى أن "الهيئة لا تتردد في ذكر النقائص والإشارة إليها أيضاً".
وأفاد بأنه "يوجد 13,400 مكتب اقتراع، وطبيعي أن تحصل بعض النقائص في البعض منها، والهيئة تتلقى مخالفات، ولكنها عادية وفي مجملها بسيطة وليست بذات نسق وكيفية الخروقات في التشريعية، ولا في الرئاسية الأولى".
ولفت عضو هيئة الانتخابات عادل البرينصي، "العربي الجديد" إلى أن "نسبة الإقبال إلى حد الآن تعتبر إيجابية وشبه معقولة"، مبيناً أن "هذا الأمر يدحض ما قيل عن عزوف التونسيين والإشاعات التي تعمل على إحباط العزيمة".
وأوضح البرينصي أن فرز الأصوات سيبدأ في الثامنة مساء، والإعلان عن النتائج غدا الإثنين.
وكان البرينصي قد صرح، في وقت سابق لـ"العربي الجديد"، بأن النسبة بلغت 17,8 في المائة من إجمالي الناخبين المسجلين داخل تراب البلاد، الساعة 11.45.
وحتى تلك الساعة، استقرت نسبة المشاركة في حدود 15 في المائة في أغلب الدوائر، فيما كانت أعلى نسبة إقبال في محافظة تطاوين أقصى جنوب البلاد بـ21.7 في المائة. أما أضعف نسبة إقبال، فسجلت بمحافظة باجة شمال غربي البلاد.
ووصف عضو الهيئة، وقتذاك، نسبة إقبال الناخبين على التصويت بـ"العادية والمتوسطة" داخل تراب البلاد.
أما في ما يتعلق بدوائر الخارج، فأكد المتحدث ذاته لـ"العربي الجديد" أن النسبة "تعد مرتفعة مقارنة بالدور الأول للانتخابات الرئاسية وبالانتخابات التشريعية أيضاً".
وبلغت النسبة في الخارج 15 في المائة، وحققت دوائر فرنسا أعلى نسبة إقبال، فيما ظلت دائرة إيطاليا الأقل إقبالاً على غرار التشريعية والدور الأول للرئاسية.
وفي السياق، أثار ضعف حضور ملاحظي المترشحين والمجتمع المدني في مراكز الاقتراع استياء عدد واسع من الناخبين، بلغ حد رفض البعض أداء واجبهم الانتخابي، احتجاجاً على ذلك، وخوفاً من تزوير ورقة التصويت.
وأقرت منظمات مختصة في الشأن الانتخابي بوجود نقص في عدد الملاحظين. ووضعت المنظمات، لصالح الناخبين، أرقاماً للاتصال بها والإعلام عن المراكز التي تخلو من الملاحظين.
ومنذ انطلاق عملية التصويت، لوحظ جلياً انخفاض عدد المراقبين الممثلين للمترشحين للدور الثاني قيس سعيد ونبيل القروي، إضافة إلى ضعف وجود ملاحظي المجتمع المدني.
وإذ يعد التونسيون حضور المنظمات في مراكز الاقتراع ورقابتها على العملية الانتخابية من ضمانات النزاهة والشفافية، وحاجز صد ضد أي محاولات لتزوير الانتخابات، فإن غياب ممثليها أثار موجة من الاستنكار.
ورفض بعض الناخبين، في مركز اقتراع في ضاحية المرسى بالعاصمة، التصويت، خشية التلاعب بأوراق التصويت، فيما اشتكى ناخبون في محافظة أريانة من تواصل عملية توجيه الناخبين داخل مراكز الاقتراع، معتبرين أن ذلك لم يكن ليحصل لولا غياب المراقبين.
ووسط تأويلات كثيرة حول هذا النقص، ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بالأسئلة وبصور المخالفات التي وقعت داخل مكاتب الاقتراع، من بينها وجود أشخاص في الخلوة مع الناخبين المسنين وتصوير ورقات التصويت، وتواصل عملية التوجيه في مراكز الاقتراع، ومنع أنصار مترشح معين من الدخول إلى مكتب الاقتراع والقيام بواجبه.
وطالب الناخبون المنظمات بتعزيز حضورها ومراقبة سير العملية، حتى لا يُشكَّك في نتائج الانتخابات.
من جانبه، اعتبر نائب رئيس منظمة "عتيد" لنزاهة الانتخابات بسام معطر، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن ضعف حضور الملاحظين يعود إلى عدة عوامل، أولها التخفيض في عدد الملاحظين المعتمدين، الناجم عن إغلاق الهيئة لباب الاعتماد قبل أسبوع من يوم الاقتراع، ما حرم المنظمات تقديم طلبات اعتماد.
وأضاف أن كلفة توفير الملاحظين باهظة، ولا تقوى المنظمات على سداد أجورهم ونفقاتهم على امتداد ثلاث محطات انتخابية، لذلك خفضت الجمعيات من عددهم اقتصاداً في التكلفة من جهة، ولأن الدور الثاني من الرئاسية يخوضه مترشحان فقط، ما يعني أن عبء الرقابة والمخالفات سيكون أقل بكثير من جهة أخرى.
وفسّر معطر لـ"العربي الجديد" أن ملاحظي المترشحين قيس سعيد ونبيل القروي سجلا بدورهما غياباً في العديد من المراكز، ما من شأنه أن يؤثر بنزاهة الانتخابات والمناخ العام لإجرائها، ولا سيما أن عدداً من الناخبين رفضوا أداء واجبهم الانتخابي لانعدام ثقتهم بسلامة العملية.
الغنوشي للتونسيين: صوتوا
إلى ذلك، أكد رئيس حركة "النهضة" راشد الغنوشي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "على التونسيين أن يخرجوا من بيوتهم ويشاركوا بكثافة في التصويت اليوم الأحد، إذ لا يجب أن يفوتهم شرف الاقتراع"، مضيفاً أن "هذا الأمر واجب، ويعتبر تتويجاً للمسار الديمقراطي، ولا بد من اختتام الانتخابات بنجاح".
وقال الغنوشي، خلال إدلائه بصوته في مركز الاقتراع بمدرسة نهج القيروان، إنه متفائل بمستقبل تونس بعد إنهاء الجولات والمحطات الانتخابية، سواء في التشريعية، ثم بعد المرور إلى الدور الثاني من الرئاسية، مشيراً إلى أن "تونس دولة ديمقراطية، والانتخابات جرت في ظروف طيبة، وكانت شفافة ونزيهة، وهي في الحقيقة تتويج لمسار كامل".
وبيّن رئيس "النهضة" أن "هذه السنة تعتبر سنة التخرج للديمقراطية، وسيتم مواجهة تحديات جديدة، بما يوفر الكرامة للتونسيين والحق في التنمية والحقوق".
وأفاد بأن حزبهم انطلق في مشاورات من أجل التحالفات المقبلة، مبيناً أن "هذه المشاورات ستكون مع أغلب الأحزاب والأطراف السياسية التي نجحت في ضمان تمثيلية في البرلمان".
وأضاف أن "النهضة" هي المعنية باختيار رئيس الحكومة، ولكنها تفضل أن تجري مفاوضات في هذا الشأن، مشيراً إلى أنه "سيتم بعد ذلك تحديد المرشح الأنسب".
وحول غياب الملاحظين عن بعض مكاتب الاقتراع، ردّ بأن "هذا الأمر لا يمسّ جوهر العملية الانتخابية ولا الديمقراطية".