ذوو شهداء فلسطينيون يطالبون بجثامين أبنائهم المحتجزة لدى إسرائيل

27 اغسطس 2019
إحياء اليوم الوطني لاسترداد جثامين الشهداء الفلسطينيين(العربي الجديد)
+ الخط -


ثلاث أمهات من قرية دير أبو مشعل شمال غرب رام الله وسط الضفة الغربية، لا يفوتهن اعتصام أو تجمع يطالب باسترداد جثامين الشهداء إلا ويكنّ أول المشاركات فيه. فأمهات الشهداء الثلاثة عادل عنكوش، وأسامة عطا، وبراء عطا، مكلومات منذ 16 يونيو/ حزيران 2017، لأن جثامينهم محتجزة في ثلاجات الاحتلال الإسرائيلي، أي منذ أن استشهدوا في مدينة القدس.

وسط رام الله حضرن وحولهن عدد من ذوي الشهداء، أتوا لإحياء اليوم الوطني لاسترداد جثامين الشهداء والكشف عن مصير المفقودين، الذي يحييه الفلسطينيون في 27 أغسطس/آب من كل عام، ووسط الاعتصام حمل النشطاء نعشا رمزيا، دلالة على الحق بدفن الشهداء في بلداتهم، وفق شرائعهم الدينية.

تقول آمنة عطا، والدة الشهيد أسامة عطا لـ"العربي الجديد": "إن ابنها دخل في السنة الثالثة من الاحتجاز، تلك سنوات صعبة في حياتي، خصوصا أنه محتجز لدى الاحتلال في صقيع الثلاجات". وتتساءل: ما الأصعب من أن يكون ابنك في ثلاجة؟ لا تستطيع أن تراه، أو تحتضنه أو تدفنه على الطريقة الإسلامية؟ لا أتخيل كيف سأراه بعد عامين أو ثلاثة، كيف سيكون شكله بعد هذه السنين بالثلاجة؟

وتضيف عطا أن "الإجراءات في محاكم الاحتلال لمحاولة استرداد الجثامين متوقفة منذ قرابة العام، لكنني سأواصل المشاركة بكل جهد مهما كان من أجل المطالبة باسترداد الجثامين".

أما فطوم عبد الواحد، والدة الشهيد براء عطا، فكانت رسالتها موجهة للشارع الفلسطيني والمسؤولين الفلسطينيين إضافة إلى مؤسسات حقوق الإنسان المحلية والدولية. وتساءلت في حديثها لـ"العربي الجديد"، لماذا نحن وحدنا في الشارع؟ أريد أن أسأل أي مسؤول، لو أن ابنه في الثلاجة ليلة واحدة، هل يقبل بذلك؟

وتشعر عبد الواحد بتقصير المؤسسات الحقوقية، وتطالب بوضع ملف الجثامين المحتجزة كأولوية فلسطينية. وعن حال أسرتها خلال العامين الماضيين قالت: "حين نعرف أنهم بالثلاجات نبقى في حيرة من أمرنا، ماذا نفعل؟ وكيف ننام؟.


مطالبة مستمرة بجثامين الأبناء دون نتيجة (العربي الجديد) 

خلال الاعتصام الذي جمع عددا من أهالي الشهداء وسط رام الله، قال رئيس مجلس إدارة مركز القدس للمساعدة القانونية أمين عنابي، بكلمة ألقاها باسم الحملة، إن "سلطات الاحتلال صعدت سياساتها في التعامل مع جثامين الشهداء تلبية لشهوات الانتقام، التي لا تكتفي بهدم منازل أسرهم بل تحاول الدوس على أبسط مشاعرهم الإنسانية وأبسط حق لكل إنسان، أن يدفن بما يليق بكرامة الإنسان التي كرمها الخالق وكل الديانات السماوية والوضعية".

وعن تطورات ملف جثامين الشهداء المحتجزين لدى الاحتلال، قالت منسقة الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء والكشف عن مصير المفقودين، سلوى حماد لـ"العربي الجديد": "منذ العام الماضي، وتحديدا 17/7/2018، عقدت جلسة محكمة تابعة للاحتلال، للنظر في قضية استرداد جثامين الشهداء، ومنذ ذلك التاريخ وحتى اليوم لم يصدر أي قرار عن هذه المحكمة، ولم يتم تحديد جلسة أخرى للنظر فيها، بل وإن ملفات الشهداء التي نتوجه فيها للمحكمة العليا الإسرائيلية لاحقا، يتم ضمها لقرار القضية المجمدة، والتي لم ينتج عنها شيء حتى اللحظة".

منشدات للتدخل السياسي للضغط على إسرائيل في هذه القضية (العربي الجديد) 

بحسب حماد، فإن الملف القانوني متوقف، والحملة متجهة لتفعيل مناصرة دولية قوية بجانب الفعل الشعبي والجماهيري. في ما كشفت عن اجتماع عقد أمس الاثنين، مع وزارة الخارجية الفلسطينية، تم تسليمها ملفا من قبل عائلات الشهداء، يتحدث عن قضية الجثامين بشكل مفصل، وطالبوا الوزارة بتدويل قضيتهم وأن تاخذ الدبلوماسية الفلسطينية دورها في هذا الموضوع.

ومن المقرر أن ترسل الخارجية الفلسطينية حسب حماد، شكاوى للمقررين الخاصين في مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان وأول تلك الشكاوى سيكون ملف الشهيد الطفل نسيم أبو رومي الذي قتله جنود الاحتلال عند باب السلسلة، أحد أبواب المسجد الأقصى، في 16 أغسطس الجاري.
جرائم إسرائيل لا تتوقف (العربي الجديد) 

وتواصلت الفعاليات في مختلف مدن الضفة الغربية وشارك فلسطينيون في وقفات تضامنية تطالب بتحرير جثامين الشهداء المحتجزة لدى سلطات الاحتلال الإسرائيلي، ولبوا دعوة الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء، والتجمع الوطني لأهالي الشهداء، لإحياء اليوم الوطني لاسترداد جثامين الشهداء المحتجزة لدى الاحتلال الإسرائيلي.

وفي مدينة نابلس شمال الضفة الغربية حمل المشاركون صور عدد من الشهداء المحتجزين سواء في مقابر الأرقام أو في ثلاجات الموتى لدى الاحتلال، بعد أن نفذوا عمليات فدائية ضد أهداف إسرائيلية.

وقال ممثل الحملة الوطنية في نابلس، ساهر صرصور لـ"العربي الجديد": "إن الحملة تسعى لنقل هذا الملف إلى المحافل الدولية نظرا لحساسيته البالغة، في ظل إصرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي على مواصلة احتجاز جثامين الفلسطينيين بعد قتلهم، كشكل من أشكال العقاب الجماعي، وإلحاق أكبر ضرر نفسي بعائلة الشهيد".

احتجاز جثامين الشهداء عقاب جماعي لأسرهم ومجتمعهم (العربي الجديد) 

وأوضح صرصور أن الحراك الشعبي هام في إثارة هذا الملف وإبقائه ساخنا، لكي يضغط على الجهات الرسمية الفلسطينية لإيلائه الاهتمام المطلوب، على أمل "تدويل" ملف احتجاز جثامين الشهداء، ونقله إلى المحافل الدولية، وتحشيد الرأي العام العالمي ضد هذه الجريمة الإسرائيلية المتواصلة.

ويصل عدد جثامين الشهداء المحتجزة لدى الاحتلال الإسرائيلي بحسب توثيق الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء الفلسطينيين إلى 304 شهداء منهم 253 شهيدا دفنوا في مقابر الأرقام واستشهدوا قبل عام 2015، أما البقية فقد استشهدوا بعد عام 2015 وبقي 47 منهم محتجزين في ثلاجات الاحتلال و4 آخرون دفنت جثامينهم في مقابر الأرقام، وهم: عبد الحميد أبو سرور، محمد الفقيه، محمد الطرايرة، ورامي العورتاني.

وتضم الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء عدة مؤسسات حقوقية تعنى بهذا الملف، وهي: مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان، هيئة شؤون الأسرى والمحررين، مؤسسة عدالة، ومؤسسة هموكيد الإسرائيلية.