ذكريات مواطن يمني مطحون

28 مايو 2018
+ الخط -
تقدم أوراقك في بلاد الغربة لموظف حكومي، يراجع بياناتك بعناية شديدة ويقف عند الجنسية، يسألك باهتمام: هل أنت من اليمن؟.. تنحدر دمعتان من عينيك، فترد عليه بشغف وحنين: نعم من اليمن!

تأخذك اللحظة، تبدأ بالتفكير فيما سوف يقول لك: هل أنت من اليمن الذي قتل وجرح فيه عشرات الآلاف من المدنيين؟ هل أنت من اليمن الذي يعاني فيه حوالي ثمانية ملايين من المجاعة؟ هل أنت من اليمن الذي يعاني فيه أكثر من عشرين مليونا من سوء التغذية؟ هل أنت من اليمن الذي فيه مليون شخص مصاب بالكوليرا؟ هل أنت من اليمن الذي فيه أكثر من ثلاثة ملايين نازح؟ هل أنت من اليمن الذي فيه أكثر من مليون موظف حكومي، بلا رواتب منذ عشرين شهرا؟

تتوقف عن كل التوقعات، عندما يلتفت إليك ويبتسم ويبادرك بالقول: أرجوك لا تعتبر سؤالي التالي إهانة: أين تقع دولة اليمن هذه؟ هل هي في أفريقيا أم قريبة من الصين؟!

تنشق الأرض وتشعر أنها تبتلعك مرات عديدة، تصمت كصمت القبور، تبلع ريقك وتمسح دمعات تحجرت في عينيك! تقول له: الإجابة الأولى صحيحة، قريبة جداً من أفريقيا!

تغادر بذهول شديد، بعدما تشكره على مساعدته لك في إكمال الإجراءات!
416AFB88-522C-4A13-9A99-8C88FD64CFAD
أنور البريهي

ناشط يمني وطالب دكتوراه تخصص إعلام.. حر ومستقل وحيادي، لم ولن أنتمي لأي فصيل أو تيار أو حزب سياسي، ولا أقدس الأفراد، خصوصا رجال السياسة، ولا أهتم ولا أكترث لانتماءات الآخرين الدينية أو العرقية أو الاجتماعية أو السياسية.

مدونات أخرى