عراقيون في ذكرى مذبحة ملجأ العامرية: 29 عاماً على إفلات الجناة

13 فبراير 2020
آثار مذبحة ملجأ العامرية في بغداد (جيسون فلوريو/Getty)
+ الخط -
يتذكر العراقيون اليوم الخميس، مرور 29 عاماً على مذبحة ملجأ العامرية في العاصمة بغداد، والتي نفذتها طائرات أميركية، وأسفرت عن مقتل المئات، وبينهم أكثر من 300 طفل وامرأة خلال حرب الخليج الأولى عام 1991.

ولا يزال الملجأ المنكوب مقصدا للزوار، وزينت جدرانه وباحاته بصور الضحايا، ومقتنياتهم، كما مازالت آثار الصواريخ التي اخترقت سقفه ماثلة للعيان، ويستعيد العراقيون تفاصيل المذبحة كل عام وسط أسئلة حول عدم محاسبة المنفذين، وإفلات الجناة من العقاب.
في الساعة الرابعة من فجر يوم 13 فبراير/شباط 1991، قصفت مقاتلات أميركية الملجأ المخصص لاستقبال سكان العاصمة بغداد خلال الأزمات، وهو واحد من مجموعة ملاجئ شيدتها شركات غربية إبان الحرب العراقية الإيرانية، وكان الملجأ يضم مئات الأسر العراقية التي انتقلت من منازلها إليه للاحتماء من القصف الشديد على بغداد آنذاك.

فقدت خالدة أحمد (56 سنة) والدتها وشقيقاتها الثلاث وأطفالهم، وهي تقطن اليوم على مقربة من الملجأ، وتحرص على تلاوة الفاتحة كلما مرت إلى جواره. وقالت لـ"العربي الجديد"، إنها لم تذهب هذا العام إلى الملجأ لأن آخر زيارة تسببت لها بانهيار عصبي، وارتفاع في ضغط الدم ونوبة من البكاء المتواصل.
وأضافت: "كنت قد تزوجت للتو، وانتقلت إلى بيت زوجي القريب، واتصلت بي أمي على الهاتف الأرضي قائلة: سنذهب إلى الملجأ لأن أخواتك خائفات من القصف"، وتؤكد أن ألمها متفاقم لأن الجناة ما زالوا طلقاء، ولم ينالوا جزاءهم.

من يقتص لضحايا مذبحة ملجأ العامرية؟ (سكوت بيترسون/getty) 

بدوره، يقول علي عبيد المشهداني الذي فقد عائلة شقيقه كاملة، لـ"العربي الجديد"، إن إمام الجامع قال في دعائه عقب الصلاة اليوم: اللهم أغفر لأهل العامرية صغيرهم وكبيرهم. رجالهم ونساءهم، فأجهش بالبكاء، ومثله كل الحاضرين، وتابع "هذا الجرح من ضمن جروح كثيرة أصابتنا".

وكان العقيد المتقاعد سعد العبيدي أحد المشاركين في إجلاء الضحايا ضمن قوة الدفاع المدني خلال المذبحة، وتحدث عن اللحظات الأولى لوصوله إلى المكان، موضحاً أنهم اضطروا لإحداث فتحات في سقف الملجأ للدخول، عسى أن يتم العثور على ناجين، لكنهم فوجئوا بأن الجثث كانت متفحمة بفعل الحريق الناتج عن القذيفة.
وأضاف أن "مشهد الأمهات الممسكات بأطفالهن، والأشلاء والدم على الجدران لا يمكن أن يمحى من ذاكرتي، وأحد أفراد الدفاع المدني كانت أسرته داخل الملجأ، وأمر المسؤول بإبعاده عند بدء استخراج الجثث، لكنه تعرّف على إحدى بناته. كان موقفاً رهيباً، وقد توفي بعدها بعدة أسابيع".


واستهدف الملجأ بواسطة صاروخين، اخترق الأول السقف المحصن، ونفذ الثاني إلى داخله ما أدى إلى مقتل 408 أشخاص، من بينهم 261 امرأة و52 طفلاً، كما لقي 26 مواطناً عربياً حتفهم، أغلبهم مصريون وفلسطينيون.
وحاولت الإدارة الأميركية تبرير الجريمة بأن الملجأ مقر عسكري، لكن انتشار صور المأساة في وسائل الإعلام اضطر البنتاغون للاعتراف بأنه قصف عن طريق الخطأ، وأوردت صحيفة "صنداي تايمز" بعد القصف بأربعة أيام تصريحا لمصدر في البنتاغون وصفته بالرفيع، اعترف فيه بارتكاب خطأ، مرجعا ذلك إلى معلومات صنفته ملجأ عسكريا.