ذكرى ريجيني.. عن قتلة الباحثين

04 فبراير 2017
(غرافيتي عن ريجيني في القاهرة)
+ الخط -
في الثالث من شباط/ فبراير من السنة الماضية، جرى الإعلان في مصر عن العثور على جثة الباحث الإيطالي جوليو ريجيني الذي اختفى في زحمة الاحتفال بالذكرى الخامسة لثورة 25 يناير. حادثة أثارت الكثير من التأويلات خصوصاً أن التشريح أثبت أن الشاب الإيطالي قد تعرّض للتعذيب قبل أن يُلقى به جثة هامدة في الطريق.

إذا كانت القضية قد نُسيت تقريباً في مصر، والعالم العربي، فإن أسرة وأصدقاء ريجيني لا يزال يطالبون حكومتهم بتقديم أجوبة معقولة في الوقت الذي بدت فيه التحقيقات في مصر تتقدّم باحتشام.

تتفاعل القضية أيضاً من زاوية أخرى، حيث أثار الباحثان الألمانيان شتيفان رول ولارس بروزوس في مقال لهما نشر مؤخراً (وقام موقع "قنطرة" بترجمته) هذه القضية مجدّداً، وتناولا فيه حدود البحث العلمي في مصر.

المقال يشير بوضوح إلى أن ثمة أدلة دامغة على تورّط جهات رسمية في اختفاء ريجيني أولاً ثم موته، إذ أنه اختفى في قلب القاهرة التي كانت يومها تحت حراسة أمنية مشدّدة، كما أشارا إلى أن حقوقيين مصريين أكدوا بأن علامات التعذيب على جسده "تحمل توقيع قوات الأمن المصرية". انطلاقاً من ذلك يذهب الباحثان إلى أن ريجيني كان متابعاً من المخابرات المصرية، التي وجدت في أبحاثه ما يثير الشبهات، وهو الذي يشتغل على ملف شائك هو الحريات النقابية في مصر.

هنا، يشير كل من رول وبروزوس إلى أن ما حدث يتضمّن رسالة للباحثين والأكاديميين في مصر، ويذكّران أنهم ليسوا فقط معرّضين لاعتداءات الشرطة بل من أي كان حيث يجري تشويههم، خصوصاً بتهمة الجوسسة.

يقودنا هذا التحليل إلى التساؤل عن وضع البحث العلمي عموماً في مصر، وربما في مجمل البلاد العربية. فإذا كانت التضييقات الأمنية وسيلة لقمع باحث أجنبي، فإننا يمكن أن نتحسّس جريمة أكبر وأوسع في حق الباحث العربي، الذي تُقتل أمامه كل فرصة للبحث بداية من برامج التدريس وصولاً إلى المشرفين على أبحاثه في الجامعة.

المساهمون