ذكرى رحيل عبد السلام النابلسي... المُضحك الحزين

05 يوليو 2019
ولد في بيروت عام 1899 (فيسبوك)
+ الخط -
تتساءل أمل فؤاد عريان في كتابها "الضاحكون الباكون" عن سبب ابتسامنا عندما يأتي ذكر اسم عبد السلام النابلسي وحسن فايق وزينات صدقي وماري منيب، وتستخلص أنّ المعاناة كانت سرّ بريق هذه الأسماء وتميزها؛ فالإنسان الذي لا يعرف معنى الحزن، لا يعرف كيف يضحك لينجح في إضحاك الآخرين.

يصادف اليوم ذكرى وفاة الممثل الكوميدي الشهير فلسطيني الأصل عبد السلام النابلسي الذي ولد في بيروت عام 1899، وكان جده قاضي نابلس الأول وكذلك أبوه. وكان من المتوقع أن يخوض في مجال العلوم الشرعية نظرًا لانتمائه لهذه العائلة، فقد حفظ القرآن الكريم وقرأ الكثير في العلوم الدينية، إلا أنّ هذا لم يمنعه من إجادة اللغة الفرنسية في لبنان.

وحين أتمّ سن الـ 20 أرسله والده إلى القاهرة كي يلتحق بالأزهر الشريف، لكنه بدأ حياته العملية في مصر صحافيًا في عدة دوريات أدبية، كـ "اللطائف" المصورة و"الصباح" وغيرهما، قبل أن تكتشفه المنتجة اللبنانية آسيا داغر وتقدمه للسينما.

وبدأ النابلسي مسيرته السينمائية بالفيلم الصامت "غادة الصحراء" سنة 1929 للمخرج التركي الأصل وداد عرفي، ثم "وخز الضمير" سنة 1931 للمخرج الفلسطيني الأصل إبراهيم لاما. وعمل مساعد مخرج في العديد من الأفلام حتى نهاية الأربعينيات. كما اشتملت رحلته السينمائية في مصر على مشاركته في بطولة أفلام مع مجموعة من النجوم، أبرزهم فريد الأطرش وعبد الحليم حافظ وإسماعيل ياسين.

وكانت كوميديا النابلسي ذات مذاق خاص اعتمدت بشكل أساسي على الانفعال واللعب على نبرات الألفاظ والمخارج الصوتية المميزة، وتخصص كثيرًا في أدوار الفتى الأرستقراطي المتكلف، كما تميز في أداء الأدوار المساعدة، أو "السنيد" صديق البطل ورفيقه الناصح له.



ومرّ النابلسي بفصول قاسية من الألم والمعاناة التي صاحبته حتى وفاته. وأما مأساته الرئيسية في مصر فكانت بسبب تراكم الضرائب عليه حتى بلغت 13 ألف جنيه، ثم تعثره في السداد، إلى أن اضطر إلى الرحيل عن مصر سنة 1962. إلا أنّ أوضاعه المادية تحسنت كثيرًا في بيروت، وأسس سنة 1963 شركة إنتاجه الخاصة التي أحدثت نشاطاً سينمائيًا ملحوظًا في لبنان، لكنه سرعان ما تعرض لنكسة مالية أخرى، حين أفلس البنك الذي وضع فيه ثروته كلها، فعاد فقيرًا مهمومًا مريضًا.

ولم يتزوج النابلسي حتى وصل الـ 60 من عمره، ولذا اشتهر بلقب "أشهر عازب في الوسط الفني"، قبل أن يحب فتاة تدعى جورجيت سبات، ويتزوجها من دون علم أسرتها، مما عرضه لبعض المشكلات والمناوشات العائلية.

وأخفى النابلسي عن المحيطين به في سنواته الأخيرة أنه يعاني مرضًا في القلب، خوفًا من عزوف المنتجين والمخرجين عن الاستعانة به، ولم يُعرف هذا الأمر إلا بعد وفاته في 5 يوليو/ تموز عام 1968، حين مات معدمًا، ولم تجد زوجته ما تنفقه على جنازته، ولكن صديقه الحميم فريد الأطرش تكفل الأمر. 

المساهمون