ذكرى ثورة القرنفل... عندما يكون للكلمة وقع الرصاص

23 ابريل 2018
+ الخط -
في 25 من إبريل/ نيسان 1974 بثت إذاعة ريناسنسا مع حلول منتصف الليل أغنية "غراندولا مدينة سمراء" المحظورة من قبل نظام سلازار إعلاناً عن قيام انتفاضة شعبية لإطاحة النظام الديكتاتوري والانتقال إلى نظام ديمقراطي حر في البرتغال..

أغنية شحذت همم الآلاف من أبناء الشعب المناضل -بتخطيط من القوات العسكرية خاصة من  شباب ضباط البحرية- فخرجوا في أشكال سلمية وملأوا ساحات لشبونة يلوّحون بأزهار القرنقل، يطوقون بها أعناق الثوار ويزينون بها فوهات الدبابات وماسورات البنادق فكانت من أرقى الثورات التي عرفتها الإنسانية..

ثورة سلمية بانقلاب عسكري أبيض تمت بمفتاحين رمزيين طبعا في وجدان البرتغاليين: أغنية غراندولا المدينة السمراء للمغني المشهور بنضاله الفني زيكا أفونسو، كلمة السر وإشارة الانطلاق المتفق عليها لانتشار القوات العسكرية والسيطرة على أجهزة الدولة، وزهرة العشق زهرة نيسان القرنفل رمز الثورة الأبدي.


تدعو أغنية "غراندولا مدينة سمراء" إلى الإخاء والصداقة والمساواة في الحقوق التي يجب أن يتمتع بها كل مواطن، تعبر عن الاستعداد للتضحية، عن تلبية نداء الوطن، تؤكد أن السيادة وطنية بيد الشعب وحده كما الإرادة وحرية الاختيار، وليست ملك شخص بعينه ينعم بها من يشاء وقتما يشاء:

غراندولا، مدينــة سمــراء
أرض الإخـــاء
الشعب الذي بيده الحُكم
في داخلك أيتها المدينة،
في كل زاوية، صديق
في كل وجه، مساواة
و في ظلّ شجر البلوط
الذي يجهل عمره
أقسمت أن أتخذك رفيقتي

والقصيدة كما سبق لأحد رواد تيار التجديد الموسيقي خوسي أفونسو أو زيكا أفونسو كما لقبه أبناء البرتغال، عضو الحزب الشيوعي كتب وأنشد مجموعة من أغاني الحرية أو الثورية التي تدعو لمقاومة القمع والاستبداد المتمثل آنذاك في نظام سلازار، أخذ شهرة كبيرة واعتبر رمزا من رموز الحرية لنضاله وصموده أمام مختلف المضايقات والمتابعات التي تعرض لها فترة من حياته.

ومن قصائده المشهورة التي ما يزال البرتغاليون يتغنون بها لليوم، قصيدة بعنوان: "مصاصو الدماء" يقول فيها:

في السماء الرمادية
تحت النجمة الصامتة
في الليل الساكن
يأتون في عصابات
على أطراف أصابعهم
يمتصون الدم الطازج
للقطيع
وإذا خدع أحد
بـأساليبهم الجادة
وفَتح لهم بابه
عند قدومهم
سيأكلون كل شيء
سيأكلون كل شيء
سيأكلون كل شيء
لن يتركوا شيئا

وحتى اليوم، ما تزال أغاني زيكا أفونسو محافظة على نفسها الثوري ووظيفتها النضالية التي تتجدد تلقائيا مع كل احتجاج شعبي كأداة للرفض والغضب، وما ينفك عدد من المواطنين في كل مناسبة يعبرون عن أسفهم لضياع المبادئ الأولى التي قامت عليها ثورة القرنفل.
دلالات