15 نوفمبر 2024
دولتان، دولة، دويلات
تعود التسوية السياسية للقضية الفلسطينية إلى الواجهة، لكن هذه المرة من منطلقات مختلفة تماماً عما كان سائداً، إذ إن مفاهيم جديدة في طريقها إلى التبلور لتوضيح المسار الذي قد تسير فيه العملية التفاوضية، في حال قدّر لها أن تعود مجدّداً إلى دائرة الاهتمام الدولي عموماً، والأميركي خصوصاً. العنوان الأبرز لهذا المسار هو وفاة فكرة "حل الدولتين". الأمر بات شبه منتهٍ بالنسبة للإدارة الأميركية الجديدة، حتى لو كانت هذه الوفاة لا تعجب الدولة الغربية الأخرى، الأوروبية تحديداً التي تحاول لعب دور في العملية السياسية، فمواقفها غير ذات جدوى في ظل الرعاية الأميركية الحصرية لما يسمى "العملية السلمية". ومع وصول دونالد ترامب إلى الحكم في الولايات المتحدة، وفي المواقف التي يصدرها، فإن كل الحديث عن الانكفاء الأميركي في السنوات المقبلة ذهب أدراج الرياح، وكل الآمال الأوروبية والروسية بتعبئة الفراغ الأميركي ضاعت، في ظل التوجهات الجديدة للولايات المتحدة.
توجهات تحمل كمّاً هائلاً ممّا يمكن أن يطلق عليه "الجنون الدبلوماسي" الذي قد لا يقف عند حدود القضية الفلسطينية، على الرغم من أهمية الكلام الذي قيل، في المؤتمر الصحافي المشترك بين دونالد ترامب وبنيامين نتنياهو. كلام من الواضح أنه يربط العملية السلمية بملفاتٍ أخرى، في مقدمها "الخطر الإيراني" الذي يبدو أنه سيكون شاغل الإدارة الأميركية في المرحلة المقبلة. هذا ما يمكن قراءته بين سطور حديث نتنياهو عن تقارب إسرائيلي مع دول عربية، وما لمّح إليه ترامب عن تكوين تحالفٍ جديد ممكن في المنطقة.
غير أن هذا الكلام، وهذه التحضيرات لا تزال في بدايتها، ولا شيء محسوماً بالنسبة لها، إلا أن ما هو محسوم الآن هو الشكل الجديد لـ"الحل السلمي" للقضية الفلسطينية. شكل لا أحد يعرف ما هو، فإذا كان حل الدولتين انتهى عملياً، ما هي الخيارات المتاحة، وأي شكل للحل سيكون عليه الواقع الفلسطيني في المستقبل. هل حل الدولة الواحدة هو المطروح؟ بالتأكيد، لن يكون هذا هو الخيار بالنسبة إلى المكونات الإسرائيلية، بيمينها ويسارها، وهي ترى في التضخم الديمغرافي الفلسطيني خطراً يهدّد إسرائيل. وهذا كان في فترة الحديث عن الدولتين، وهو ما يدفع هذه المكونات إلى الرفض المطلق لأي حديث عن فكرة الدولة الواحدة التي ستفرض تقاسماً للسلطة مع الفلسطينيين.
فإذا كان خيار الدولتين انتهى، وبالتأكيد لا مجال لخيار الدولة الواحدة، فعن أي حلول يتم الحديث؟ هنا ربما تقفز إلى الأذهان تصريحات الوزير الإسرائيلي، أيوب القرا، عن مخطط إقامة دولة فلسطينية في سيناء، بناء على مقترح من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. ليس الكلام عن هذا المخطط جديداً، لكنه الآن بات يطرح بقوة، خصوصاً أن القرا ربطه بلقاء ترامب ونتنياهو، قبل حصوله، وقال إن الإثنين سيقرّانه خلال اجتماعهما.
اللافت في كل ما سبق، وعلى الرغم من علامات الاستفهام الكبيرة التي تحيط بالتوجهات الأميركية الجديدة في خصوص القضية الفلسطينية، هو أن السلطة الفلسطينية سارعت إلى الترحيب بالنية الأميركية التحرّك في اتجاه العملية السلمية، حتى وهي لا تعرف ما هو المقصود من هذا التحرك وإلى ماذا يرمي، وأي دولة ممكن أن تخرج من التفاهمات التي تمت خلف أبواب مغلقة في البيت الأبيض، ووفق قنوات سرية مفتوحة على أكثر من دولة عربية. من المؤكد أن السلطة ليست على بيّنةٍ من كل هذه الاتصالات، وهي تنتظر إبلاغها بما سيتم الاستقرار عليه، سواء عودة إلى فكرة الدولتين الميتة، أو الدولة الواحدة المستحيلة، أو ربما الدويلات المشتتة بين سيناء وغزة والضفة الغربية وحتى الأردن.
غير أن هذا الكلام، وهذه التحضيرات لا تزال في بدايتها، ولا شيء محسوماً بالنسبة لها، إلا أن ما هو محسوم الآن هو الشكل الجديد لـ"الحل السلمي" للقضية الفلسطينية. شكل لا أحد يعرف ما هو، فإذا كان حل الدولتين انتهى عملياً، ما هي الخيارات المتاحة، وأي شكل للحل سيكون عليه الواقع الفلسطيني في المستقبل. هل حل الدولة الواحدة هو المطروح؟ بالتأكيد، لن يكون هذا هو الخيار بالنسبة إلى المكونات الإسرائيلية، بيمينها ويسارها، وهي ترى في التضخم الديمغرافي الفلسطيني خطراً يهدّد إسرائيل. وهذا كان في فترة الحديث عن الدولتين، وهو ما يدفع هذه المكونات إلى الرفض المطلق لأي حديث عن فكرة الدولة الواحدة التي ستفرض تقاسماً للسلطة مع الفلسطينيين.
فإذا كان خيار الدولتين انتهى، وبالتأكيد لا مجال لخيار الدولة الواحدة، فعن أي حلول يتم الحديث؟ هنا ربما تقفز إلى الأذهان تصريحات الوزير الإسرائيلي، أيوب القرا، عن مخطط إقامة دولة فلسطينية في سيناء، بناء على مقترح من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. ليس الكلام عن هذا المخطط جديداً، لكنه الآن بات يطرح بقوة، خصوصاً أن القرا ربطه بلقاء ترامب ونتنياهو، قبل حصوله، وقال إن الإثنين سيقرّانه خلال اجتماعهما.
اللافت في كل ما سبق، وعلى الرغم من علامات الاستفهام الكبيرة التي تحيط بالتوجهات الأميركية الجديدة في خصوص القضية الفلسطينية، هو أن السلطة الفلسطينية سارعت إلى الترحيب بالنية الأميركية التحرّك في اتجاه العملية السلمية، حتى وهي لا تعرف ما هو المقصود من هذا التحرك وإلى ماذا يرمي، وأي دولة ممكن أن تخرج من التفاهمات التي تمت خلف أبواب مغلقة في البيت الأبيض، ووفق قنوات سرية مفتوحة على أكثر من دولة عربية. من المؤكد أن السلطة ليست على بيّنةٍ من كل هذه الاتصالات، وهي تنتظر إبلاغها بما سيتم الاستقرار عليه، سواء عودة إلى فكرة الدولتين الميتة، أو الدولة الواحدة المستحيلة، أو ربما الدويلات المشتتة بين سيناء وغزة والضفة الغربية وحتى الأردن.