دولة أمْ شركة؟

05 ديسمبر 2014
تدار الدولة الأوكرانية اليوم بطريقة إدارة الشركات(اريك فيفربرغ/فرانس برس)
+ الخط -

أمر مألوف أن تعلن شركة ما مسابقة لتعيين مدراء أعمال وخبراء تسويق أجانب لرفع سوية الإنتاج لديها وتحسين تسويقها لبضائعها، أمّا أن تعلن دولة مسابقة لتعيين وزراء في حكومتها، فأمر يصعب فهمه في إطار احترام المواطنين ومقدراتهم الذهنية ومواصفاتهم الأخلاقية، خاصة أن الحديث يدور عن شغل المناصب المعروفة بممارسة الفساد. هذه ليست فانتازيا، إنما هي حال الدولة الأوكرانية اليوم التي يديرها الرئيس بيترو بوروشينكو بطريقة إدارة الشركات.

ولكن، هل يصلح التعامل مع الدولة بوصفها شركة خاصة؟ إذا كان الأمر كذلك، فالشركة تخسر وتفلس وتتم تصفيتها لمصلحة الدائنين الكبار، ويُسرَّح عمّالها. فهل يجوز إعلان إفلاس الدولة وتصفية ممتلكاتها لمصلحة أي أحد؟ أم أن الشعب مجرد عمالة يمكن الاستغناء عنها، ولكن، أين يُلقى بالشعب؟

الحكاية بدأت مع اقتراح الرئيس الأوكراني تعديل القوانين بما يسمح بتعيين أجانب في الحكومة. ففي 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، نقلت "ريا نوفوستي" رسالة بوروشينكو إلى البرلمان، وجاء فيها:" فكرتي تقول بتعديل القوانين، لإعطاء الحق باستقدام الأجانب إلى الوظائف الحكومية بما في ذلك الوزراء". ومنحهم الجنسية الأوكرانية بصورة عاجلة.

تبع ذلك إعلان صحيفة "فيستي" عن أن شركة "Pedersеn & Partners и WE Korn Ferry" المتخصصة بالبحث عن مدراء أعمال كبار كُلفت بترشيح شخصيات أجنبية لشغل المناصب الحكومية الأوكرانية، وأنه تم اختيار 24 مرشحاً. وأفاد موقع "بوليت.رو" بأن رئيس الوزراء الأوكراني أرسيني ياتسينيوك طرح على البرلمان الموافقة على ترشيح المواطنة الأميركية نتاليا ياريسكو لشغل منصب وزير المالية، والمواطن الجورجي ألكسندر كفيتاشفيلي لشغل منصب وزير الصحة، والمواطن الليتواني إيواراس أبراموفيتشوس، لشغل منصب وزير التنمية الاقتصادية.

وفي السياق، نقل الموقع إياه قول بافِل روزينكو، النائب عن كتلة بيوتر بوروشينكو، "من المقرر أن يشغل المواطنون الأجانب تلك الوظائف المعروفة تقليديا بالفساد". وهكذا يصبح الفساد سمة قومية خاصة ببعض الشعوب دون غيرها، ولا علاقة به ببنية السلطة ووسائل الحكم وأدواته وآلياته. فهل سيتمتّع الشعب الأوكراني بشوكولاتة رئيسه الملقب بـ "ملك الشوكولاتة"، أم أن طبخة أخرى تعد له؟

دلالات