دوائر القرار الإسرائيلية مرتاحة لنتائج الانتخابات التركية

14 يونيو 2015
أشار إعلام الاحتلال لتصريحات تركية يعتبرها معادية(أدم ألتان/فرانس برس)
+ الخط -

على الرغم من أن حكومة الاحتلال اختارت عدم التعليق علناً على نتائج الانتخابات التشريعية التركية، التي أظهرت تراجع حزب "العدالة والتنمية" الحاكم، الذي ينتمي إليه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، فإن ارتياحاً كبيراً يسود دوائر صنع القرار في تل أبيب من هذه النتائج.

اقرأ أيضاً: ارتياح إسرائيلي لتراجع قوة أردوغان

فقد حرصت وسائل الإعلام الصهيونية على اقتباس تصريحات لوزراء ومسؤولين كبار، فضلوا عدم ذكر أسمائهم، اعتبروا فيها أن هذه النتيجة تمهد لتحسين البيئة الإقليمية لإسرائيل بشكل كبير. وقد كان الرئيس السابق شمعون بيريز، الوحيد الذي اختار التخلي عن سمة تعاطيه الدبلوماسي، وعبر عن فرحته بتراجع حزب أردوغان. وقال في خلال كلمته أمام "مؤتمر هرتسيليا 2015 للأمن القومي"، الذي انتهت أعماله الأسبوع الماضي، إن "أردوغان أراد أن يحول تركيا إلى إيران ولا يمكن أن تتسع المنطقة لنسختين من إيران، نتائج الانتخابات تعبر عن اتجاه إيجابي في كل ما يتعلق بمصالح إسرائيل". 

ويتضح من خلال التقديرات الصهيونية أن هناك افتراضاً سائداً في إسرائيل مفاده أن نتيجة الانتخابات التركية ستفضي إلى إضعاف مكانة أردوغان مما يقلص من قدرته على مواصلة السياسات الإقليمية التي لا تتفق مع المصالح الإسرائيلية. ونقلت الإذاعة العبرية الأربعاء الماضي عن محافل التقدير الاستراتيجي، في كل من وزارة الخارجية والأجهزة الاستخبارية، قولها إن اضطرار حزب "العدالة والتنمية" لتشكيل حكومة ائتلافية مع أحزاب أخرى يعني أن الحكومة التركية الجديدة ستعتمد برنامجاً مغايراً على صعد السياسات الخارجية.

اقرأ أيضاً: أردوغان يدعو لحكومة ائتلافية

وهناك افتراض في تل أبيب أن الحكومة الجديدة ستقلص هامش المناورة المتاح أمام أردوغان وتحد من قدرته على اتخاذ سياسات مستقلة، خصوصاً على صعيد السياسات التي تتعارض مع المصالح الإسرائيلية. ومن أجل إبراز أهمية نتائج الانتخابات التركية وتسويغ الاعتقاد السائد بأن هذه النتائج ستفضي إلى تحسين البيئة الإقليمية لإسرائيل، أعادت وسائل الإعلام للأذهان التصريحات التي أطلقها رئيس الحكومة المستقيل أحمد داود أوغلو خلال مؤتمر انتخابي، واعتبر فيها أنه لا يوجد ثمة علاقة بين اليهود والقدس وأن هذه المدينة تعود للمسلمين فقط، ووصفت هذه التصريحات بالخطيرة. 

في الوقت نفسه، أشارت بعض وسائل الإعلام إلى ما أسمته "مظاهر اللاسامية" في خطاب أردوغان السياسي، خصوصاً قوله أثناء حملة الانتخابات الرئاسية إن العقلية التي تحكم إياليت شاكيد، القيادية في حزب "البيت اليهودي" (تشغل حالياً منصب وزيرة القضاء) تشبه العقلية التي كانت تحكم النازي أدولف هتلر. كما أشارت إلى ردة فعل أردوغان على حملة التشويه التي تشنها عليه صحيفة "نيويورك تايمز"، إذ قال إن هذه الحملة تأتي بسبب سيطرة اليهود عليها. 

ويبدون في تل أبيب تفاؤلاً بأن أي حكومة ائتلافية في أنقرة ستبدي ميلاً أقل للاهتمام بقضايا المنطقة، خصوصاً الملفين السوري والفلسطيني. وهناك رهان إسرائيلي على تراجع اهتمام تركيا بالقضية الفلسطينية، وتقليص قدرة أردوغان على منح حركة "حماس" مظلة إقليمية ودولية. 

وثمة توقعات في إسرائيل أن تحرص الحكومة الجديدة في تركيا على تقليص الدور التركي في الملف السوري بشكل يفضي إلى تأجيل حسم المواجهات الدائرة حالياً هناك. وسبق لمحافل إسرائيلية رسمية أن أبدت قلقها من حرص تركيا على المساعدة في حسم المواجهة الحالية في سورية بشكل لا يخدم المصالح الصهيونية؛ فإسرائيل معنية بإطالة أمد المواجهة الحالية إلى أبعد مدى، على اعتبار أن هذا يفضي في النهاية إلى إضعاف جميع الفرقاء في الساحة السورية: نظام بشار الأسد والمعارضة وحزب الله، علاوة على أنه يرهق إيران. في حين أن إسقاط النظام في الوقت الحالي يعني سيادة حالة من الفوضى قد تغري تنظيمات إسلامية باستهداف العمق الإسرائيلي. وقد وجه "مركز يروشليم لدراسة المجتمع والدولة"، الذي يرأس مجلس إدارته دوري غولد، وكيل وزارة الخارجية انتقادات أخيراً للغرب لأنه يسمح لتركيا بالتأثير على مجريات الأمور في سورية بشكل لا يخدم مصالح إسرائيل. 

في المقابل، هناك في إسرائيل من يرى أن الفرحة الإسرائيلية بنتائج الانتخابات مبالغ فيها وسابقة لأوانها. وقال الكاتب تسفي بارئيل إن تراجع حزب "العدالة والتنمية" قد يدفع أردوغان وقادة الحزب إلى تبني خط متشدد مع إسرائيل من أجل استعادة شعبية الحزب. فيما رأى معلق الشؤون الخارجية في قناة التلفزة الثانية، عراد نير، أن قادة إسرائيل قد يكتشفون أنهم أخطأوا التقدير، لاعتقادهم بأن ضعف أردغان يفضي إلى بيئة داخلية تركية تساعد على تحسين العلاقات مع تل أبيب، أو على الأقل وقف تدهورها. واعتبر أن ضعف أردوغان قد يؤدي إلى نتائج عكسية، على أساس أن الرئيس التركي قد يلجأ للتصعيد ضد إسرائيل من أجل استعادة شعبيته وتحسين فرص حزبه.

المساهمون