لم يلتفت القاصّ السوري أسامة الحويج العمر كثيراً إلى "البعد المناسباتي" في كتابة النص السردي، بل حاول التركيز على الجانب الإنساني، ليس لأن المناسبة لا تليق بالأدب، لكن لرغبته بأن يكون نصه عابراً للحدث المباشر، ومتوقفاً عند العميق من الأفكار كما يقول في أحد حواراته. غير أنَّ واقعاً يكترث بالمكرّس أكثر من الجديد، لا يمكنه الالتفات إلى تلك المجموعات، وهذا لم يثنِ الكاتب عن متابعة كتابة نصوص جديدة وإصدارها في مجموعة بعنوان "قال إنسان العصر الحديث"، حيث بدا مصرّاً هذه المرة على استلهام تجربة ابن المقفع في كليلة ودمنة، لكن بشروط وروح وآليات معاصرة، في محاولة منه لصنع خصوصية أسلوبية تُعْرَف كتاباته بها، في ظلّ فوضى النشر التي تعاني منها حالة الكتاب العربية.
لكن ما أراده الحويج العمر من الكتابة في حركة الثقافة العربية لم يتحقّق، فاللغة التي حملت أفكاره، كانت لغة تركّز على التوصيل. والكثير من الحمولات الإيديولوجية في نصوصه، ركّزت على زوايا مهملة اقتربت من فلسفة الإنسان وفهمه للحياة، عبر رؤية ساخرة أحياناً، وربما هذا بالتحديد ما جعل أكثر من ناقد أميركي يرى أن الحويج العمر يستلهم من جبران خليل جبران بعض روحه ونصوصه، في لحظة استعادة لإنسانية الإنسان المغيَّبة بفعل اللهاث والانشغال بعوالم الاستهلاك والتسويق، وقد ركزت ليديا دافيس، الفائزة بجائزة البوكر البريطانية 2013، على هذا الجانب وجوانب أخرى، في مقدّمتها لمختارات من قصص الكاتب صدرت بالإنكليزية بعنوان "دماء عربية خالصة"، عن دار النشر نيودايركشن بابليكيشون.
واحتفت الأوساط الثقافية والصحافية الأميركية والأوروبية بالكتاب، فكُتِبَتْ عنه مقالات في جرائد ومجلات كثيرة، ودعي أسامة إلى المشاركة في أهم المهرجانت الثقافية والأدبية، ووصل الكتاب إلى قائمة أفضل المبيعات على موقع أمازون.
أمّا ليديا دافيس كاتبة المقدّمة، فتكتب القصة القصيرة جداً، وتتميز نصوصها بالتكثيف والحكمة المنبثقة من الحدث السردي، ولدت عام 1947، في نورثهامبتون، في ولاية ماساشوستس الأميركية، وهي ابنة الناقد وأستاذ الأدب الإنكليزي روبرت جورهام ديفيس، وقد جمعت معظم قصصها في كتاب واحد صدر عام 2009، وتدرّس الأدب في جامعة نيويورك، ونالت وسام الفنون والآداب، وفازت بأكثر من عشر جوائز مرموقة، فضلًا عن جائزة مان بوكر العالمية.
واخترنا من الكتاب هذين النصين:
العصفور والسلحفاة
"الدائرة فوق رابيةٍ خضراء، كانت سلحفاةٌ ضخمةٌ تسيرُ ببطءٍ شديد، وإذ لمحها عصفورٌ كان يحُلِّقُ في الجو بحثاً عن طعامٍ لفراخِهِ، حَوَّلَ وجهتَهُ نحوها ثم وقف على ظهرها وسألها بلهجة مُستنكرة: ما الذي يُجبرُك على حمل منزلكِ على ظهرِكِ والسير به على غير هدى؟! ابتسمتِ السلحفاةُ ولم تُجب عن سؤاله. عندما نفد صبرُ العصفور من صمتها عاد إلى التحليق من جديد، وبعد أيامٍ قليلةٍ وقع في الأسر، فتمنى لو يتمكن من حمل منزله الجديد والطيران به كيفما يشاء".
نزيف
"بعد سنوات من النزيف المتواصل، المغلّف بعشرات علامات الاستفهام، اكتشفت أنني كنت متكئاً على الزاوية الحادة للحياة!!"
لكن ما أراده الحويج العمر من الكتابة في حركة الثقافة العربية لم يتحقّق، فاللغة التي حملت أفكاره، كانت لغة تركّز على التوصيل. والكثير من الحمولات الإيديولوجية في نصوصه، ركّزت على زوايا مهملة اقتربت من فلسفة الإنسان وفهمه للحياة، عبر رؤية ساخرة أحياناً، وربما هذا بالتحديد ما جعل أكثر من ناقد أميركي يرى أن الحويج العمر يستلهم من جبران خليل جبران بعض روحه ونصوصه، في لحظة استعادة لإنسانية الإنسان المغيَّبة بفعل اللهاث والانشغال بعوالم الاستهلاك والتسويق، وقد ركزت ليديا دافيس، الفائزة بجائزة البوكر البريطانية 2013، على هذا الجانب وجوانب أخرى، في مقدّمتها لمختارات من قصص الكاتب صدرت بالإنكليزية بعنوان "دماء عربية خالصة"، عن دار النشر نيودايركشن بابليكيشون.
واحتفت الأوساط الثقافية والصحافية الأميركية والأوروبية بالكتاب، فكُتِبَتْ عنه مقالات في جرائد ومجلات كثيرة، ودعي أسامة إلى المشاركة في أهم المهرجانت الثقافية والأدبية، ووصل الكتاب إلى قائمة أفضل المبيعات على موقع أمازون.
أمّا ليديا دافيس كاتبة المقدّمة، فتكتب القصة القصيرة جداً، وتتميز نصوصها بالتكثيف والحكمة المنبثقة من الحدث السردي، ولدت عام 1947، في نورثهامبتون، في ولاية ماساشوستس الأميركية، وهي ابنة الناقد وأستاذ الأدب الإنكليزي روبرت جورهام ديفيس، وقد جمعت معظم قصصها في كتاب واحد صدر عام 2009، وتدرّس الأدب في جامعة نيويورك، ونالت وسام الفنون والآداب، وفازت بأكثر من عشر جوائز مرموقة، فضلًا عن جائزة مان بوكر العالمية.
واخترنا من الكتاب هذين النصين:
العصفور والسلحفاة
"الدائرة فوق رابيةٍ خضراء، كانت سلحفاةٌ ضخمةٌ تسيرُ ببطءٍ شديد، وإذ لمحها عصفورٌ كان يحُلِّقُ في الجو بحثاً عن طعامٍ لفراخِهِ، حَوَّلَ وجهتَهُ نحوها ثم وقف على ظهرها وسألها بلهجة مُستنكرة: ما الذي يُجبرُك على حمل منزلكِ على ظهرِكِ والسير به على غير هدى؟! ابتسمتِ السلحفاةُ ولم تُجب عن سؤاله. عندما نفد صبرُ العصفور من صمتها عاد إلى التحليق من جديد، وبعد أيامٍ قليلةٍ وقع في الأسر، فتمنى لو يتمكن من حمل منزله الجديد والطيران به كيفما يشاء".
نزيف
"بعد سنوات من النزيف المتواصل، المغلّف بعشرات علامات الاستفهام، اكتشفت أنني كنت متكئاً على الزاوية الحادة للحياة!!"