دلالات عملية نابلس وآليات إسرائيل في توظيفها

10 يناير 2018
الاحتلال يتخذ إجراءات مشددة (وسام هشلمون/ الأناضول)
+ الخط -


في ظل مؤشرات على توجهها لتوظيفها سياسيا وأمنيا، تنظر إسرائيل بخطورة كبيرة لعملية إطلاق النار التي نفذها مقاومون فلسطينيون الليلة الماضية وأسفرت عن مقتل أحد الحاخامات، غرب مدينة نابلس، شمال الضفة الغربية.


فقد نقلت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي، صباح اليوم الأربعاء، عن محافل أمنية إسرائيلية قولها إن هذه العملية جاءت في ظل إجراءات أمنية مشددة يفرضها جيش الاحتلال في جميع أرجاء الضفة الغربية، وفي أعقاب سلسلة من النجاحات التي حققتها المخابرات الإسرائيلية في إحباط عدد كبير من العمليات التي خططت "كتائب عز الدين القسام"، الجناح العسكري لحركة "حماس" لتنفيذها.

وأشارت الإذاعة إلى أن هذه العملية قد جاءت في ظل شن إسرائيل حملات اعتقال متواصلة تستهدف كل فلسطيني يمكن أن يكون لديه نية أو استعداد لتنفيذ عمليات. ومما يزيد الأمور تعقيدا بالنسبة للمستوى العسكري الإسرائيلي حقيقة أن وجود خلية أو أكثر تعمل بحرية في منطقة وسط وشمال الضفة الغربية ينطوي على خطورة أكبر بسبب كثافة تواجد المستوطنات في المنطقة وتحرك آلاف المستوطنين اليهود على الشوارع والطرق الالتفافية التي يستخدمونها في انتقالهم بين المستوطنات وإسرائيل، مما يزيد من فرص تعرض المزيد من المستوطنين لعمليات إطلاق النار.

وأشارت الإذاعة العبرية العامة صباح اليوم إلى أن إقدام الخلية، التي يرجح أنها تكونت من مقاومين اثنين، على إطلاق أكثر من 20 عيارا ناريا على سيارة المستوطن، وتمكنها من الانسحاب من المكان دون تمكن قوى أمن الاحتلال من ضبط الخلية، على الرغم من أن العملية تمت بالقرب من الجيب الاستيطاني "حفات جلعاد"، الذي يقطنه الحاخام، والذي يحظى بحراسة مشددة.

وحسب الإذاعة فأن التحقيقات التي يجريها كل من الجيش والاستخبارات الإسرائيلية تنصب حول ما إذا كان منفذو العملية ينتمون لتنظيم أو أنهم تصرفوا بشكل مستقل. ويكتسب تحديد إجابة عن هذا السؤال أهمية كبيرة، حيث إن انتماء الخلية لتنظيم يعني أن هناك بنى تنظيمية ستسمح بتنفيذ المزيد من العمليات في المستقبل، في حين لو كان أعضاء الخلية تصرفوا بشكل فردي فإن هذا يعني أن إلقاء القبض عليهم يعني تقليص فرص تنفيذ المزيد من العمليات في المستقبل.



وفي حال تبين أن منفذي الهجوم ينتمون لتنظيم معين فإن هذا سيعد ضربة لجهاز المخابرات الإسرائيلية الداخلية "الشاباك"، الذي يتباهى دائما بجهوده الهادفة إلى تجفيف منابع المقاومة في الضفة من خلال حملات الاعتقال وعبر التعاون الأمني مع أجهزة السلطة الفلسطينية الأمنية. وعلى الرغم من أن "كتائب القسام" قد رحبت بالعملية وأشارت إلى أنها "رد أول" على الإجراءات الإسرائيلية الأخيرة، إلا أنها امتنعت عن تبني المسؤولية المباشرة عنها.

وتحذر محافل أمنية إسرائيلية من أن خطورة العملية الأخيرة تكمن في أن نجاحها قد يدفع المزيد من الشباب الفلسطيني لاقتفاء أثر أعضاء الخلية وتنفيذ عمليات بشكل فردي، سيما في ظل ردة الفعل الجماهيرية الغاضبة على قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل والقوانين التي أقرها البرلمان الإسرائيلي مؤخرا والهادفة إلى تهويد المدينة، ناهيك عن جملة القرارات التي أصدرتها حكومة بنيامين نتنياهو في كل ما يتعلق ببناء آلاف الوحدات السكنية في المستوطنات.

وقد بدا واضحا، أن ممثلي اليمين الديني المتطرف في حكومة نتنياهو يسعون لاستغلال العملية في تقديم مسوغات لاتخاذ إجراءات عقابية ضد الفلسطينيين. فقد وظف وزير التعليم نفتالي بنيت، الذي يرأس حزب "البيت اليهودي" العملية في المطالبة بالإسراع بسن قانون يلزم الحكومة الإسرائيلية بخصم قيمة الرواتب التي تدفعها السلطة الفلسطينية للأسرى في سجون الاحتلال وعوائل الشهداء والجرحى من عوائد الضرائب التي تجبيها تل أبيب لصالح السلطة الفلسطينية.

من ناحيتها قالت وزير القضاء إياليت شاكيد، والتي تحتل المكان الثاني في قيادة "البيت اليهودي" إن الرد الإسرائيلي العملي على العملية سيتمثل في "تبييض" الجيب الاستيطاني "جفعات جلعاد" الذي يقطنه الحاخام الذي قتل في الهجوم، مع العلم أن هذا الجيب بني بدون الحصول على ترخيص من الحكومة الإسرائيلية.