دلالات ترفيع الجنرال مُحسن

06 ابريل 2016
+ الخط -
لم يكن قرار الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، أخيراً، تعيين الجنرال علي محسن الأحمر نائباً له، أمراً مُفاجئاً على المستوى الشخصي، فقد تنبأت بإمكانية حدوث مثل ذلك بشكل أو بآخر، في مقال سابق لي، نُشِر في "العربي الجديد" قبل حوالي شهر، بعنوان "الجنرال مُحسن والطريق إلى الرئاسة".
ما فاجأتني إقالة رئيس الحكومة خالد بحَّاح من منصبيه معاً، رئيس الحكومة ونائب الرئيس، وعزله كُلياً، وكنتُ أتوقع الإبقاء عليه في منصب رئاسة الحكومة على الأقل، خُصوصاً وأن البديل له ليس أفضل منه بحال، من حيث الكفاءة والأداء، ومن حيث الولاء والانتماء.
يعلم جميعنا أن الدكتور أحمد عُبيد بن دَغْر ظل يتنقل بولاءاته مُشَرِّقاً ومُغَرِّباً، طوال السنوات الماضية، فقد كان عضواً في اللجنة الدائمة للحزب الاشتراكي، وبقدرة قادر أصبح عضواً في المؤتمر الشعبي العام الحاكم، وواحداً من هُواة التصفيق لصالح، وعندما حانت لحظة الحقيقة ودقَّت ساعة الحزم، ركب موجة الشرعية، مثل كثيرين تعُجُّ بهم فنادق الرياض، منذ بدء الحرب.
كنتُ من مُنتقدي أداء بحَّاح وحكومته طوال الشهور الماضية، وبخاصَّة لعلاقاته بدولة بعينها في التحالف سعتْ إلى تعطيل الحسم في تعز، وعرقلت كل جُهد لدعم المقاومة وإسنادها هناك، ولستُ هنا في معرض الدفاع عنه أو مهاجمته، لكنني أردتُ القول إن قرار الرئيس هادي في إقالة الرجُل من المنصبين معاً وعزله تماماً كان قراراً ارتجالياً، لا يخدُم سوى أغراض تتعلق بشخصه هُوَ، وليس بالشعب والوطن، وخلافنا مع الرَّجُل لا يعني رضانا على قرار هادي تعيين بن دغر بديلاً عنه.
على الجانب الآخر، فقد جاء تعيين الجنرال على مُحسن في منصب نائب الرئيس، مُلبياً لطموحات مُعظم الشارع اليمني، وبخاصة الداعم للشرعية والمقاومة، وقد لاقى ابتهاجاً وترحيباً من تلك الأطراف، لكنه فتح الباب واسعاً أمام تساؤلات عديدة، تتعلق بدوافعه ودلالاته، كما وبتوقيته أيضاً. وقد جاء توقيت القرار قبل وقت قصير من مباحثات الكويت، المزمع عقدها في الـ 18 من شهر إبريل/ نيسان الجاري، ما يعني أن قيادة التحالف قد أرادت، بحسب خُصومها، أن تنسف أي إمكانية لإنجاح مباحثات الكويت قبل بدئها، أو لعلها أرادت تحقيق أي إنجاز على الأرض، يُزِيد من رُجْحَان كفَّتها، قبل بدء تلك المباحثات. ومن ناحية ثانية، كأن هذا القرار جاء بمثابة الرد القوي من المملكة، على تجرؤ صالح بالظهور علناً، ومخاطبة أنصاره في ميدان السبعين، بالذكرى الأولى للعاصفة، وهو ما اعتبرته، فيما يبدو، رسالة تحدٍ واضحة لها ولحلفائها في اليمن.
لعلَّ أبرز الدلالات لهذا القرار أنه أعطى مُؤشراً واضحاً لعزم قيادة التحالف، والمملكة العربية السعودية تحديداً، على المُضِي في خيار الحسم العسكري حتى النهاية، في المدى المنظُور على الأقل، ما يعني استمرار الحرب والطلعات الجوية، خلال الأسابيع وربما الأشهر المقبلة، ربما لقناعتها بأن مفاوضات الكويت نتاج ضغط أميركي وروسي، على أطراف الصراع في اليمن. لذلك لن تُفضِيَ، في أحسن حالاتها، سوى إلى تسوية سياسية هشة، لا تُحقق للمملكة ودول الخليج هدفهم الرئيس من هذه الحرب، وهو إجهاض طموحات إيران التوسعية، في ملف اليمن على أقل تقدير.
ليس في مصلحة التحالف بقيادة السعودية، ولا الأطراف اليمنية المُمَثلة للشرعية، وبمقدمتها المقاومة الشعبية والجيش الوطني، أي حديث عن تسوياتٍ سياسية، لأنها ستفضي حتماً إلى بقاء الحوثي وصالح، كأطراف فاعلة ولاعبة، في أي معادلة مقبلة، وهذا لا يستقيم، عقلاً ولا منطقاً، بعد ما يزيد عن عام من الحرب الضروس، ومن الخراب والدمار، وفوق هذا وذاك، بعد أن قدّم اليمنيون الشهداء من خيرة شبابهم.
بقاء الحوثي وصالح، ولو بمقدار شعرة معاوية في أي استحقاقات سياسية مقبلة، سيعني بقاء إيران، ليس في اليمن وحسب، وإنما في الجزيرة والخليج ككُل، وإيران تستطيع بعد ذلك أن تصنع من تلك الشعرة، حبالاً طويلة من المشانق التي ستظل تلفها حول المملكة ودول الخليج، على المديين، القريب والبعيد، وكأنك يا بو زيد ما غزيت.
8A4CCA6F-5F3E-4C7B-BF41-CB7A3D872F05
8A4CCA6F-5F3E-4C7B-BF41-CB7A3D872F05
حبيب العزي (اليمن)
حبيب العزي (اليمن)