دفاعاً عن عونيين

12 اغسطس 2015
يتعاطى عون مع جمهوره وكأنه هو مَن صَنَعَهُم(حسين بيضون)
+ الخط -
كان العونيون أعداء لكل ما هو "وطني" في مرحلة التسعينيات. وُصموا بشعار العمالة لإسرائيل في الإعلام اللبناني لسنوات طويلة، قبل أن تبدأ عملية كسر هذه الصورة في نهاية تسعينيات القرن الماضي. لا يُمكن قراءة مرحلة ما بعد الحرب الأهليّة في لبنان من دون الإتيان على ذكر العونيين. شباب متحمّس، حمل قضية وطنية وناضل من أجلها سنوات طويلة. غير فاسد ولا هو مرتهن لعصابات المال وأزلام أجهزة الاستخبارات.

طرح العونيون، من دون أن يُدركوا ربما، إشكاليات في الأحزاب اللبنانية التي كانت تعاديهم. الكثير من شبان هذه الأحزاب شعروا "بالغيرة" من الحراك العوني في الجامعات. خطوات سريعة ومفاجئة للأمن. تحدي السلطة القائمة ورفض ظلمها. كان معظم الشبان، حتى أولئك الذين كانوا في أحزاب مشاركة في السلطة، يرون المال العام يُنهب أمامهم، ويشعرون بأن عاصمتهم تُسرق، وأن هناك احتلالاً سورياً ولو لم يجرؤوا على مواجهته. أدرك هؤلاء لعبة الفساد في البلد، وقبلوا بها، وباتوا جزءاً منها لاحقاً عند تخرجهم من الجامعات ودخولهم سوق العمل، في القطاع العام أو الخاص، عبر واسطة الزعيم. لكن هذه اللوثة لم تصب العونيين.
لكن هذا الحراك شابه غياب المؤسسة وارتباطه بشخص الجنرال، ميشال عون، وقد ساهمت القبضة الأمنيّة بحق العونيين في تعزيز هذا الأمر، والثغرة الثانية غياب المشروع الذي يلي تحقيق القضية.

هكذا، عاد ميشال عون في 7 مايو/أيار 2005، زعيماً شعبياً، وليس رئيس حزب. وتحوّل العونيون من ناشطين بوجه الاحتلال السوري، إلى مجموعة تسعى لأن تحجز موقعاً لها في الساحة اللبنانيّة لتحقيق شعارات محاربة الفساد وإشراك المسيحيين في السلطة، التي أخرجوا منها عام 1990. تصور العونيون أن يستقبلهم "جنرالهم" بالأحضان، وهم الذين صنعوه. أما هو، فاعتقد ولا يزال، أنه هو من صنع مجد هؤلاء الشبان. خلال 11 عاماً، مارس عون السياسة على طريقته. لزّم التيار لصهره جبران باسيل، الذي أغرقه بطبقة رجال الأعمال والصفقات المشبوهة. استثمر نضالهم الطويل في وجه الاحتلال السوري، للدفاع عن النظام البعثي الذي عاث في بلاده أضعاف ما ابتلي لبنان به. خرج العونيون من حزبهم محبطين. يخوض هؤلاء اليوم آخر معاركهم في التيار. يُحاربهم ميشال عون بكل الأسلحة المشروعة وغير المشروعة لكسرهم وتنصيب جبران باسيل زعيماً عليهم.

من حق هؤلاء المناضلين أن ندافع عنهم وننصرهم، وهم الذي يخوضون في حزبهم اليوم معركة صادقة وشرسة. معركتهم الحزبية أكثر ديموقراطية من معارك كثيرين. وها هم سباقون في كسر الزعيم وصورته وهيبته، كما كانوا سباقين في كسر صورة المحتل وهيبته. هؤلاء العونيون، هم خميرة هذا البلد. عسى أن يكسر الآخرون أصنام زعمائهم ويلتحقوا بالمناضلين العونيين، كما التحقوا بهم في لحظة 14 مارس/آذار 2005.