طالبت عائلة الشهيد الفلسطيني صالح البرغوثي، وشخصيات فلسطينية، اليوم الأربعاء، المؤسسات المحلية والدولية القانونية بالتحقيق في ظروف اعتقال صالح على يد القوات الخاصة الإسرائيلية، ومن ثم إعلان استشهاده بعد اعتقاله يوم الأربعاء الماضي، من مركبته قرب بلدة سردا، شمال رام الله، وسط الضفة الغربية المحتلة.
وتتهم قوات الاحتلال الشهيد صالح البرغوثي بأنه أحد منفذي عملية مستوطنة "عوفرا" المقامة على أراضي الفلسطينيين، شرق رام الله.
ورجحت عائلة البرغوثي، في مؤتمر صحافي عقدته اليوم، مع عدد من المؤسسات الرسمية أمام منزلها في بلدة كوبر، شمال غرب رام الله، أن القوات الخاصة الإسرائيلية أقدمت على تصفية صالح عقب اعتقاله، أو أنه على قيد الحياة وستقوم بتصفيته كونها أعلنت عن استشهاده.
وقالت سهير البرغوثي، والدة الشهيد صالح: "نريد فهم ما جرى مع ابننا أثناء اعتقاله. يوم الأربعاء الماضي، طُلب من والد صالح الذهاب لأخذ مركبته كونه معتقلا، وعند ذهابه لأخذها، وجد أن القوات الخاصة صادرت المركبة بعد اعتقال صالح، بعد ذلك تضاربت الأنباء حول مصيره إن كان معتقلا أو شهيدا".
ولفتت والدة الشهيد إلى أن "شهودا عيان كانوا في المكان نقلوا للعائلة أن جيش الاحتلال أنزل صالح من مركبته وقيّد يديه وهو على قيد الحياة، في حين قال شهود عيان آخرون إن صالح كان مصابا حين اعتقاله، ولم تتضح الأمور بالنسبة لنا، بعد ذلك بدأت تتسرب الأخبار عن استشهاده"، مضيفة "نحن الآن لا علم لنا إن كان ابننا شهيداً أو أسيراً، ونناشد الهيئات الدولية والصليب الأحمر، وكل من يستطيع توفير معلومات لنا حول ابننا".
من جهته، أكد الأسير المحرر فخري البرغوثي، وهو ابن عم والد الشهيد صالح، "وجود استهداف مباشر لعائلة عمر البرغوثي، فخلال ساعة من اعتقال صالح، اقتحمت قوات الاحتلال منزل العائلة، لكنها فوجئت بأعداد الأهالي الموجودين داخل المنزل، فأطلقت الرصاص وأصابت عددا من الموجودين".
ولفت المحرر البرغوثي إلى أن كل ما جاء في الإعلام حتى الآن عن صالح، لا يعطي أية معلومة واضحة حول ظروف استشهاده. وطالب المؤسسات المحلية والدولية والحقوقية بالبحث عن حقيقة ما جرى مع صالح، إن كان شهيداً أو ما زال على قيد الحياة.
وأشارت العائلة إلى أن قوات الاحتلال لا تزال تنفذ هجمة شرسة ضد العائلة، فهي تعتقل عمر البرغوثي، والد صالح، وشقيقه عاصف، ووصلت حصيلة الاعتقالات عقب عملية "عوفرا" إلى 20 معتقلا من العائلة والمقربين، وتعمد إلى التنكيل بهم بعد نقلهم إلى مراكز تحقيق مختلفة، بالإضافة إلى أن قوات الاحتلال اقتحمت منزل شقيقة عاصم وأحدثت فيه ثقوبا.
بدوره، قال رئيس نادي الأسير الفلسطيني، قدورة فارس: "إن النادي اتخذ قرارا في قضية اعتقال وإعلان استشهاد صالح بإجراء تحقيق شامل، لأن إعلان الاحتلال عن استشهاد صالح تشوبه الكثير من الالتباسات، وخصوصا أن هناك شهودا عيان ومكالمات هاتفية وصورا، من الممكن أن تشكل أساسا للادعاء بأن صالح لم يستشهد، أو إذا استشهد فإنه أُعدم خارج القانون بعد اعتقاله".
وأكد فارس أن "الاحتلال الإسرائيلي أعدم فلسطينيين كانوا مطلوبين للاحتلال في مرات سابقة عديدة، ولكن هذه المرة بسبب السلوك المحكوم بالانفعال من قبل جيش الاحتلال، تركوا أكثر من أثر يدل على أن صالح خضع لتحقيق قاس"، لافتا إلى أن "قوات الاحتلال لم تقدم رواية للمجتمع الإسرائيلي على الأقل بأنها ألقت القبض على الخلية المسؤولة عن العملية، فالحكومة الإسرائيلية مأزومة تريد أن تقدم للمجتمع الإسرائيلي ما يطمئنه بأن لديه جيشا ومؤسسة أمنية، ولكنها حتى الآن عجزت عن فعل ذلك".
وتوجه فارس إلى كل فئات الشعب الفلسطيني، وللإعلاميين والعاملين في المؤسسات الرسمية والأهلية بأن يتوجهوا لنادي الأسير بأية معلومات ولو كانت بسيطة، كونها ستساعد في المتابعة القانونية لهذا الملف.
من جهته، أكد رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين السابق، عيسى قراقع، ضرورة جمع كافة الأدلة والمعلومات والحقائق حول هذه الجريمة المتعمدة والتي جرت عن سبق إصرار من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، مشيرا إلى أن هذه الخطوات مهمة من أجل أن لا تبقى إسرائيل دولة "منفلتة" من العقاب.
على صعيد متصل، قال محامي نادي الأسير الفلسطيني فراس الصباح، في بيان لنادي الأسير، إن "المحكمة العسكرية التابعة للاحتلال في عوفر رفضت استئناف الأسيرين عمر البرغوثي، والد الشهيد صالح، ونجله عاصف، بادعائها وجود ذرائع أمنية، بعد اعتقالهما 12 يوماً".
ووفق النادي، فإن الأسير البرغوثي ونجله يخضعان لتحقيقٍ قاسٍ ومكثف يستمر أكثر من 20 ساعة خلال اليوم، مع استمرار تقييدهما وحرمانهما من النوم، رغم ما يعانيه الأسير عمر البرغوثي (66 عاماً)، من أوضاع صحية صعبة.
واعتقلت سلطات الاحتلال البرغوثي ونجله وعدد آخر من أفراد العائلة من بلدة كوبر في 12 ديسمبر/كانون الأول الجاري بعد إعلان الاحتلال عن استشهاد صالح الذي اختُطف على يد قوة خاصة من جيشه.
يُشار إلى أن الأسير عمر البرغوثي قضى أكثر من 26 عاماً في معتقلات الاحتلال الإسرائيلي بين أحكام واعتقال إداري، وهو شقيق الأسير نائل البرغوثي الذي قضى في معتقلات الاحتلال 39 عاماً.