أنشأ المغرب مؤسّسات رسمية تابعة لوزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، من بين أهدافها تقديم الدعم المادي لبعض النساء المهمشات، واللواتي يعانين بسبب ظروفهن المادية الصعبة، خصوصاً الأرامل والمطلقات، لمواجهة أعباء الحياة المتزايدة، حتى يكنّ قادرات على إعالة أنفسهن وتربية أطفالهن.
من بين هذه المبادرات التي أطلقتها الحكومة المغربية، صندوق التماسك الاجتماعي المخصص أساساً لدعم المغربيات الأرامل، غير القادرات على مواجهة الحياة بمفردهن، خصوصاً الأمهات منهن. وتحصل الأرملة على 1100 درهم (نحو 120 دولاراً) شهرياً كحد أقصى. ويوجد أيضاً صندوق التكافل الأسري الذي خصصته الدولة للنساء المطلقات، اللواتي يعشن في ظروف اجتماعية صعبة، إضافة إلى الزوجات المهملات اللواتي تخلى عنهن أزواجهن لأسباب اجتماعية أو أسرية وغيرها، بغية الحفاظ على لحمة العائلات وضمان عدم تشتت الأبناء.
وبحسب الأرقام الرسمية الصادرة عن وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، دعم صندوق التماسك الاجتماعي، منذ إنشائه، النساء الأرامل بمبلغ 880 مليون درهم، وعدد الأرامل اللواتي يستفدن شهرياً من الدعم بلغ 77 ألفاً و455 أرملة. وتنفي أرامل تحدثن لـ "العربي الحديد" علمهن بالصندوق رغم إنشائه قبل سنوات. في المقابل، تقول أخريات يعانين الأمرين لتأمين لقمة العيش إنهن لا يستفدن من أي درهم، معتبرات أن ما يحكى عن وجود صندوق لدعم الأرامل مجرد "كلام صحف".
وتقول مريم السفيوية (48 عاماً)، وهي أرملة وأم لأربعة أطفال، لـ "العربي الجديد"، إنّها لا تعرف عن صندوق التماسك الاجتماعي سوى ما تسمعه من الوزراء والنواب، مؤكدة أنها لم تحظ بأي دعم من الصندوق رغم محاولتها التسجيل في لائحة النساء الأرامل والفقيرات. تضيف: "لولا خروجي إلى الشارع من أجل بيع النعناع والبيض، لن أجد ما أسد به رمق أطفالي". وتأسف لأن استفادة النساء الأرامل من مثل هذه المبادرات باتت محكومة بالوساطة.
وينتقد المجلس الأعلى للحسابات، وهو مؤسسة حكومية تعنى بالتدقيق في مبادرات ومؤسسات رسمية، عمل الصندوق، لأنه "يفتقد استراتيجية واضحة لتفعيل برامج الدعم الاجتماعي، بما يمكن من تحديد الأهداف المتوخاة والفئات المستهدفة ومصادر التمويل". ويرى قضاة المجلس الأعلى أن صندوق التماسك الاجتماعي عرف متدخلين كثراً، عدا عن غياب استراتيجية واضحة لتنفيذ برامج دعم التماسك الاجتماعي، وعدم وجود برنامج متكامل لموارد الصندوق ونفقاته على المدى المتوسط.
وتوسعت قاعدة الفئات المستفيدة من صندوق التكافل العائلي، لتضم الزوجة المعوزة والتي تستحق النفقة، إضافة إلى مستحقي النفقة من الأولاد، بعد ثبوت حاجة الأم أو وفاتها. لكنّ نساء مطلقات ينفينَ أن يكنّ قد استفدن من دعم هذا الصندوق الخاص بالتكافل العائلي، بدليل أنهن يعانين من مشاكل النفقة ولا يجدن من يقدم لهن يد العون، فيما أفادت أخريات بأن كثرة الوثائق المطلوبة تتحول إلى عراقيل أمام المطلقات اللواتي يعجزن عن تلبيتها.
إلى ذلك، تقول أستاذة علم الاجتماع في جامعة القاضي عياض في مراكش، نعيمة المدني، إن بعض المبادرات التي تستهدف النساء المعوزات، مثل صندوق التكافل أو التماسك الاجتماعي، تتعامل مع هذه الفئة من خلال مقاربة اقتصادية صرفة. تضيف في حديث لـ "العربي الجديد" أن هذه المبادرات تركز فقط على معالجة المشاكل المادية، لافتة إلى أن الجانب المادي شغل العالم فعلاً منذ الستينيات، وأعدت الولايات المتحدة الأميركية دراسات علمية عدة، في ظل ما عرف بالاتجاه نحو تأنيث ظاهرة الفقر على المستوى العالمي. تضيف المدني أن هناك مظاهر أخرى للعوز لا تقل أهمية عن الفقر المادي، على غرار الأمية، والتسرب المدرسي، والبطالة، والأمراض، وهي مشاكل اجتماعية تجعل العديد من النساء يدخلن في دائرة الهشاشة والفقر من دون أن يكن في الواقع أرامل أو مطلقات أو متخلى عنهن. وتوضح المدني أنه يتعين على المبادرات التي تستهدف النساء المهمشات التعاون مع المؤسسات التي تعنى بهذه الفئات أيضاً لتطوير العمل، ومساعدتهن بطريقة مختلفة. تتابع أنه على المبادرات التي تهتم بأوضاع النساء اللواتي يعانين بسبب التهميش والفقر العمل على إعداد دراسات علمية بهدف تقييم أوضاع هؤلاء النساء، والبحث عن الوسائل الأفضل لمساعدتهن.