درس في الحياة

01 أكتوبر 2015
لقد وجدت نفسي بين تلاميذ غرباء وأساتذة جدد (Getty)
+ الخط -
بعد قضاء عطلة صيفية ممتعة، أصبح يوم العودة المدرسية قاب قوسين أو أدنى، فاقتنيت بعض اللوازم المدرسية والثياب الجديدة. وأخيرا جاء اليوم الموعود، لم أنم ليلتي وأنا أنتظر على أحرّ من الجمر طلوع الصباح، وما إن وطئت قدماي المدرسة حتى أقدم عليّ أصدقائي يعانقونني ويقبلونني. حقا هذه المشاعر لا يمكن وصفها بمجرد كلمات.


ولكم اشتقت إليهم وإلى مدرسيي السنة الفارطة. جلسنا على الكراسي نتبادل أطراف الحديث ونتذكر أحلى اللحظات. رن الجرس فاستقام الجميع في الصفوف لتأدية تحية العلم، ثم توجهنا إلى أقسامنا، ويا للهول! لقد وجدت نفسي بين تلاميذ غرباء وأساتذة جدد.

وضعت يدي على فمي لأكتم صرخة ألم كادت تدوي في الفضاء. مرت الدقائق وكأنها ساعات وأنا أنتظر ساعة الخروج كي أنقل المعلومة إلى والدي. وأخيرا رن الجرس فأسرع الجميع إلى باب الخروج، إلا أنا فقد كنت أسير ببطء حائرة تائهة.

دخلت إلى غرفتي وأجهشت على الفور بالبكاء، التحق بي والدي وسألني عن السبب، فقصصت له ما جرى. حاول أبي أن يهدئ من روعي، وأقنعني بضرورة التأقلم مع الوضع الجديد، وأن مثل هذه الأشياء تعوّدني على مغالبة تصاريف الدهر، وأخبرني أنه حين يفاجأ الفرد بظروف غير منتظرة أو خطر فإنه يمر بلحظات اضطراب، وأن الإنسان يحاول نتيجتها البحث عن الوسيلة المناسبة لمواجهة هذه المواقف.

بدأت أقتنع شيئا فشيئا حتى ظهرت على شفتيّ علامة الرضا. وقد قابل اليوم الثالث في الدراسة تاريخ عيد ميلادي، وما فاجأني أكثر هو أن إحدى زميلاتي الجديدات قدمت لي هدية احتفالا بهذه المناسبة.

مرت الأيام وقد بدأت أتأقلم مع هذا الوضع، أنشأت علاقات صداقة جديدة، وأحبني الأساتذة، ونسيت كل الاضطرابات التي واجهتها خلال أيامي الأولى. كان درسا مفيدا تعلمت من خلاله أن مواجهة أشياء جديدة تساعدك على التأقلم في الحياة، وتجعلك مستعدا لمقاومة الصدمات، وأدركت أن الإنسان معرض لمثل هذه المواقف في الحياة داخل المدرسة وخارجها، وحتى يكتسب القوة ويؤثث شخصية متوازنة فإنه يكون مطالبا بالتأقلم مع مختلف الوضعيات التي تعترضه.

(تونس)
دلالات