03 مارس 2022
دراما سعودية في لندن
في مسرحية "باي باي لندن" الشهيرة، يتغزّل الفنان الكويتي، غانم الصالح، بمفاتن عاصمة الضباب، حيث يلتقي الماء بالخضراء والوجه الحسن. أجواء المسرحية التي تألق فيها نجوم الكوميديا الكويتية، الراحل عبد الحسين عبد الرضا، ومعه مريم الغضبان وانتصار الشراح وعادل داود... وآخرون، عرضت في قالب كوميدي ساخر، وناقد لاذع، أجواء زوّار لندن عرب، يتنقلون بين الحانات وصالات القمار، يطاردون الشقراوات، ويقرعون كؤوس الراح حتى يلمع الفجر، في أجواء من الحرية الشخصية بعيداً عن اقتحامات الشرطة وغارات زوار الفجر، والأهم، نكد زوجاتهم. مشهد آخر من العلاقة المركّبة بين لندن والعرب عرضه المسلسل التلفزيوني "عرب لندن" (2008) الذي حاول مخرجه، أنور قوادري، نقل جانب آخر من حياة العرب في العاصمة البريطانية، إذ يواجه نجوم المسلسل، عابد فهد وجهاد سعد وباسل خياط.. وآخرون، تخبط العربي اللندني اللاجئ في صراعات الهوية والانتماء والاندماج والإرهاب.
كانت شوارع لندن، "مربط خيلنا"، كما يسميها بعض العرب، قبل أيام، مسرحاً لدراما عربية من صنفٍ آخر، عندما تعرّض الناشط والمعارض السعودي غانم الدوسري لاعتداء في منطقة نايتسبريدج، على بعد خطوات من المتجر اللندني الشهير "هارودز". وفي التفاصيل أن المعارض الذي لجأ الى بريطانيا في العام 2003 بسبب آرائه السياسية، تعرّض للضرب من أشخاصٍ شتموه، بسبب انتقاداته النظام السياسي السعودي، وحديثه لوسائل إعلامية عربية وبريطانية عما يجري في السعودية من مخاضٍ سياسي ليس خافيا على أحد. مهاجمو الدوسري، الذين قدموا عرضاً، واستعراضاً من "كاوبوي الواقع" صورته ونقلته إلى العالم هواتف المارّة، أوسعوا الرجل ضرباً وركلاً وشتماً بوصفه عميلاً لدولة قطر، وعدوّاً للسعودية، متوعّدين بتلقينه درساً، حتى لو كان في حماية الشرطة البريطانية التي وصفوها بـ"الكلاب عندنا"، أو تحت حماية الملكة التي اكتشفنا أنها مجرّد "عبدة" عند السعودية، كما قال أحد المعتدين.
فيلم الاعتداء على الدوسري، وما تخلله من عباراتٍ صرخ بها المعتدون، مهدّدين ومتوعدين وشاتمين، يذكّر بجانب تراجيدي من وجوه مدينة الضباب، إذ دخلت البلطجة السعودية إلى قائمة أعمال الترهيب والقتل السياسي التي وقعت في شوارع لندن، وكان جديدها محاولة اغتيال الروسي سيرغي سكريبال، مروراً بحوادث دامية كثيرة، راح ضحيتها سياسيون وإعلاميون وفنانون عرب وغيرهم، أمثال المصري أشرف مروان الذي وجدت جثته تحت شرفة منزله في العام 2007، وتعود سيرته إلى الأضواء في هذه الأيام، مع فيلم "الملاك"، الذي قدمته شبكة "نتفليكس" بإنتاج أميركي إسرائيلي، يروي دوره جاسوسا عمل لصالح إسرائيل، استناداً للرواية الإسرائيلية. وفي حادثةٍ مشابهة، وجدت الشرطة في العام 2001 جثة الفنانة سعاد حسني ملقاة في الشارع الخلفي لمبنى "ستيوارت تاور" غربي لندن. وتحت جُنح ضباب لندن، كان قد اغتيل ممثل منظمة التحرير الفلسطينية سعيد حمامي (1987)، والمعارضان، الليبي علي محمد أبو زيد (1995)، والروسي ألكسندر ليتفينينكو (2006) الذي اغتيل مسموماً بمادة البولونيوم، والسياسي الباكستاني عمران فاروق، في العام 2010، طعناً بالسكاكين.
وبالحديث عن وجه لندن الدامي، حلت هذه الأيام كذلك، ذكرى اغتيال رسام الكاريكاتير الفلسطيني ناجي العلي، الذي أَطلق قاتلٌ مجهول النار عليه في شارع لندني، وظل في غيبوبة حتى وفاته في أغسطس/ آب 1987. ولم تُعرف حتى اللحظة الجهة التي نفذت اغتياله، مع اتهام بعضهم جهاز الموساد الإسرائيلي، فيما يتهم آخرون أنظمة عربية أو جهات فلسطينية طاولتها ريشة حنظلة اللاذعة.
قدّمت الدراما السعودية الواقعية التي دارت رحاها في حي "جسر الفرسان" الراقي عرضاً مختلفاً هذه المرة، حيث لا كاتم صوت، ولا سموم، ولا أياد خفيّة تضرب تحت جنح الظلام، ولا وجوه ملثّمة، بل استعراض بلطجة تحت ضوء النهار، على مسرح مفتوح على الجمهور والهواء، وكأن المخرج أراد ترهيب المتفرجين بطول اليد السعودية، القادرة على الضرب بحزمٍ من اليمن وصولاً إلى عرين بريطانيا العظمى.
كانت شوارع لندن، "مربط خيلنا"، كما يسميها بعض العرب، قبل أيام، مسرحاً لدراما عربية من صنفٍ آخر، عندما تعرّض الناشط والمعارض السعودي غانم الدوسري لاعتداء في منطقة نايتسبريدج، على بعد خطوات من المتجر اللندني الشهير "هارودز". وفي التفاصيل أن المعارض الذي لجأ الى بريطانيا في العام 2003 بسبب آرائه السياسية، تعرّض للضرب من أشخاصٍ شتموه، بسبب انتقاداته النظام السياسي السعودي، وحديثه لوسائل إعلامية عربية وبريطانية عما يجري في السعودية من مخاضٍ سياسي ليس خافيا على أحد. مهاجمو الدوسري، الذين قدموا عرضاً، واستعراضاً من "كاوبوي الواقع" صورته ونقلته إلى العالم هواتف المارّة، أوسعوا الرجل ضرباً وركلاً وشتماً بوصفه عميلاً لدولة قطر، وعدوّاً للسعودية، متوعّدين بتلقينه درساً، حتى لو كان في حماية الشرطة البريطانية التي وصفوها بـ"الكلاب عندنا"، أو تحت حماية الملكة التي اكتشفنا أنها مجرّد "عبدة" عند السعودية، كما قال أحد المعتدين.
فيلم الاعتداء على الدوسري، وما تخلله من عباراتٍ صرخ بها المعتدون، مهدّدين ومتوعدين وشاتمين، يذكّر بجانب تراجيدي من وجوه مدينة الضباب، إذ دخلت البلطجة السعودية إلى قائمة أعمال الترهيب والقتل السياسي التي وقعت في شوارع لندن، وكان جديدها محاولة اغتيال الروسي سيرغي سكريبال، مروراً بحوادث دامية كثيرة، راح ضحيتها سياسيون وإعلاميون وفنانون عرب وغيرهم، أمثال المصري أشرف مروان الذي وجدت جثته تحت شرفة منزله في العام 2007، وتعود سيرته إلى الأضواء في هذه الأيام، مع فيلم "الملاك"، الذي قدمته شبكة "نتفليكس" بإنتاج أميركي إسرائيلي، يروي دوره جاسوسا عمل لصالح إسرائيل، استناداً للرواية الإسرائيلية. وفي حادثةٍ مشابهة، وجدت الشرطة في العام 2001 جثة الفنانة سعاد حسني ملقاة في الشارع الخلفي لمبنى "ستيوارت تاور" غربي لندن. وتحت جُنح ضباب لندن، كان قد اغتيل ممثل منظمة التحرير الفلسطينية سعيد حمامي (1987)، والمعارضان، الليبي علي محمد أبو زيد (1995)، والروسي ألكسندر ليتفينينكو (2006) الذي اغتيل مسموماً بمادة البولونيوم، والسياسي الباكستاني عمران فاروق، في العام 2010، طعناً بالسكاكين.
وبالحديث عن وجه لندن الدامي، حلت هذه الأيام كذلك، ذكرى اغتيال رسام الكاريكاتير الفلسطيني ناجي العلي، الذي أَطلق قاتلٌ مجهول النار عليه في شارع لندني، وظل في غيبوبة حتى وفاته في أغسطس/ آب 1987. ولم تُعرف حتى اللحظة الجهة التي نفذت اغتياله، مع اتهام بعضهم جهاز الموساد الإسرائيلي، فيما يتهم آخرون أنظمة عربية أو جهات فلسطينية طاولتها ريشة حنظلة اللاذعة.
قدّمت الدراما السعودية الواقعية التي دارت رحاها في حي "جسر الفرسان" الراقي عرضاً مختلفاً هذه المرة، حيث لا كاتم صوت، ولا سموم، ولا أياد خفيّة تضرب تحت جنح الظلام، ولا وجوه ملثّمة، بل استعراض بلطجة تحت ضوء النهار، على مسرح مفتوح على الجمهور والهواء، وكأن المخرج أراد ترهيب المتفرجين بطول اليد السعودية، القادرة على الضرب بحزمٍ من اليمن وصولاً إلى عرين بريطانيا العظمى.