خلصت دراسة إسرائيلية إلى أن كلاً من الولايات المتحدة والسعودية محبطتان من عوائد العلاقة بينهما، مشيرة إلى أن إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، ونظام الحكم في الرياض يجدان صعوبة كبيرة في تلبية التوقعات بشأن العلاقة الثنائية بينهما.
وأشارت الدراسة، التي صدرت اليوم الأحد عن "مركز أبحاث الأمن القومي" الإسرائيلي، إلى أن إدراك الولايات المتحدة والسعودية محدودية الرهان على العلاقة بينهما سيدفع الطرفين إلى إعادة تقييم هذه العلاقة بشكل قد يؤثر سلبا على مصالح إسرائيل الاستراتيجية.
وقالت الدراسة التي أعدها كل من رئيس دائرة الدراسات الخليجية في المركز، يوئيل جوزينسكي، والباحث إلداد شبيط، الذي تولى في السابق مواقع متقدمة في شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية "امان"، إن إدارة ترامب اكتشفت أن الاعتماد على السعودية لتحقيق مصالح واشنطن في مواجهة إيران ودفع أجندتها في الشأن الفلسطيني محدودة.
ولفتت الدراسة إلى أن واقع العلاقة بين واشنطن والرياض يتناقض مع النظرة السعودية لهذه العلاقة، التي وصلت إلى حد وصف السعوديين الزيارة التي قام بها ترامب للمملكة في مارس/ أذار 2017 بأنها "نقطة تحول تاريخية في العلاقة بين الدولتين".
وأوضحت أن مظاهر الإحباط التي عبرت عنها السعودية ودول الخليج المتحالفة معها تمثلت في إقرار وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي، أنور قرقاش، عند زيارته للندن في يونيو/ حزيران الماضي بأن دول التحالف العربي بقيادة السعودية تجد صعوبة في الاعتماد على الدعم العسكري الذي تقدمه كل من الولايات المتحدة وبريطانيا لقوات التحالف العاملة في اليمن.
وشددت على أن استمرار الحرب على اليمن لأكثر من 3 سنوات وتكلفتها التي فاقت 200 مليار دولار، دون أن تحقق أي نتائج تذكر من ناحية عسكرية أو سياسية، سيؤثران بشكل كبير على مكانة ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان داخليا وخارجيا.
ويلفت معدا الدراسة الأنظار إلى أن هناك تخوفا داخل واشنطن من أن تفضي الحرب في اليمن إلى توريط الولايات المتحدة فيها بشكل لا يخدم مصالحها بالمطلق، حيث يشيران إلى أن ما يزيد الأمور تعقيدا أن أوساطا كثيرة في الولايات المتحدة تحمل السعودية المسؤولية عن المس بالمدنيين في اليمن وترى أن الرياض مسؤولة بشكل مباشر عن تدهور الأوضاع الإنسانية هناك.
وشددت الدراسة على أن كل المؤشرات تدلل على أن الولايات المتحدة معنية بعدم السماح لمليشيات الحوثي بمراكمة الإنجازات وليس ضمان تحقيق السعودية انتصارا في اليمن.
وأشارت الدراسة إلى أن هناك خيبة أمل سعودية كبيرة لوجود مؤشرات على عدم استعداد الإدارة الأميركية للمضي قدما في مواجهة إيران، سيما على الصعيد العسكري، إلى جانب وجود مؤشرات على استعداد الإدارة للتصالح مع طهران.
وأضافت أن ما يفاقم الإحباط السعودي حقيقة أن ترامب يطالب السعودية ودول الخليج الأخرى أن تستثمر المزيد من الموارد لمساعدة واشنطن في المواجهة ضد إيران وضمن ذلك زيادة إنتاج النفط لتغطية النقص الناجم عن تراجع قدرة إيران على تصدير نفطها، مع عدم تقديمه مؤشرات على أنه جاد في مواجهة طهران.
وحسب معدي الدراسة، فإن التسريبات حول وساطة عمانية بين إيران والولايات المتحدة زادت من خيبة أمل القيادة السعودية وسوغت التشكيك في نوايا الإدارة الحقيقية.
وأعادت الدراسة للأذهان حقيقة أن الموقف المتشدد الذي عبرت عنه إدارة ترامب من إيران شجع قادة دول الخليج على إصدار مواقف شديدة اللهجة ضد طهران، مستذكرة أن السعودية ودولا خليجية أخرى تحفظت على الاتفاق النووي الذي توصلت إليه الدول العظمى وإيران. وأشارت إلى أن هذا ما جعل كلا من السعودية والإمارات تنضم لإسرائيل في مايو/ أيار الماضي في دعمها لقرار ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي.
وفيما يتعلق بالموقف من السياسة الأميركية تجاه القضية الفلسطينية، أشارت الدراسة إلى أن إدارة ترامب باتت تعي أن الاتهامات التي وجهتها أطراف فلسطينية وعربية لجهات متنفذة داخل المملكة بالتعاون مع واشنطن في محاولة تمرير الخطة الأميركية لتسوية الصراع قلصت قدرة الرياض واستعدادها للتعاون في تطبيق هذه الخطة.
وأوضحت الدراسة أن القيادة السعودية أدركت أن الرأي العام السعودي لا يمكنه قبول أي شكل من أشكال التطبيع مع إسرائيل، سيما بعيد نقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة، مشيرة إلى أن هذا ما دفع هذه القيادة إلى الدعوة لعقد القمة العربية في الظهران في إبريل/ نيسان الماضي، والتي سمّتها "قمة القدس" لدحض التهم بالتعاون مع الخطة الأميركية.
وشددت على أن سورية باتت أحد محاور الخلاف الواضح بين السعودية والولايات المتحدة، مشيرة إلى أنه في الوقت الذي يطالب ترامب السعودية ودول الخليج الأخرى بأن تتولى تشكيل وتمويل تحالف "ناتو" عربي لمواجهة إيران و"الإرهاب الإسلامي" في سورية تحديدا، فأن الرياض غير قادرة على الاستجابة لهذا الطلب بسبب طابع التحديدات الكبيرة التي تواجهها على حدودها الجنوبية مع اليمن، إلى جانب أن القدرات العسكرية للرياض والدول الخليجية الأخرى محدودة، ناهيك عن تأثير الخلافات الداخلية بين هذه الدول.
ورأت الدراسة أنه على الرغم من أن إدارة ترامب غير معنية حاليا بممارسة أي ضغط على ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لوقف مسه بشكل منهجي بسجل حقوق الإنسان في السعودية من خلال حملات الاعتقال ومحاربة حرية التعبير، إلا أنه من غير المستبعد أن تتعاظم الضغوط التي يمكن أن يمارسها الكونغرس على الإدارة في واشنطن لاتخاذ موقف من سلوك ولي العهد السعودي، سيما في حال انتقل مسلسل القمع إلى مستويات أكثر خطورة.
وحسب الدراسة الإسرائيلية، فأن تواصل الأزمة الخليجية يمثل مصدر قلق حقيقي لواشنطن على اعتبار أن المصلحة الأميركية تكمن في وجود مجلس تعاون خليجي قوي يعزز من قدرة أميركا على تحقيق مصالحها، مشيرة إلى أن هذه الأزمة دفعت قطر إلى تعزيز علاقتها بكل من تركيا وإيران.
وحذرت من أن البون الشاسع بين رهانات السعودية والولايات المتحدة على العلاقة بينهما يمكن أن يؤثر على مصالح إسرائيل الاستراتيجية، محذرة من أن إحباط ترامب من إمكانية أن تسهم الرياض في مساعدته على مواجهة إيران وتمرير أجندته المتعلقة بالقضية الفلسطينية يمكن أن يدفع واشنطن لعدم التحرك ضد إيران وهو ما سيؤثر سلبا على مصالح تل أبيب الاستراتيجية.