دانا جبر: جسد المرأة ليس فضيحة

31 اغسطس 2020
أدان البعض دانا جبر بمنطق ذكوري يفرض الوصاية على جسد المرأة (فيسبوك)
+ الخط -

انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مجموعة من الصور والفيديوهات للفنانة السورية، دانا جبر، كالنار في الهشيم؛ صور وفيديوهات خاصة، كانت تحتفظ بها جبر على موبايلها الشخصي الذي تم اختراقه، ولم تكن معدة للتداول العام.
ورغم أن تداول هذه الصور ونشرها يعتبران جريمة وانتهاكا صارخا للخصوصية، إلا أن شريحة كبيرة من الجمهور تعاطوا مع الحادثة من منظور مختلف، فأدانوا دانا جبر بالاستناد للمنطق الذكوري الذي يتيح لهم فرض الوصاية على جسد المرأة، إذْ يتعاملون معه كمقياس لشرف العائلة أو حتى البلد في هذه الحالة؛ لتنتشر الكثير من التعليقات المسيئة لجبر، مثل: "وطيتي راس سورية" و"الله يريحنا من أمثالك". وبعض المعلقين اعتبروا أن صور دانا جبر أساءت لعائلة جبر الفنية كاملةً، ومن هذه التعليقات: "دانا جبر خلت سمعة أبو عنتر بالأرض، آخ لو كان عايش"؛ مع العلم أن شخصية الأبضاي "أبو عنتر" التي تعتبر من أهم الشخصيات الخالدة في الدراما السورية، أداها ناجي جبر.

 
وللمفارقة، إن أصحاب هذه المنشورات، الذين نصبوا أنفسهم قضاةً وأطلقوا على دانا جبر أحكاما أخلاقية، ناقشوا بتعليقاتهم أدق التفاصيل في محتوى الصور والفيديوهات "الفاضحة"، ولم تخل تعليقاتهم من الأسئلة حول السبيل للحصول على المزيد من الصور اللا أخلاقية! وفي الغالب، هذه الشريحة كانت السبب الرئيسي بتصدر دانا جبر الترند على محرك البحث "غوغل". 
لكن التعاطي مع قضية دانا جبر لم يكن سلبياً بالمطلق؛ بل إن هناك عدداً كبيراً من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي عبروا عن تعاطفهم مع الفنانة الشابة، ومن اليوم الأول، نظمت بعض المجموعات النسوية السورية، مثل مجموعة "نسويات سورية" حملات لمناصرة دانا جبر لمواجهة الابتزاز الذي تتعرض له، فأطلقت هاشتاغات للتعبير عن الدعم، منها: "كلنا دانا جبر" و"دانا جبر كلنا معك". هذه الحملات سعت لتصويب الرأي، من خلال نشر بعض العبارات التوعوية المرفقة بالهاشتاغ عن ضرورة احترام الحريات الشخصية، والتمييز بين الجاني والضحية في هذه القضية.
كذلك، أعلن العديد من الفنانين السوريين عن تضامنهم مع جبر ودعمهم لها؛ فأطلت الممثلة تولين البكري بفيديو بث مباشر على "فيسبوك"، اختارت له عنوان "دعوا الخلق للخالق يا حراس الشرف"، وفيه تحدثت مطولاً عن استيائها من شماتة البعض بدانا جبر، وهاجمت كل من انتقد زميلتها بحجة انتهاكها لمعايير الشرف بحياتها الشخصية. كذلك نشرت الممثلة مروة الأطرش على صفحتها الخاصة على "فيسبوك" صورة لدانا جبر، وكتبت لها: "كلنا معرضون لهذه المواقف. هذه حياتك الشخصية وأنت حرة فيها". 


حملات التضامن هذه، وإن كانت محدودة الانتشار نسبياً، إلا أنها تبدو مؤشراً إيجابياً لتطور وعي الشارع السوري فيما يتعلق بهذا النوع من القضايا؛ فنحن لم نشهد حملات كهذه عندما وقعت حوادث شبيهة في السنوات السابقة؛ فعلى سبيل المثال، لم يخرج أحد ليعلن تضامنه مع الممثلة لونا الحسن، بعد أن تم تسريب فيديو جنسي لها قبل عدة أعوام، مما أجبرها على الاعتزال والابتعاد الكامل عن الأضواء حتى اليوم. 

المساهمون