داعش وحزب الله

30 أكتوبر 2015
+ الخط -
قد يكون أجدى بالحركات العقائدية التي تمثل حقلاً مجتمعياً أن تتحد بدل أن تتناحر، لإدرك راسخ بأنها جميعاً سواسية كأسنان المشط لا فرق بينها، ولا فضل لواحدة على الأخرى، إلا بحجم سطوتها، ومدى سلطتها على كم الناس الموجودين على جغرافيا معينة من هذا الكوكب الدوار الذي يدور حول نفسه دوراناً يلغي معه أي معنى أو ضرورة لمعرفة البداية من النهاية.
فكرة المجتمع الماضوي التي تدعو إليه الدولة الداعشية، والخلط بين الإيمان والسلطة الذي يمارسه حزب الله، ويعتبره واحداً، كما اعتماد قاعدة الإرتداد والتخوين عند كليهما، ومثلها الإقرار بمبدأ التقليد وإتقان لغة التكليف والإغلاق على حرية التفكير وتمكين حراس العقيدة وتسليحهم.. كلها صفات تجمع بين المتضادين صورياً، المتشابهين بالتركيب.
احتكار الحقيقة احتقار للعقل، وهي عند كليهما مثل السطو على الأفكار وقرصنة النظريات ومصادرة العلوم ونسبها بسهولة إلى الذات، وهو ما يبهر في العادة البسطاء المستسلمين، ويفرح المؤمنون الخاضعون الراكعون الساجدون المضحون بأنفسهم للعقل المسيطر بفعل القوة المكتسبة الممنوحة له بالمنتقى من النصوص التي لن تغير في المضمون شيء.
هؤلاء وأولئك كقطعة المغناطيس المنقسمة، أصلهم واحد، لكنهم اليوم حدان متقابلان متنافران يتبادلان الأدوار. أما السؤال عن السبيل إلى الخروج من حقلهم؟ فجوابه مناط بتأثير الدوران التابع للزمان والخاضع لجاذبية الأفلاك، تماماً كما هي الشمس مع الهواء تشتد حرارته في وجدها، و يبرد عندما تخبو، كذلك هو يفعل القمر في الماء، يأخذه بين مد وجزر، فما بالك بمخلوقات الخمس أو الست ولربما السبع الحواس الملقبة تباهياً بالعاقلة وبالفسيفساء؟
تلك التركيبة الاستثنائية الشاخصة أبداً أمام ناظرينا أتت من دون شك من عقل فاسد (أي قابل للموت)، وهي ستفسد، ومن الطبيعي (أي المسلم به) أيضاً أنه سيظهر مجدداً ماهو موالف أكثر منها، ينقض على المخالف المتكاثر بعشوائية فيها، يحطم أيقوناتها ويجعل منها إذا حالفها الحظ ديناصورات منقرضة مقزمة مناسبة لتقبع بين السطور في نص داخل كتاب على رف مكتبة، أما إن إستحال حصول ذلك أو عجز عن فعله التقطير، لزم وجود طوفان وسفينة كالتي كانت في غابر الأزمان.
ما نحن بصدده لا يمكن أن يوصف إلا على أنه مساواة بالمفاسد بين العقول الفاعلة التي ما عادت تستطيع معها صبراً والعقول الصغيرة المنفعلة، ويقيناً فإنه لن يقدر عليها إلا العقول المفارقة للجسمانية السابحة وراء الغلاف الأوزوني المحيط بكوكب اسمه الارض.
avata
avata
كرم محمد السكافي (لبنان)
كرم محمد السكافي (لبنان)