اختلف تنظيم "داعش" عن جميع التنظيمات المسلحة، حيث أسس في العراق قاعدة اقتصادية عريضة ومتنوعة تجاوزت التبرعات والدعم المادي، عبر سيطرته على مساحة غنية بالموارد الطبيعية، تبلغ ثلث مساحة العراق، وتمكن من تهريب النفط والآثار وفرض ضريبة على البضائع الداخلة إلى مناطقه عبر المنافذ الحدودية التي سيطر عليها.
بدأ تنظيم داعش في مطلع العام الحالي بإعادة تفعيل المصانع عبر إرجاع العاملين فيها، بعد تقديم "التوبة" الشكلية وإنشاء أسواق جديدة من أجل تعظيم موارده.
وقال الخبير في الجماعات المتشددة وصاحب كتاب "عالم داعش"، هشام الهاشمي، لـ "العربي الجديد": "يقوم الجهاز المالي والاستثماري لتنظيم داعش على أموال الجباية التي تجمع عن طريق تهريب النفط والآثار والضرائب المفروضة على الناس، والاختطاف والفديات والإتاوات والسلب والزكاة من الجمعيات والمساجد". وأكد أن "الأموال التي تأتي من السطو والاختطاف والتبرعات تبلغ شهرياً أكثر من 12 مليون دولار، بالإضافة إلى أنه يفرض ضريبة جمرك عن كل شاحنة تعبر حدوده عن طريق الأنبار بمبلغ 300 دولار".
وأضاف أن "التنظيم حرك عجلة الإنتاج في معمل الإسمنت بقضاء القائم بالأنبار، التي تبلغ طاقته الإنتاجية السنوية 840 ألف طن ويقوم ببيع الإسمنت إلى المحافظات الأخرى، وكذلك معملي الأسمدة والفوسفات اللذان يصدران إلى المناطق الأخرى وخارج البلاد".
وسيطر تنظيم "داعش" على عدة حقول نفطية تنتج ما يقارب الـ 100 ألف برميل يومياً، وبدأ ينتج نحو 50 ألف برميل يومياً، ويبيعها للمافيات بأسعار تتراوح بين 10-25 دولاراً للبرميل. وكذا سيطر التنظيم على حزام الحنطة والشعير في العراق الذي تبلغ قيمته 614 مليون دولار في العام الواحد.
السيطرة على الإنتاج
وقال وكيل وزير الزراعة العراقي، مهدي القيسي، لـ "العربي الجديد"، إن "تنظيم داعش استولى على مليون طن من الحنطة والشعير في محافظة نينوى، ويبلغ سعر طن الحنطة 660 دولاراً، وطن الشعير 468 دولاراً، بالإضافة إلى حجم كبير من الثروة الحيوانية"، مبيناً أن "القطاع الزراعي تعرض للاهتزاز نتيجة سيطرة تنظيم داعش عليه في منطقة الحويجة بكركوك ومناطق أخرى في ديالى وصلاح الدين والأنبار". وبين أن "المساحة الزراعية التي سيطر عليها تنظيم داعش تعتبر من أهم المناطق في العراق، لما تتمتع به من إمكانيات كبيرة".
في محافظة نينوى، تحدث عضو مجلسها المحلي، حسام العبار، عن طرق تمويل تنظيم داعش الذي احتلها في يونيو/حزيران 2014، وقال إن "تمويل تنظيم داعش في محافظة نينوى يركز بشكل رئيسي على الآبار النفطية المتواجدة في منطقة الكيارة وهي جاهزة لاستخراج النفط، حيث يصدر يومياً ما يقارب مائة سيارة سعر الواحدة ثلاثة آلاف دولار"، مبيناً أن "المصدر الثاني لتنظيم داعش يتمثل بهيمنته على عقارات وزارة البلديات والوقف السني، حيث يمتلكان المئات من المحلات والساحات العامة، ويجني منها أرباحاً شهرية تقدر بـ1.7 مليون دولار"، مشيراً إلى أن "التنظيم استحدث العديد من المحلات وساحات الوقوف بالإضافة إلى حصوله على أموال الزكاة التي يتقاضاها سنوياً من المواطنين".
وتابع أن "التنظيم قام بتأجير المتر الواحد من البسطات في الأسواق الشعبية بمحافظة الموصل بسعر 150 ألف دينار (125 دولاراً)، بينما الباعة المتجولون يدفعون شهرياً 10 آلاف دينار (8.3 دولارات)"، لافتا إلى أن "كل مواطن يراجع المستشفيات يجب أن يدفع خمسة آلاف دينار (4.15 دولارات)، بينما يدفع طلاب المدارس شهرياً 15 ألف دينار (12.5 دولاراً)".
وواصل العبار حديثه قائلاً إن "داعش يستخدم معملي الإسمنت والكبريت وينتج ويبيع إنتاجه، وقام أخيراً بتحويل العقوبات التي يجلد بها المواطنين إلى غرامات تتراوح بين 125 – 625 دولاراً. وكل سيارة صغيرة تسير على الطرقات يدفع صاحبها 21 دولاراً شهرياً والمتوسطة 42 دولاراً والشاحنة 100 دولار".
وتحدثت "العربي الجديد" مع أحد المواطنين في محافظة نينوى، ويدعى أحمد الموصلي فقال، إن "تنظيم داعش يفرض رسماً جمركياً على الأدوية يتراوح بين 200 – 1000 دولار وعلى طن المواد الغذائية من 150 -400 دولار وعلى السيارة التي تدخل حدوده بين 50 -100 دولار". وأكد أن "كل محكوم بالإعدام يجب أن يدفع قبل قتله غرامة من 750 – 3000 دولار حسب نوعية الحكم، وبعدها يدفع ذوو المعدوم مبلغ 500 – 2000 دولار لاستلام الجثة، وأن المعتقلين الذين يفرج عنهم يجب أن يدفعوا مبلغ 300 دولار ثمن إجراءات التحقيق والإقامة في المعتقل"، موضحاً أن "هناك ضريبة شهرية على كل منزل أو محل تبلغ خمسة آلاف دينار تسمى ضريبة التنظيف".
في السياق نفسه، قال الصحافي العراقي المتابع لملف داعش، زاهر موسى، لـ "العربي الجديد"، إن "تنظيم داعش ينتج الكهرباء من مدينتي الموصل والرقة، ويقوم بتكرير النفط لإنتاج الديزل والبنزين من المصافي التي تحت يده، وأما الغذاء فهم يتعاملون مع مافيات لاستيراد المواد الغذائية لمناطقهم بالإضافة إلى الإنتاج المحلي"، مبيناً أن "داعش يتعامل مع المزارعين بنظام الآجل في إنتاج محاصيلهم الزراعية".
من جهته، قال مسؤول الإعلام للحزب الديمقراطي الكردستاني في نينوى، سعيد مموزيني لـ "العربي الجديد"، إن "هناك مصادر أخرى لتمويل داعش حيث يتاجر بالأعضاء البشرية بعد إنشائه مستشفى بمحافظة نينوى لشراء الكلية بأسعار زهيدة جداً من العائلات المضطرة التي ليس لديها مال، ويبيعها بأسعار باهظة"، مبيناً أن "المصدر الآخر لتنظيم داعش هو إنشاؤه سوق النخاسة لبيع النساء عبر العشرات من الدولارات، وقام بعرض النساء الأيزديات وغيرهن". وأكد أن "كل شخص يريد الخروج من المناطق التي يسيطر عليها، يجب أن يدفع ثلاثة آلاف دولار"، مشيراً إلى أن "عناصر داعش أصبحوا أغنياء جداً لأنهم يسيطرون على التجارة عبر الاستيراد من الدول الأجنبية بآلاف الدولارات".
واستولى تنظيم داعش على 430 مليون دولار من فرع البنك المركزي بالموصل، بالإضافة إلى ملياري دينار من المصارف الخاصة التي لديها ما يقارب 100 فرع. وذكر خبير اقتصادي في محافظة نينوى (فضل عدم ذكر اسمه) لـ "العربي الجديد"، إن "داعش لم يطرد الموظفين في دوائر الدولة باستثناء الدوائر الأمنية، وقام بزيادة الضرائب على المدنيين والتضيق عليهم من أجل نزع أموالهم والتخلص من أي قوة مالية لديهم"، مشيرا إلى أن "تمويل داعش قد يكون ظاهرياً مثل تهريب النفط والآثار والضرائب والرسوم وغيرها، وقد يكون مخفياً مثل عمليات غسيل الأموال"، مبيناً أن "شبكات الاتصالات والإنترنت ما زالت تعمل في مناطقه، وهو يحصّل منها أموالاً تقدر بالآلاف من الدولارات شهرياً".
وأضاف أن "تنظيم داعش شجع أصحاب المصانع الأهلية على ضرورة تفعيل إنتاجهم، من أجل عدم إخراج العملة الأجنبية خارج المناطق التي يسيطر عليها".
اقرأ أيضاً:العراقيون ينفقون الملايين للعلاج من آثار الحروب
بدأ تنظيم داعش في مطلع العام الحالي بإعادة تفعيل المصانع عبر إرجاع العاملين فيها، بعد تقديم "التوبة" الشكلية وإنشاء أسواق جديدة من أجل تعظيم موارده.
وقال الخبير في الجماعات المتشددة وصاحب كتاب "عالم داعش"، هشام الهاشمي، لـ "العربي الجديد": "يقوم الجهاز المالي والاستثماري لتنظيم داعش على أموال الجباية التي تجمع عن طريق تهريب النفط والآثار والضرائب المفروضة على الناس، والاختطاف والفديات والإتاوات والسلب والزكاة من الجمعيات والمساجد". وأكد أن "الأموال التي تأتي من السطو والاختطاف والتبرعات تبلغ شهرياً أكثر من 12 مليون دولار، بالإضافة إلى أنه يفرض ضريبة جمرك عن كل شاحنة تعبر حدوده عن طريق الأنبار بمبلغ 300 دولار".
وأضاف أن "التنظيم حرك عجلة الإنتاج في معمل الإسمنت بقضاء القائم بالأنبار، التي تبلغ طاقته الإنتاجية السنوية 840 ألف طن ويقوم ببيع الإسمنت إلى المحافظات الأخرى، وكذلك معملي الأسمدة والفوسفات اللذان يصدران إلى المناطق الأخرى وخارج البلاد".
وسيطر تنظيم "داعش" على عدة حقول نفطية تنتج ما يقارب الـ 100 ألف برميل يومياً، وبدأ ينتج نحو 50 ألف برميل يومياً، ويبيعها للمافيات بأسعار تتراوح بين 10-25 دولاراً للبرميل. وكذا سيطر التنظيم على حزام الحنطة والشعير في العراق الذي تبلغ قيمته 614 مليون دولار في العام الواحد.
السيطرة على الإنتاج
وقال وكيل وزير الزراعة العراقي، مهدي القيسي، لـ "العربي الجديد"، إن "تنظيم داعش استولى على مليون طن من الحنطة والشعير في محافظة نينوى، ويبلغ سعر طن الحنطة 660 دولاراً، وطن الشعير 468 دولاراً، بالإضافة إلى حجم كبير من الثروة الحيوانية"، مبيناً أن "القطاع الزراعي تعرض للاهتزاز نتيجة سيطرة تنظيم داعش عليه في منطقة الحويجة بكركوك ومناطق أخرى في ديالى وصلاح الدين والأنبار". وبين أن "المساحة الزراعية التي سيطر عليها تنظيم داعش تعتبر من أهم المناطق في العراق، لما تتمتع به من إمكانيات كبيرة".
في محافظة نينوى، تحدث عضو مجلسها المحلي، حسام العبار، عن طرق تمويل تنظيم داعش الذي احتلها في يونيو/حزيران 2014، وقال إن "تمويل تنظيم داعش في محافظة نينوى يركز بشكل رئيسي على الآبار النفطية المتواجدة في منطقة الكيارة وهي جاهزة لاستخراج النفط، حيث يصدر يومياً ما يقارب مائة سيارة سعر الواحدة ثلاثة آلاف دولار"، مبيناً أن "المصدر الثاني لتنظيم داعش يتمثل بهيمنته على عقارات وزارة البلديات والوقف السني، حيث يمتلكان المئات من المحلات والساحات العامة، ويجني منها أرباحاً شهرية تقدر بـ1.7 مليون دولار"، مشيراً إلى أن "التنظيم استحدث العديد من المحلات وساحات الوقوف بالإضافة إلى حصوله على أموال الزكاة التي يتقاضاها سنوياً من المواطنين".
وتابع أن "التنظيم قام بتأجير المتر الواحد من البسطات في الأسواق الشعبية بمحافظة الموصل بسعر 150 ألف دينار (125 دولاراً)، بينما الباعة المتجولون يدفعون شهرياً 10 آلاف دينار (8.3 دولارات)"، لافتا إلى أن "كل مواطن يراجع المستشفيات يجب أن يدفع خمسة آلاف دينار (4.15 دولارات)، بينما يدفع طلاب المدارس شهرياً 15 ألف دينار (12.5 دولاراً)".
وواصل العبار حديثه قائلاً إن "داعش يستخدم معملي الإسمنت والكبريت وينتج ويبيع إنتاجه، وقام أخيراً بتحويل العقوبات التي يجلد بها المواطنين إلى غرامات تتراوح بين 125 – 625 دولاراً. وكل سيارة صغيرة تسير على الطرقات يدفع صاحبها 21 دولاراً شهرياً والمتوسطة 42 دولاراً والشاحنة 100 دولار".
وتحدثت "العربي الجديد" مع أحد المواطنين في محافظة نينوى، ويدعى أحمد الموصلي فقال، إن "تنظيم داعش يفرض رسماً جمركياً على الأدوية يتراوح بين 200 – 1000 دولار وعلى طن المواد الغذائية من 150 -400 دولار وعلى السيارة التي تدخل حدوده بين 50 -100 دولار". وأكد أن "كل محكوم بالإعدام يجب أن يدفع قبل قتله غرامة من 750 – 3000 دولار حسب نوعية الحكم، وبعدها يدفع ذوو المعدوم مبلغ 500 – 2000 دولار لاستلام الجثة، وأن المعتقلين الذين يفرج عنهم يجب أن يدفعوا مبلغ 300 دولار ثمن إجراءات التحقيق والإقامة في المعتقل"، موضحاً أن "هناك ضريبة شهرية على كل منزل أو محل تبلغ خمسة آلاف دينار تسمى ضريبة التنظيف".
في السياق نفسه، قال الصحافي العراقي المتابع لملف داعش، زاهر موسى، لـ "العربي الجديد"، إن "تنظيم داعش ينتج الكهرباء من مدينتي الموصل والرقة، ويقوم بتكرير النفط لإنتاج الديزل والبنزين من المصافي التي تحت يده، وأما الغذاء فهم يتعاملون مع مافيات لاستيراد المواد الغذائية لمناطقهم بالإضافة إلى الإنتاج المحلي"، مبيناً أن "داعش يتعامل مع المزارعين بنظام الآجل في إنتاج محاصيلهم الزراعية".
من جهته، قال مسؤول الإعلام للحزب الديمقراطي الكردستاني في نينوى، سعيد مموزيني لـ "العربي الجديد"، إن "هناك مصادر أخرى لتمويل داعش حيث يتاجر بالأعضاء البشرية بعد إنشائه مستشفى بمحافظة نينوى لشراء الكلية بأسعار زهيدة جداً من العائلات المضطرة التي ليس لديها مال، ويبيعها بأسعار باهظة"، مبيناً أن "المصدر الآخر لتنظيم داعش هو إنشاؤه سوق النخاسة لبيع النساء عبر العشرات من الدولارات، وقام بعرض النساء الأيزديات وغيرهن". وأكد أن "كل شخص يريد الخروج من المناطق التي يسيطر عليها، يجب أن يدفع ثلاثة آلاف دولار"، مشيراً إلى أن "عناصر داعش أصبحوا أغنياء جداً لأنهم يسيطرون على التجارة عبر الاستيراد من الدول الأجنبية بآلاف الدولارات".
واستولى تنظيم داعش على 430 مليون دولار من فرع البنك المركزي بالموصل، بالإضافة إلى ملياري دينار من المصارف الخاصة التي لديها ما يقارب 100 فرع. وذكر خبير اقتصادي في محافظة نينوى (فضل عدم ذكر اسمه) لـ "العربي الجديد"، إن "داعش لم يطرد الموظفين في دوائر الدولة باستثناء الدوائر الأمنية، وقام بزيادة الضرائب على المدنيين والتضيق عليهم من أجل نزع أموالهم والتخلص من أي قوة مالية لديهم"، مشيرا إلى أن "تمويل داعش قد يكون ظاهرياً مثل تهريب النفط والآثار والضرائب والرسوم وغيرها، وقد يكون مخفياً مثل عمليات غسيل الأموال"، مبيناً أن "شبكات الاتصالات والإنترنت ما زالت تعمل في مناطقه، وهو يحصّل منها أموالاً تقدر بالآلاف من الدولارات شهرياً".
وأضاف أن "تنظيم داعش شجع أصحاب المصانع الأهلية على ضرورة تفعيل إنتاجهم، من أجل عدم إخراج العملة الأجنبية خارج المناطق التي يسيطر عليها".
اقرأ أيضاً:العراقيون ينفقون الملايين للعلاج من آثار الحروب