داعش تعيد إنتاج الأسد؟

16 سبتمبر 2014
+ الخط -

في لقائه مع المبعوث الدولي الجديد إلى سورية، ستيفان دي ميستورا، قال بشار الأسد: "ما تشهده سورية والمنطقة جعل مكافحة الارهاب أولوية، لأنه خطر يهدد الجميع"، وشدد المبعوث الدولي على "ضرورة مواجهة المجموعات الإرهابية، على أن يترافق مع حلول سياسية جامعة للأزمة السورية".

جاءت هذه التصريحات في دمشق، عندما كان الرئيس الأميركي، بارك أوباما، في طريقه إلى إعلان تحالف عريض ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسورية. جملة بشار الأسد حول تهديد الإرهاب وضرورة مكافحة الارهابيين تعود بنا إلى بداية استخدام النظام هذا المصطلح، وترويج أن ما يواجهه هو إرهاب داخلي مع انطلاق الثورة، وأن جموع المتظاهرين هي مجموعات تكفيرية طائفية تقتل المدنيين، وتعتدي على الأملاك العامة والخاصة.

كل هذه الادعاءات في حين كانت مجموعات المتظاهرين تجهد نفسها أمام آلة القتل العسكرية والإعلامية للنظام، لإظهار أن هذه التظاهرات ما هي إلا مطلب للكرامة والحرية وتوسل مستقبل أفضل. ثبات المتظاهرين على مطالبهم وتعنت النظام واستخدامه القتل والاعتقال حلاً وحيداً، وإقحام الجيش في دوامة القمع وتوريطه في قصف المدن واحتلالها، سرّع من عملية الانشقاقات بين العسكريين، كتسجيل لموقف معارض للقتل والقصف العنيف ضد المناطق الثائرة، وبذلك، بدأت الثورة تدخل حقبة جديدة اتسمت بالمواجهة المسلحة بين الجيش النظامي وعناصر من المنشقين وبعض المدنيين، كان كل هدفهم حماية المتظاهرين السلميين.

حينها، خرجت أصوات كثيرة معارضة لانتهاج المواجهة المسلحة مع النظام، لعلمهم أن هذا ميدانه، وإنه يريد جر السوريين إليه بإصراره على انتهاج سياسة القتل المجاني للمتظاهرين، وافتعال المشكلات بين الأحياء المتنوعة طائفياً ودينياً، وقيامه بجرائم الكراهية على أساس طائفي، وتسريبه فيديوهات القتل الطائفي، ولقناعتهم بسلمية الثورة.

وحين ترك السوريون وحدهم أمام جنون القصف والاجتياح لمدنهم وأحلامهم، انسحب خيار السلمية من ميدان الثورة وظهر السلاح حلاً. وفي ظل ذلك، بدأت ظاهرة أمراء الحرب، وظهرت التنظيمات التكفيرية، نتاجاً طبيعياً لاستعصاء الحالة السورية.

هي ذاكرة على الجميع أن لا ينساها، خصوصاً، في هذه الأيام التي يتحالف الغرب والشرق فيها، لقتال داعش، بعد ذبح الصحافيَّين الأميركيَّين.

وكما اكتشف أوباما أن التنظيمات المتطرفة تستغل المظالم، لتحقيق المغانم لنفسها، وأراد جر تحالف عريض وراءه، لإيقاف خطر الغول الداعشي، الآن، وحينما بدأ خريف الثورات يهدد ربيعها، كان الأجدى منه لجم أو حتى تقييد آلة قمع النظام، ودعم السوريين في مطالبهم، قبل أن ينتعش فكر السواد أمام انغلاق الأفق بحل سلمي، وقبل أن يسقطوا رهينة لأجندات إقليمية وطائفية، حين لم يكن السلاح مطلب الجميع، وعندما كانت ثقافة الذبح غريبة عن مجتمعنا. ربما كان السوريون الأقدر على نشر تعاليم الديمقراطية والحرية في المنطقة، عندما خاضوا صراعهم السلمي مع نظام يعد الأكثر إجراماً في العالم، إلا أن الحامل الطبيعي لتلك القيم فالأغلبية منه، إما قتل أو في السجون أو في الدول المحيطة، أو خاض غمار البحور ينشد الأمان.

وفي النهاية، لا مفر من الوقوف أمام الحقائق التي لا هروب من وجهها، ومفادها أن داعش خطرة على الجميع، ويجب القضاء عليها وإيقاف مدها الفكري قبل الجغرافي، ولكن، هناك عدو أعظم خطراً على المنطقة، ومستقبل شعوبها موجود في دمشق، نظام أستأسد على السوريين، وساهم مطولاً في تجذير الانقسامات العامودية في المجتمع السوري، وسهل مرور المئات، وربما الآلاف، إلى سورية من المقاتلين الأجانب، عندما كان يسيطر على المعابر البرية، وما زال يفتح مطاراته للميليشيات الطائفية الموالية له.

avata
avata
سومر العبدالله (سورية)
سومر العبدالله (سورية)