أكثر من طريقة ينتهجها النظام المصري لمعاقبة الأصوات التي تعارضه والتضييق، آخرها الضرائب. أمس، أصدرت "مصلحة الضرائب" في قصر النيل في القاهرة استدعاءً للناشر محمد هاشم، مؤسّس وصاحب "دار ميريت" للحضور إلى المصلحة غداً الأحد، من أجل تسديد قرابة مليوني جنيه، كمتأخّرات ضرائب على الدار.
قرارٌ رأى فيه هاشم "محاولة لإغلاق ميريت"، معتبراً أنه يمثّل ثمناً لمواقفه الشخصية وتوجّهات الدار، مضيفاً بأنه يفتخر بمعاداة "الفاشية العسكرية"، ولكونه "أحد مصادر التحريض على الحرية".
عبر حسابه على فيسبوك، علّق هاشم على القرار قائلاً: "فخور بكوني أحد مصادر التحريض على الحرية في النشر"، مُذكّراً بعدد من المؤلّفات التي أصدرتها "ميريت"، وكان لها دورٌ في الحراك الذي شهدته البلاد؛ مثل: "مصر والمصريين في عهد مبارك" لـ جلال أمين، و"ضدّ الرئيس" لـ عبد الحليم قنديل، و"الانهيار الاقتصادي في عصر مبارك" لـ أحمد السيد النجار.
وأضاف: "فخور بكل ما قدّمنا من روايات وقصص وأشعار محرّضة على الأحلام والحريات والحقوق والكرامة الإنسانية، وبتقديمنا وانحيازنا لفن مغاير وأدب يعكس ملامح مجتمع تدفعونه إلى الضعف المؤدي والانهيار، فخور بتبنّي إنتاج هذا العدد الكبير من الموهوبين وأبناء الغضب، فخور بمشاركتي في تأسيس واستضافة اجتماعات أدباء وفنانين من أجل التغيير، وما تنتج عن تلك الاجتماعات من وقفات ومظاهرات".
مضيفاً "فخور بمشاركتي وانتمائي لثورة الشعب الخالدة في 25 يناير، فخور باستضافة المثقّفين والفنانين والأدباء والثوّار، فخور باستمراري في العداء للفاشية العسكرية والقمع والتخوين باسم الوطن، وللفاشية الدينية والتكفير والقتل باسم الدين".
اعتبر هاشم، أيضاً، أن السلطة الحالية تحاصر خياراته بين "طلب الرحمة أو إغلاق ميريت بعد الحجز عليها، ودخول السجن، أو الطفشان من مصر"، ويتابع: "أياً كانت النتيجة، سألعن فسادكم واستبدادكم وقمعكم واستهبالكم وتدميركم للبلد. إنت مش عاوز تسيبني أحلم، وأنا مش هخليك تعرف تنام".
واختتم: "على رأي اللي قال من شباب الثورة اللي بتكرهوها لأنها واجهتكم بحقيقة. ابني في سُور السجن وعلّي، بكرة الثورة تشيل ما تخللي".
وكانت "دار ميريت للنشر والتوزيع"، تعرّضت في كانون الثاني/ ديسمبر للاقتحام، حيث جرى اعتقال أحد موظّفيها، الشاعر محمد زين ومصادرة معدّاته. لم تُعلَن أسباب ما حدث، لكن مُتابعين ربطوه بندوة تُعدّ لها الدار المصرية للتضمن مع الشاعر والتشكيلي الفلسطيني، أشرف فياض، الذي أصدر القضاء السعودي في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي حكماً بإعدامه، بتهمة "الترويج لأفكار إلحادية وسب الذات الإلهية".
في سياق آخر، تتفاعل في الأوساط الثقافية قضيّة الكاتبة المصرية فاطمة الناعوت التي صدر بحقّها، قبل أيام، حكم قضائي بسجنها ثلاث سنوات، بتهمة "ازدراء الأديان"، بعد أن نشرت في تشرين الأول/ أكتوبر 2014 تدوينةً على فيسبوك، انتقدت فيها طريقة ذبح الأضاحي في أعياد المسلمين.
في حوار تلفزيوني أمس، علّقت الناعوت أنها تتقبّل الحكم وبأنها "ستقضي السنوات الثلاث في القراءة"، مضيفةً أنها لا تقبل عفواً رئاسياً: "لا أشعر أنني مدانة، حتى أقبل عفواً".
اقرأ أيضاً: كيف أسس عام 1487 لإفشال الثورة المصرية؟