دائرة السيسي تتجه لتمرير اتفاقية "تيران وصنافير" قبل الفطر

05 يونيو 2017
مصريون مؤيدون لمصرية تيران وصنافير (محمد الشاهد/فرانس برس)
+ الخط -

كشفت مصادر حكومية مصرية أن النية تتجه إلى إنهاء مناقشة اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، وما يترتب عليها من التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير، قبل عيد الفطر المقبل (أواخر الشهر الحالي)، إلّا أن هناك إجراءات واشتراطات عملية عدة قد تحول دون ذلك، أبرزها ضرورة مناقشة الاتفاقية أولاً في لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية، ووجود خلافات داخل الفريق المؤيد لإبرام الاتفاقية حول تكييفها قانونياً وفق المادة 151 من الدستور.

في هذا السياق، كان المحامي خالد علي قد أعلن أخيراً، أن "معلومات وردته بأن الاتفاقية ستبدأ مناقشتها في مجلس النواب يوم الإثنين المقبل في 12 يونيو/حزيران الحالي"، بينما قال النائب البرلماني مصطفى بكري إن "الاتفاقية ستناقش قبل نهاية دور الانعقاد الحالي في يوليو/تموز المقبل".

وأضافت المصادر الحكومية بأن "ملف الاتفاقية ومحاضر اللقاءات المصرية السعودية، والمستندات التي تثبت سعودية الجزيرتين موجودة بالكامل لدى البرلمان، في مكتب رئيسه علي عبدالعال، إلا أن الأمر النهائي بتحريك الملف وإحالته للجنة التشريعية سيصدر عن جهة سيادية، يرجح أنها الدائرة الشخصية لرئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسي والتي يديرها مدير مكتبه عباس كامل".

وأوضحت المصادر بأنه "على الرغم من سيطرة دائرة السيسي على الأكثرية النيابية المسماة (دعم مصر)، إلّا أنه هناك خلافات بين أكثر من جناح داخل الأكثرية، حول التوصيف الدستوري للاتفاقية، فالجناح الموالي بالكامل لدائرة السيسي والمتحالفون معه يريدون تمرير الاتفاقية وفقاً للفقرة الأولى من المادة 151 باعتبارها اتفاقية عادية تم إبرامها ولا تتطلب إجراءات تكميلية، وأن موافقة مجلس النواب عليها تعني إقرارها نهائياً".

أما الجناح الآخر الذي يتواصل مع دوائر مناوئة للاتفاقية في الاستخبارات العامة وغيرها من الأجهزة السيادية؛ فيرى بأن الاتفاقية من اختصاص مجلس النواب وليس القضاء، شأنه شأن الجناح الأول، لكنه يتمسك بأن يجرى استفتاء على مسألة التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير تحديداً، باعتبارها مسألة تخص السيادة وفقاً للفقرة الثانية من المادة 151 بالدستور.

وأكدت المصادر أن "هذا الخلاف في التوصيف أحد الأسباب الرئيسية لما وصفه بالتروي في إحالة الملف إلى لجنة الشؤون التشريعية، بفعل تخوّف دائرة السيسي من أي ردود فعل غير محسوبة من نواب الأكثرية، ولنفس السبب فهناك تعليمات بضرورة أن يكون تقرير اللجنة عن الاتفاقية كاملاً ومتكاملاً بمستنداته ومرفقاته قبل العرض على اللجنة أصلاً، لتقليل مساحة المعارضة المحتملة، وقصرها فقط على التيار المعارض للنظام متمثلاً في بعض نواب مجموعة 25-30".



وأشارت المصادر إلى أن "دائرة السيسي حددت بالفعل قائمة بالخبراء الذين سيتم استدعاؤهم إلى جلسات استماع حول الموضوع في لجنة الشؤون التشريعية، وعلى رأسهم الوزير السابق مفيد شهاب، ورئيس الجمعية الجغرافية المصرية سيد الحسيني، وعدد من مسؤولي المساحة العسكرية، واثنان من الدبلوماسيين الذين خدموا مع وزير الخارجية الراحل عصمت عبد المجيد".

يذكر أن مصدراً دبلوماسياً مصرياً كشف لـ"العربي الجديد" منذ يومين أن "الخارجية المصرية أكدت لنظيرتها الأميركية في مراسلات رسمية تم تحريرها في شهر إبريل/نيسان الماضي، بأن الحكومة المصرية لن تتراجع عن تسليم جزيرتي تيران وصنافير إلى السعودية، وأن ترتيبات المهام الأمنية بين مصر وإسرائيل والسعودية والقوات الدولية حول جزيرة تيران "نهائية ولن يجرى تعديل عليها".

من جانبها، أقامت هيئة قضايا الدولة في مصر بصفتها الوكيل القانوني عن رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي والحكومة، دعوى قضائية جديدة أمام المحكمة الدستورية العليا لفضّ تنازع الأحكام القضائية الصادرة من محكمة الأمور المستعجلة والمحكمة الإدارية العليا بشأن التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية.

وذكرت مصادر قضائية في الهيئة بأن "الحكم الصادر من الأمور المستعجلة بإسقاط حكم الإدارية العليا الصادر في يناير/كانون الثاني الماضي ببطلان التنازل عن الجزيرتين، كان مخططاً له منذ فترة عن طريق وزارة العدل، وذلك لافتعال حالة من التنازع القضائي بين قضاء مجلس الدولة والقضاء المستعجل لتنقل الحكومة حالة النزاع هذه إلى المحكمة الدستورية العليا". واستهدفت الحكومة بهذه الخطوة إلغاء حكم الإدارية العليا باعتباره "تدخلاً في أعمال السيادة"، لأن الدستور يسند للمحكمة الدستورية فضّ التنازع القضائي بين المحاكم المختلفة في المواضيع الموحدة.

وأوضح مصدر بوزارة العدل أن "هذا السبيل الجديد للمحكمة الدستورية من شأنه إطالة أمد التداول القضائي لقضية تيران وصنافير، لكن في الوقت نفسه سيؤدي لمحاصرة حكم بطلان التنازل عن الجزيرتين، والتشكيك فيه، وإتاحة الفرصة للبرلمان لمناقشة الاتفاقية تمهيداً لإقرارها".

وكانت محكمة الأمور المستعجلة المصرية المعروفة لمساندتها لقرارات النظام الحاكم؛ قد أصدرت في إبريل الماضي حكماً قضائياً بإسقاط وانعدام حكم المحكمة الإدارية العليا ببطلان التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية وتوقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين البلدين.

وجاء هذا الحكم بعد أيام قليلة من استئناف السعودية تصدير منتجاتها البترولية لمصر بعد 6 أشهر من التوقف، وهي الخطوة التي تبعها لقاء بين السيسي والعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز على هامش القمة العربية التي عقدت في الأردن، وسط مؤشرات متبادلة بتحسن العلاقات الثنائية.