حين توقّف الباص، بانتْ عن يميننا قريةٌ في أسفل الغابة، كثيرة الرونق، عميقة الهدوء، يجتازها نهرٌ صغير، ويحوطها الضباب الرهيف نفسه. بدأ المطر يهطلُ رذاذاً. نزلتِ السيّدة المسنّة من العربة وفي يدها مظلّتها، بعد أن ودّعتني بابتسامة عذبة، كثيرة الخفر، كأنّها أدركتْ ما أشعر به نحوها. قلتُ في نفسي : "هذه هي قريتها". دقّتْ ساعة المحطّة الثامنة صباحاً. تمنّيتُ لو أستطيع البقاء بعض الوقت في تلك القرية، فأسير في أزقّتها، واتأمّل نهرها من على أحد جسورها، وأكتبُ في أحد مقاهيها، وأدنو من سرّها، وألج روحها. سأتوقّف فيها، خلال رحلتي القادمة إلى شيربورغ.
صعدتْ إلى الباص امرأة في حوالى الأربعين، ترافقها ابنتها الصغيرة. جلستا على مقربة من مكاني. حين يكون الباص شبه خالٍ، يتجمّع الركّاب، خصوصاً النساء منهم، في صورةٍ لاواعية، حيث يتواجد ركّاب آخرون. لا بدّ أنَّ ذلك يشعرهم بالأمان إزاء غريبي الأطوار من المسافرين. كانتْ الفتاة تحدّق إليَّ، وإلى غلاف الكتاب في يدي، الذي لم تُدرِك لغتَه. سألتني فجأةً : " هل أنتَ روسيّ؟". أجبتها مبتسماً : "كلا". تدخّلتِ الأمّ ونهرتْها بلطف. استمرّتْ في النظر إليَّ، وفي فكرها سؤال مُلحّ، لم تعد تجرؤ على طرحه : "إذاً، من أين أنتَ؟". استغربتُ لماذا فكّرتِ الابنة بأنّي روسيّ. لأنّه، في حيّ لوتيسيا، هناك ديرٌ روسيّ قديم، متوارٍ وراء أشجاره، يعود بناؤه إلى أواخر القرن التاسع عشر، كان يزوره، من حينٍ لآخر، رهبانٌ شبّان روس، بلباسهم الأسود التقليديّ. لا أدري لماذا كان بعض سكّان الحيّ يعتقد أنّي روسيّ، وعلى علاقة ما بهذا الدير، الذي لم ألج بابه يوماً. كنتُ أخبرُ فيرونيكا بذلك، فتبتسم. لكنّي لم أخبرها قطّ كم كنتُ أغبطُ في سرّي أولئك الرهبان، وأودّ أن أكون أحدهم، لأنهم في مطلع العشرين، وأنا في مطلع الثلاثين.
اقرأ أيضاً: مساء مونروج
صعد أيضاً رجلٌ عابس الوجه، مقطّب الجبين، ينظر حوله شذراً، في يده حقيبة سفر، ذهب وجلس وحيداً في الجهة المقابلة. أشاع حضوره شيئاً من التوتّر في أرجاء العربة. تُرى هذا ما جعلني أستعيد حواراً غريباً، بيني وبين أحد رفاق صباي ؟ مع أنّه مضى عليه زمنٌ طويل، ما زال ذلك الحديث يشغل بالي، ويثير في نفسي الأسئلة والمخاوف. كان ذاك الشاب اليافع، ذكيّاً، حسّاسأً، هادئاً، لا ميل لديه إلى العنف. مع ذلك، اقتنى مسدّساً صغيراً، يُشعره ببعض الاطمئنان في تلك المرحلة البالغة الاضطراب، الحافلة بالأهوال. كما أنّه، بدأ يكتشف في سن مبكرة، مذهولاً، عالم الشرّ، بما فيه من فِخاخ، ومكائد، ومآسٍ. كنّا، مرّةً، نجتاز إحدى الغابات، حين حدّثني، بكثيرٍ من التفصيل، عن رجلٍ وامرأة عرفهما عن كثب، وأدرك ما في نفسيهما من تعقيد، ومراوغة، وقسوة لا ترحم، وقدرة على جرّ الناس إلى المهالك، من دون تردّد ولا يقظة ضمير. قال إنّ المرأة فاجأته وأحزنته أكثر من الرجل بكثير، لأنه لم يكن يتخيّل وجود هذا الصنف من النساء في الطبيعة. تساءل كم سيوقعان من الضحايا على طريقهما الطويل، المقبل، وكم سيتركان وراءهما من الفواجع والآلام. ثمّ تحسّس مسدّسه، قائلاً: " أشعر بما يشبه الفرح، بأنهما، على الرغم من شخصيهما البالغي التشابك والغموض، وقدراتهما التي لا تٌحَدّ على الأذيّة، هما، في الوقت نفسه، شديدا الهشاشة، على نحو مأسويّ لا يُصَدق". وأضافَ، مبتسماً : "تكفي رصاصة رهيفة، واحدة، لتنهي كلاً منهما في لحظة، ولتفككِّ كيانيهما نهائيّاً، إلى غير رجعة، حتى آخر ذرّة منهما. هذه الرصاصة البائسة، أقوى منهما بما لا يُقاس. وهي في حوزتي". مع أنّ ذلك الشاب لم ينتقل بعدئذٍ إلى الفعل، فما زال حوار الغابة، مذ ذاك الزمن، يملأني قلقاً وارتياباً حول فكرة القتل.
غطَّ الرجل المتجهّم الوجه في نوم عميق. ما برحتِ الفتاة الصغيرة تسترق النظر إليَّ وإلى كتابي. وحين وضعتُ الكتاب جانباً، ورحتُ أدوّن أشياءعلى دفتري، من اليمين إلى اليسار، ملأتِ الدهشة عينيها، لكنها لم تجرؤ على السؤال. ابتسمتُ لها، من دون المزيد.
كي لا أضيفَ حزناً إلى أحزانها، لم أخبر فيرونيكا ماذا حلّ بذاك الرجل الذي سألني فجأة، وأنا أمرّ أمام منزله، أيّ تمثال أحبُّ أكثر، أل "بياتا" لميكل أنج، أم "نشوة القديسة تيريزا دافيلا" لبرنيني، وغادرني قبل أن أجيب. بعد بضعة شهور، لم أعد ألمحه، وهو يروح ويجيء ببطء في باحة دارته، لابساً ما يشبه ثياب النوم، غارقاً كالعادة في صمته وعزلته. كما أنّ بيته أضحى مُغلقاً على الدوام، والثمار متساقطة على أرض الحديقة، ولا أحد يلمّها. وحين سألتُ عنه، حزنتُ عميقاً لما آل إليه. مع أنّه لم يتعاطَ يوماً، طوال حياته، الشأن العام، فلا أحد يدري ماذا دهاه ذات يوم، حين خرج يوزّع على الناس، بنفسه، منشوراً من نصّه وتوقيعه، يكيل فيه انتقادات عنيفة لشخص الطاغية المُستًتِر، الذي كان يبسط على البلاد، من وراء رئيسها الظاهر، سلطةً مطلقة لا ترحم، مفرّغاً القوانين والمؤسسات من مضامينها وأدوارها.
اقرأ أيضاً: أيّة دهشة؟
كان الخوف متسرّباً إلى كل نفس، وإلى كل مكان، ولم يكن يجرؤ أحدٌ على إبداء رأيه في أيّ شأن. كان خروج الرجل على الناس بهذا البيان،عملاً انتحاريّاً موصوفاً، لا لبس فيه. ولم يكتفِ صاحبه بتوزيعه هنا وهناك، بل قصد أيضاً مركز المخابرات العام، الذي كان يخشى الناس حتى المرور قربه، وأوقف سيّارته أمامه، وراح يرمي بعشرات النسخ من بيانه في الهواء. أُلقيَ القبض عليه ليلاً، وانقطعت مذ ذاك أخباره، ولا أحد يعلمُ ماذا حلّ به. سرتْ عنه شائعات كثيرة ، منها ما تقشعرّ له الأبدان.
"ثمّة خيط رفيعٌ، واهٍ، على نحو لا يُعقَل، بين الحياة والموت، يجعل الموت أمراً غير حقيقي"، قلتُ في قرارتي. أعرف ذلك تمام المعرفة، ولا أدري لماذا يفاجئني في كل مرّة وأتوقّف مجدّداً عنده. إنّها لهوّة سحيقة من الأسرار، أنَّى لي الإحاطة بها، في هذا العمر الواحد، العابر، الذي هو عمري. كان، قبل سنين، نهارٌ صيفيّ بالغ الحرّ في المدينة المشرقية المسكونة بالحروب. وكانت، على مداخل المدينة، وفي كلّ أحيائها، زحمة سير خانقة، تحت شمس ساطعة، ملتهبة، ولا نسمة هواء تُرجَى. كانت كلّ ثانية من الثواني، حبلى بخطر الانفجار، وكلّ العالقين في بحر الحديد الحامي، يُدركون ذلك ويفكّرون فيه، كلٌّ في سرّه. كان عليَّ الوصول على الوقت عند الطبيبة، لأودعها ملفّ شخصٍ مريض، عزيز عليَّ، لم يستطع الحضور من حيث هو. بتُّ على مقربة من عيادتها. لكن "حيّ الحمراء" كان من الازدحام بحيث لا مجال لركن السيارة-السجن التي حُبِسْتُ فيها، في أيّ مكان. درتُ طويلاً على نفسي، وسط عبق الدخان، وضجيج الأبواق والأصوات، وتداخل الأشكال والوجوه. وحين، أخيراً، استطعتُ الوصول إلى العيادة، وجدتُ طابوراً من المنتظرين، رجالاً ونساءً، من كلّ الأعمار، وقد كوى الحرّ وجوههم، وارتفعتْ قبالتهم على الحائط، رسومٌ باهتة، لا توحي بشيء. رميتُ بنفسي مُرهقاً على مقعد في طرف القاعة، والعرق يتصبّب من أنحاء جسدي. تمنّيتُ لو يحدث الانفجار، في لحظة، ويمحو، بلمح البصر، التفاصيل المضنية المُحَاكة منها كلّ تلك الأفعال، ويُنهي كلّ شيء.
صعدتْ إلى الباص امرأة في حوالى الأربعين، ترافقها ابنتها الصغيرة. جلستا على مقربة من مكاني. حين يكون الباص شبه خالٍ، يتجمّع الركّاب، خصوصاً النساء منهم، في صورةٍ لاواعية، حيث يتواجد ركّاب آخرون. لا بدّ أنَّ ذلك يشعرهم بالأمان إزاء غريبي الأطوار من المسافرين. كانتْ الفتاة تحدّق إليَّ، وإلى غلاف الكتاب في يدي، الذي لم تُدرِك لغتَه. سألتني فجأةً : " هل أنتَ روسيّ؟". أجبتها مبتسماً : "كلا". تدخّلتِ الأمّ ونهرتْها بلطف. استمرّتْ في النظر إليَّ، وفي فكرها سؤال مُلحّ، لم تعد تجرؤ على طرحه : "إذاً، من أين أنتَ؟". استغربتُ لماذا فكّرتِ الابنة بأنّي روسيّ. لأنّه، في حيّ لوتيسيا، هناك ديرٌ روسيّ قديم، متوارٍ وراء أشجاره، يعود بناؤه إلى أواخر القرن التاسع عشر، كان يزوره، من حينٍ لآخر، رهبانٌ شبّان روس، بلباسهم الأسود التقليديّ. لا أدري لماذا كان بعض سكّان الحيّ يعتقد أنّي روسيّ، وعلى علاقة ما بهذا الدير، الذي لم ألج بابه يوماً. كنتُ أخبرُ فيرونيكا بذلك، فتبتسم. لكنّي لم أخبرها قطّ كم كنتُ أغبطُ في سرّي أولئك الرهبان، وأودّ أن أكون أحدهم، لأنهم في مطلع العشرين، وأنا في مطلع الثلاثين.
اقرأ أيضاً: مساء مونروج
صعد أيضاً رجلٌ عابس الوجه، مقطّب الجبين، ينظر حوله شذراً، في يده حقيبة سفر، ذهب وجلس وحيداً في الجهة المقابلة. أشاع حضوره شيئاً من التوتّر في أرجاء العربة. تُرى هذا ما جعلني أستعيد حواراً غريباً، بيني وبين أحد رفاق صباي ؟ مع أنّه مضى عليه زمنٌ طويل، ما زال ذلك الحديث يشغل بالي، ويثير في نفسي الأسئلة والمخاوف. كان ذاك الشاب اليافع، ذكيّاً، حسّاسأً، هادئاً، لا ميل لديه إلى العنف. مع ذلك، اقتنى مسدّساً صغيراً، يُشعره ببعض الاطمئنان في تلك المرحلة البالغة الاضطراب، الحافلة بالأهوال. كما أنّه، بدأ يكتشف في سن مبكرة، مذهولاً، عالم الشرّ، بما فيه من فِخاخ، ومكائد، ومآسٍ. كنّا، مرّةً، نجتاز إحدى الغابات، حين حدّثني، بكثيرٍ من التفصيل، عن رجلٍ وامرأة عرفهما عن كثب، وأدرك ما في نفسيهما من تعقيد، ومراوغة، وقسوة لا ترحم، وقدرة على جرّ الناس إلى المهالك، من دون تردّد ولا يقظة ضمير. قال إنّ المرأة فاجأته وأحزنته أكثر من الرجل بكثير، لأنه لم يكن يتخيّل وجود هذا الصنف من النساء في الطبيعة. تساءل كم سيوقعان من الضحايا على طريقهما الطويل، المقبل، وكم سيتركان وراءهما من الفواجع والآلام. ثمّ تحسّس مسدّسه، قائلاً: " أشعر بما يشبه الفرح، بأنهما، على الرغم من شخصيهما البالغي التشابك والغموض، وقدراتهما التي لا تٌحَدّ على الأذيّة، هما، في الوقت نفسه، شديدا الهشاشة، على نحو مأسويّ لا يُصَدق". وأضافَ، مبتسماً : "تكفي رصاصة رهيفة، واحدة، لتنهي كلاً منهما في لحظة، ولتفككِّ كيانيهما نهائيّاً، إلى غير رجعة، حتى آخر ذرّة منهما. هذه الرصاصة البائسة، أقوى منهما بما لا يُقاس. وهي في حوزتي". مع أنّ ذلك الشاب لم ينتقل بعدئذٍ إلى الفعل، فما زال حوار الغابة، مذ ذاك الزمن، يملأني قلقاً وارتياباً حول فكرة القتل.
غطَّ الرجل المتجهّم الوجه في نوم عميق. ما برحتِ الفتاة الصغيرة تسترق النظر إليَّ وإلى كتابي. وحين وضعتُ الكتاب جانباً، ورحتُ أدوّن أشياءعلى دفتري، من اليمين إلى اليسار، ملأتِ الدهشة عينيها، لكنها لم تجرؤ على السؤال. ابتسمتُ لها، من دون المزيد.
كي لا أضيفَ حزناً إلى أحزانها، لم أخبر فيرونيكا ماذا حلّ بذاك الرجل الذي سألني فجأة، وأنا أمرّ أمام منزله، أيّ تمثال أحبُّ أكثر، أل "بياتا" لميكل أنج، أم "نشوة القديسة تيريزا دافيلا" لبرنيني، وغادرني قبل أن أجيب. بعد بضعة شهور، لم أعد ألمحه، وهو يروح ويجيء ببطء في باحة دارته، لابساً ما يشبه ثياب النوم، غارقاً كالعادة في صمته وعزلته. كما أنّ بيته أضحى مُغلقاً على الدوام، والثمار متساقطة على أرض الحديقة، ولا أحد يلمّها. وحين سألتُ عنه، حزنتُ عميقاً لما آل إليه. مع أنّه لم يتعاطَ يوماً، طوال حياته، الشأن العام، فلا أحد يدري ماذا دهاه ذات يوم، حين خرج يوزّع على الناس، بنفسه، منشوراً من نصّه وتوقيعه، يكيل فيه انتقادات عنيفة لشخص الطاغية المُستًتِر، الذي كان يبسط على البلاد، من وراء رئيسها الظاهر، سلطةً مطلقة لا ترحم، مفرّغاً القوانين والمؤسسات من مضامينها وأدوارها.
اقرأ أيضاً: أيّة دهشة؟
كان الخوف متسرّباً إلى كل نفس، وإلى كل مكان، ولم يكن يجرؤ أحدٌ على إبداء رأيه في أيّ شأن. كان خروج الرجل على الناس بهذا البيان،عملاً انتحاريّاً موصوفاً، لا لبس فيه. ولم يكتفِ صاحبه بتوزيعه هنا وهناك، بل قصد أيضاً مركز المخابرات العام، الذي كان يخشى الناس حتى المرور قربه، وأوقف سيّارته أمامه، وراح يرمي بعشرات النسخ من بيانه في الهواء. أُلقيَ القبض عليه ليلاً، وانقطعت مذ ذاك أخباره، ولا أحد يعلمُ ماذا حلّ به. سرتْ عنه شائعات كثيرة ، منها ما تقشعرّ له الأبدان.
"ثمّة خيط رفيعٌ، واهٍ، على نحو لا يُعقَل، بين الحياة والموت، يجعل الموت أمراً غير حقيقي"، قلتُ في قرارتي. أعرف ذلك تمام المعرفة، ولا أدري لماذا يفاجئني في كل مرّة وأتوقّف مجدّداً عنده. إنّها لهوّة سحيقة من الأسرار، أنَّى لي الإحاطة بها، في هذا العمر الواحد، العابر، الذي هو عمري. كان، قبل سنين، نهارٌ صيفيّ بالغ الحرّ في المدينة المشرقية المسكونة بالحروب. وكانت، على مداخل المدينة، وفي كلّ أحيائها، زحمة سير خانقة، تحت شمس ساطعة، ملتهبة، ولا نسمة هواء تُرجَى. كانت كلّ ثانية من الثواني، حبلى بخطر الانفجار، وكلّ العالقين في بحر الحديد الحامي، يُدركون ذلك ويفكّرون فيه، كلٌّ في سرّه. كان عليَّ الوصول على الوقت عند الطبيبة، لأودعها ملفّ شخصٍ مريض، عزيز عليَّ، لم يستطع الحضور من حيث هو. بتُّ على مقربة من عيادتها. لكن "حيّ الحمراء" كان من الازدحام بحيث لا مجال لركن السيارة-السجن التي حُبِسْتُ فيها، في أيّ مكان. درتُ طويلاً على نفسي، وسط عبق الدخان، وضجيج الأبواق والأصوات، وتداخل الأشكال والوجوه. وحين، أخيراً، استطعتُ الوصول إلى العيادة، وجدتُ طابوراً من المنتظرين، رجالاً ونساءً، من كلّ الأعمار، وقد كوى الحرّ وجوههم، وارتفعتْ قبالتهم على الحائط، رسومٌ باهتة، لا توحي بشيء. رميتُ بنفسي مُرهقاً على مقعد في طرف القاعة، والعرق يتصبّب من أنحاء جسدي. تمنّيتُ لو يحدث الانفجار، في لحظة، ويمحو، بلمح البصر، التفاصيل المضنية المُحَاكة منها كلّ تلك الأفعال، ويُنهي كلّ شيء.