خيبة أمل مصرية من النتائج العكسية لزيارة السيسي لواشنطن

13 مايو 2017
لم تحقق زيارة السيسي النتائج المرجوة اقتصادياً وسياسياً (الأناضول)
+ الخط -

أعلن مصدر دبلوماسي مصري في الولايات المتحدة، أن الخارجية المصرية أجرت اتصالات بنظيرتها الأميركية، خلال الأسبوع الماضي، للاتفاق على مواعيد لعقد لجان مشتركة، خلال صيف العام الحالي، لترجمة التفاهمات المبدئية بين الرئيسين الأميركي، دونالد ترامب، والمصري، عبد الفتاح السيسي، إلى إجراءات عملية، في ما يتعلق بالتعاون الاستثماري والتنسيق العسكري والاستخباراتي، وإعطاء مصر أفضلية غير مسبوقة في عقود التسليح وتوريد المعدات العسكرية.

وقال المصدر إن هناك شعوراً بخيبة أمل يسيطر على المسؤولين في الخارجية المصرية المختصين بمتابعة العلاقة مع واشنطن، بسبب عدم تحقيق زيارة السيسي الأخيرة إلى الولايات المتحدة النتائج المرجوة على الصعيدين الاقتصادي والسياسي، رغم مرور نحو شهر على إتمامها. فعلى الرغم من التفاهم الكبير بينه وبين ترامب الذي ظهر أمام وسائل الإعلام، فإن تصريحات الأخير عن قضية الناشطة آية حجازي وتدخّله لتبرئتها والإفراج عنها، بالإضافة إلى فشل المساعي المصرية في الحفاظ على حجم المعونة الاقتصادية السنوية، أدت إلى حرج بالغ للسيسي وإدارته. وأوضح المصدر أن مسألة خفض المعونة الاقتصادية بنحو 38 مليون دولار، لتصبح 112.5 مليون دولار سنوياً، كانت محل شد وجذب بين الدولتين، على مدار الشهور الثلاثة الماضية. واستعان السيسي بوسطاء من رجال الأعمال والقيادات النافذة في المجالس والاتحادات اليهودية للعمل على زيادة المعونة الاقتصادية، أو العسكرية، أو كليهما، إلاّ أن الوساطات أخفقت في ظل رؤية الإدارة الأميركية بأن حجم تخفيض المعونة غير مؤثر، ولن تتضرر مصر به، خصوصاً أن الحكومة المصرية أنفقت فقط نحو 70 في المائة من المعونة الاقتصادية التي مُنحت لها منذ عام 2011، وفق المستندات الرسمية.

وأشار المصدر إلى أن السيسي حاول، في المقابل، ضمان زيادة المعونة العسكرية، لكنه لم يحصل على تعهدات أكيدة بذلك. غير أن ترامب حاول تعويضه باتفاق على منح مصر أفضلية، لم تحصل عليها من قبل، في عقود التسليح والصيانة وتوريد المعدات، مع التعهد بدراسة زيادتها، خلال السنوات المقبلة. لكن المصدر أكد وجود فجوة بين ما يتعهد به ترامب وطريقة حديثه مع السيسي، وبين ما تعكسه مناقشات الكونغرس الأميركي حتى الآن من اتجاهات إزاء الأوضاع في مصر. فبينما كان السيسي متفائلاً بانتقادات ترامب لجماعات الإسلام السياسي، وتيار الإخوان المسلمين تحديداً، وتصنيفه للنظام الحاكم في مصر على رأس محاربي الإرهاب في المنطقة، فقد خرجت جلسة 26 إبريل/نيسان الماضي بأخبار غير جيدة للسيسي، لدرجة مطالبة بعض النواب بتعليق أو تخفيض المعونة العسكرية للقاهرة، بسبب الممارسات السياسية المعادية للحريات وحقوق الإنسان في مصر، وإدانتهم لما وصفوه، بـ"الانتهاكات المصرية للمدنيين في سيناء".

وشدد المصدر على أن الجلسات الأخيرة للكونغرس تعكس عدم سيطرة ترامب بشكل كامل على نواب حزبه الجمهوري، الذين يسيطرون على غالبية المقاعد النيابية، ما يؤكد "حاجة النظام المصري إلى مجهود مضاعف على مستوى العلاقات العامة والتواصل المباشر مع النواب، من خلال السيسي نفسه (في صورة اللقاءات المتكررة التي تجمعه بالنواب الأميركيين)، أو وزير الخارجية، سامح شكري، وممثليه في واشنطن، أو وفود برلمانية مصرية، أو من خلال شركة الدعاية التي تعاقد معها جهاز الاستخبارات العامة أخيراً".

وأكد أن المشكلة الأبرز التي تواجه نظام السيسي هي الفشل في تحقيق اختراق في وسائل الإعلام الأميركية، في مقابل قدرة جماعة "الإخوان" ونشطاء المجتمع المدني على تحقيق هذا الاختراق بشكل دائم، والتعبير عن رؤاهم السياسية والحقوقية، وما يواجهونه من تضييق أمني في مصر، بالإضافة إلى أن رهان السيسي على شخص ترامب ليس كافياً، على الإطلاق، لضمان اتجاهات باقي المؤسسات في الولايات المتحدة، بما في ذلك بعض الوزارات، كالدفاع، إلى جانب ما أظهره ترامب في قضية آية حجازي من رغبة في الاستئثار بـ"الشو (الظهور) الإعلامي والجماهيري"، مقدما مصلحته الشخصية على اعتبارات سرية المفاوضات مع السيسي. وذكر المصدر أن السيسي كان حريصاً خلال زيارته الأخيرة على تكوين "لوبي" له في دوائر صناعة القرار في الولايات المتحدة، مستغلاً علاقته الجيدة بقيادات الحزب الجمهوري، وممثلي المنظمات اليهودية الذين استقبلهم سبع مرات في القاهرة، خلال العامين الماضيين، إلاّ أن الوقت ما زال مبكراً للحديث عن نجاحه في ذلك، لا سيما في ظل اهتمام منظمات حقوقية أميركية بسلبيات أوضاع حقوق الإنسان في مصر، والتعامل الأمني مع المجتمع المدني والإعلام، والوضع المتردي للقضاء المصري وتماهيه مع السلطة التنفيذية.



المساهمون