06 نوفمبر 2024
خيبات ترامب، أحلام بوتين، وأوهامنا
وجهت حزمة العقوبات الجديدة التي فرضها الكونغرس الأميركي على روسيا ضربة قاصمة لأحلام الرئيس، فلاديمير بوتين، بتحسين العلاقة مع واشنطن، ورفع العقوبات عن بلاده، وتسببت كذلك بضررٍ لا يقل فداحة لاستراتيجية الرئيس ترامب (على فرض أن لديه استراتيجية) لمواجهة تهديدات "كبرى" حدّدها مع مجيئه إلى الحكم، مثل التهديد الأمني، ممثلاً بالإرهاب (سواء جاء من كيانات كالقاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية، أو دول مثل إيران)، والتهديد الاقتصادي ممثلاً بالصين واتفاقات التجارة الحرة العالمية.
وفيما يمكن اعتبار التهديدات الناشئة عن تنظيمات وكيانات أنها من النوع التكتيكي، تعد الصين وإيران من نوع التهديدات الاستراتيجية بالنسبة للمصالح الأميركية في شرق آسيا والشرق الأوسط على التوالي، لذلك، وبخلاف إدارات سابقة، أخذ التركيز ينصب عليهما معاً في عهد ترامب، فإدارة الرئيس بوش الابن بدأت عهدها بالتركيز على الصين، لكن هجمات 11سبتمبر حولت انتباهها كليا باتجاه العالم الإسلامي. وانسحبت إدارة الرئيس أوباما من العالم الإسلامي، وحاولت التقارب مع إيران للتركيز على الصين، فاخترعت استراتيجية التمحور حول آسيا (Pivot to Asia). وجاءت إدارة ترامب إلى السلطة، وفي نيتها التركيز على إيران والصين في آن معاً.
لكن هذه الاستراتيجية لا يمكن أن تنجح من دون تعاون روسيا. هكذا رأى ترامب، أو عصبة المستشارين المحيطة به، بيد أن حجم المصالح الروسية مع الصين وإيران نما كثيراً في السنوات الأخيرة، في جزء منه نتيجة لسياسات أوباما، وأخذ يمتد من الباسيفيكي إلى المتوسط، ما يعني أنه بدون الثمن المناسب، لا يمكن لروسيا أن تضحّي بعلاقاتها معهما. ليس هذا فحسب، بل أخذ بوتين يشعر، في الفترة الأخيرة، بأنه في ظل التخبط الأميركي وترنح ترامب، فقد يكون من الأجدى له التمسّك بعلاقاته مع الصين وإيران، بما يسمح له ليس فقط بإفشال الاستراتيجية الأميركية، بل وحتى هزيمتها على امتداد آسيا، كما حصل في سورية، ويحصل حالياً في أفغانستان، حيث تتوجس واشنطن من تحالف روسي- إيراني داعم لحركة طالبان.
ليس لروسيا بالتأكيد علاقات مبدئية لا مع الصين ولا مع إيران، لها مصالح كبيرة معهما، وإذ يتمحور مشروع بوتين لاستعادة مكانة بلاده الدولية بشأن السيطرة على منابع الطاقة وخطوط نقلها إلى الغرب والشرق على السواء، يعتقد الرئيس الروسي أن في وسع إيران (إضافة إلى تعاونه معها في سورية وأفغانستان) أن تساعده في الحصول على امتيازاتٍ في نفط العراق، وحقل الغاز الذي يستعد لبنان لاستثماره في البحر المتوسط. أكثر من ذلك، عندما دعت إيران روسيا إلى مساعدتها عسكرياً في سورية، اشترطت موسكو أن تبيع طهران غازها عن طريق روسيا، وهو أمر لم تجد إيران بداً من الاستجابة له، في إطار سعيها إلى وقف سيرورة تداعي نفوذها التي بلغت الذروة بسقوط الموصل بيد تنظيم الدولة الإسلامية عام 2014، وسقوط إدلب بيد المعارضة السورية في العام التالي. كان هذا شرط بوتين لمساعدة إيران، وفي جوهره مسعى إلى قطع الطريق على محاولاتها الالتفاف عليه، وتقديم نفسها بديلاً للغاز الروسي المتجه إلى أوروبا بعد أزمة أوكرانيا. أما الصين، فقد تلقفت، هي الأخرى، طلب روسيا المساعدة لمواجهة العقوبات الغربية عليها، بعد ضمها القرم، فوقعت معها على اتفاقية شراكة استراتيجية عام 2015، ردا على محاولات أوباما محاصرة الصين باتفاقية الشراكة عبر الهادي (TPP) ونشره منظومة صواريخ تاد (THAAD) في كوريا الجنوبية، وإنشاء تحالفاتٍ مع الدول المتشاطئة على بحر الصين الجنوبي.
مع مجيء ترامب، توجسّت الصين وإيران من إمكانية حصول تقارب روسي- أميركي يؤدي إلى احتوائهما معاً، وفسرتا تعيين رئيس سابق لـ "إكسون موبيل"، يرتبط بعلاقات كبيرة مع صناعة النفط الروسية، وزيراً للخارجية، باعتباره عنواناً لهذه الاستراتيجية. الآن، يمكن للمرء أن يلحظ معالم الارتياح في بكين وطهران بفشل محاولات التقارب الروسية - الأميركية، كما يمكن لنا أن نلمح مدى الخيبة التي تسود عواصم عربية راهنت وعاشت على أوهام مواجهة ترامب إيران.
وفيما يمكن اعتبار التهديدات الناشئة عن تنظيمات وكيانات أنها من النوع التكتيكي، تعد الصين وإيران من نوع التهديدات الاستراتيجية بالنسبة للمصالح الأميركية في شرق آسيا والشرق الأوسط على التوالي، لذلك، وبخلاف إدارات سابقة، أخذ التركيز ينصب عليهما معاً في عهد ترامب، فإدارة الرئيس بوش الابن بدأت عهدها بالتركيز على الصين، لكن هجمات 11سبتمبر حولت انتباهها كليا باتجاه العالم الإسلامي. وانسحبت إدارة الرئيس أوباما من العالم الإسلامي، وحاولت التقارب مع إيران للتركيز على الصين، فاخترعت استراتيجية التمحور حول آسيا (Pivot to Asia). وجاءت إدارة ترامب إلى السلطة، وفي نيتها التركيز على إيران والصين في آن معاً.
لكن هذه الاستراتيجية لا يمكن أن تنجح من دون تعاون روسيا. هكذا رأى ترامب، أو عصبة المستشارين المحيطة به، بيد أن حجم المصالح الروسية مع الصين وإيران نما كثيراً في السنوات الأخيرة، في جزء منه نتيجة لسياسات أوباما، وأخذ يمتد من الباسيفيكي إلى المتوسط، ما يعني أنه بدون الثمن المناسب، لا يمكن لروسيا أن تضحّي بعلاقاتها معهما. ليس هذا فحسب، بل أخذ بوتين يشعر، في الفترة الأخيرة، بأنه في ظل التخبط الأميركي وترنح ترامب، فقد يكون من الأجدى له التمسّك بعلاقاته مع الصين وإيران، بما يسمح له ليس فقط بإفشال الاستراتيجية الأميركية، بل وحتى هزيمتها على امتداد آسيا، كما حصل في سورية، ويحصل حالياً في أفغانستان، حيث تتوجس واشنطن من تحالف روسي- إيراني داعم لحركة طالبان.
ليس لروسيا بالتأكيد علاقات مبدئية لا مع الصين ولا مع إيران، لها مصالح كبيرة معهما، وإذ يتمحور مشروع بوتين لاستعادة مكانة بلاده الدولية بشأن السيطرة على منابع الطاقة وخطوط نقلها إلى الغرب والشرق على السواء، يعتقد الرئيس الروسي أن في وسع إيران (إضافة إلى تعاونه معها في سورية وأفغانستان) أن تساعده في الحصول على امتيازاتٍ في نفط العراق، وحقل الغاز الذي يستعد لبنان لاستثماره في البحر المتوسط. أكثر من ذلك، عندما دعت إيران روسيا إلى مساعدتها عسكرياً في سورية، اشترطت موسكو أن تبيع طهران غازها عن طريق روسيا، وهو أمر لم تجد إيران بداً من الاستجابة له، في إطار سعيها إلى وقف سيرورة تداعي نفوذها التي بلغت الذروة بسقوط الموصل بيد تنظيم الدولة الإسلامية عام 2014، وسقوط إدلب بيد المعارضة السورية في العام التالي. كان هذا شرط بوتين لمساعدة إيران، وفي جوهره مسعى إلى قطع الطريق على محاولاتها الالتفاف عليه، وتقديم نفسها بديلاً للغاز الروسي المتجه إلى أوروبا بعد أزمة أوكرانيا. أما الصين، فقد تلقفت، هي الأخرى، طلب روسيا المساعدة لمواجهة العقوبات الغربية عليها، بعد ضمها القرم، فوقعت معها على اتفاقية شراكة استراتيجية عام 2015، ردا على محاولات أوباما محاصرة الصين باتفاقية الشراكة عبر الهادي (TPP) ونشره منظومة صواريخ تاد (THAAD) في كوريا الجنوبية، وإنشاء تحالفاتٍ مع الدول المتشاطئة على بحر الصين الجنوبي.
مع مجيء ترامب، توجسّت الصين وإيران من إمكانية حصول تقارب روسي- أميركي يؤدي إلى احتوائهما معاً، وفسرتا تعيين رئيس سابق لـ "إكسون موبيل"، يرتبط بعلاقات كبيرة مع صناعة النفط الروسية، وزيراً للخارجية، باعتباره عنواناً لهذه الاستراتيجية. الآن، يمكن للمرء أن يلحظ معالم الارتياح في بكين وطهران بفشل محاولات التقارب الروسية - الأميركية، كما يمكن لنا أن نلمح مدى الخيبة التي تسود عواصم عربية راهنت وعاشت على أوهام مواجهة ترامب إيران.