03 مارس 2022
خوف الطغاة من الأغنيات
تمكّنت رشيدة طليب، فلسطينية الأصل، ومعها صومالية الأصل، إلهان عمر، في الانتخابات النصفية للكونغرس الأميركي، أخيرا، من الوصول إلى أعلى سلطة تشريعية في الولايات المتحدة. وبذلك كانت رشيدة، غير المُحجبة، أول فلسطينية تصل إلى الكونغرس، وكانت إلهان، المُحجبة، أول صومالية، تحتل مقعداً تحت قبة السلطة التشريعية، ومعاً سجلتا اختراقاً تاريخياً، كونهما أول مسلمتين تجلسان إلى جانب عتاة الشيوخ من المحافظين والليبراليين ومن بينهم. أثار فوز الشابتين غضب المحافظين اليمينيين، واستفز شيطان العنصرية الرابض في أرجاء الكونغرس، الذي تحول إلى "جمهورية إسلامية"، على حد تعبيرٍ فاض به إناء القس المحافظ، إي دبليو جاكسون. وبالطبع، يتهيأ أقطاب اللوبي الصهيوني لنهش لحم النائبة رشيدة طليب، لا سيما وهي تعلن فلسطينيتها بفخر، وتعبّر بكل شجاعة عن معارضة المعونات العسكرية الأميركية لإسرائيل.
قد يفهم المرء غضب صقور "الإسلاموفوبيا" من وصول سيدة محجبة إلى مقاعد أعلى سلطة تشريعية في الولايات المتحدة. ولا يتوقع المرء أن يحتفل الصهاينة وأنصار إسرائيل بشابة فلسطينية، تدخل الكونغرس الأميركي بثوب فلسطيني مطرز. ما لا يُمكن للمرء فهمه أو استيعابه، هو الهجمات المنظمة التي تستهدف رشيدة وإلهان بتمويل سعودي- إماراتي، بوصف السيدتين من أعضاء التنظيم السري للإخوان المسلمين في الولايات المتحدة. وقد وصف موقع قناة العربية، سعودية التمويل، إماراتية المقر، فوز السيدتين "كجزء من معركة الديمقراطيين ضد سيطرة الجمهوريين على الكونغرس الأميركي". ومضت كاتبة المقال المنشور يوم الأحد الماضي (9 ديسمبر/ كانون الأول) في موقع القناة باللغة الإنكليزية، إلى الزعم أن "تحالف الديمقراطيين مع الحركات الإسلامية السياسية من أجل استعادة سيطرتهم على الحكومة، دفع المرشحين المسلمين والنساء الناشطات من الأقليات المهاجرة، إلى المشهد الانتخابي". وساقت الكاتبة رفض إلهان عمر ورشيدة طليب سياسات ترامب وفريقه السياسي، خصوصا سياسته الخارجية، بدءا من العقوبات المفروضة على إيران إلى عزل "الإخوان المسلمين" وكل حركات الإسلام السياسي، دليلا على اللون السياسي للـ"الأختين" كما وصفهما عنوان المقال. وطالما أن الحديث عن "أخونة" الولايات المتحدة الأميركية، وغزو "الإخونجية" المؤسسات التشريعية في واشنطن، كان لا بد لكاتبة المقال من تدعيم حججها الواهية بنبش وثيقة تُنسب للإخوان المسلمين وتدعو إلى إنشاء "الخلافة" في أميركا وكندا، و"تحقيق الهدف الاستراتيجي الشامل للإخوان المسلمين في أميركا الشمالية، تحديدًا، تأسيس حركة إسلامية يقودها الإخوان المسلمون. يحتضن قضايا المسلمين محليا وعالميا ويقترح الإسلام كبديل للحضارة".
ليس مقال "العربية" معزولاً، بل يأتي ضمن حملة مُنظمة شاركت فيها وسائل إعلام ممولة من الرياض وأبوظبي، شارك فيها مأجورون في القاهرة، وقاد إيقاعها خبراء في العلاقات العامة والاتصال السياسي، يرابطون في أركان المؤسسات السياسية والإعلامية في واشنطن. وكأن العواصم التي لا تطيق الديمقراطية، وتضيق بطموحات الشباب، لا تكتفي بجزر من ينادون باحترام الحريات الأساسية للبشر وتقطيعهم، ولا ترتوي من تغييب الناشطين والناشطات خلف ظلام المعتقلات، بل تمد أذرعها الطويلة إلى ما وراء البحار للنيْل من إنجاز تاريخي، حققته شابتان تقتحمان الكونغرس بالحجاب والثوب الفلسطيني.
بعيداً عن مهاترات عمرو أديب الذي قدَّم على "إم بي سي" حلقة ناقش فيها التوغل الإخواني في المؤسسات السياسية الأميركية، وفذلكات الأكاديمية السعودية، نجاة السعيد، التي انتقدت احتفال الإعلام العربي بفوز إلهان ورشيدة، ومغالطات هدى الصالح، كاتبة مقال موقع "العربية"، وغيرهم ممن التحقوا بجوقة التشويه والتشريح، لا ريب أن صدور من أطلقوا سعير هذه الحملة ضاقت بما تمثله الشابتان من أمل للشباب العربي.
لا فرق هنا بين من أمر بقتل الصحافي جمال خاشقجي، وتقطيع جسده، ومن أمر بالنيْل من حجاب إلهان وليبرالية رشيدة. لا فرق هنا بين من يُوصد الأبواب أمام شباب الأوطان ومن يطارد إنجازات الشباب خارج حدود أوطان ضاقت بأبنائها. إنه "خوف الطغاة من الأغنيات"، خوف الممسكين بالمناشير لقصم ما انتصب من ظهورٍ أعياها طول الانحناء.
قد يفهم المرء غضب صقور "الإسلاموفوبيا" من وصول سيدة محجبة إلى مقاعد أعلى سلطة تشريعية في الولايات المتحدة. ولا يتوقع المرء أن يحتفل الصهاينة وأنصار إسرائيل بشابة فلسطينية، تدخل الكونغرس الأميركي بثوب فلسطيني مطرز. ما لا يُمكن للمرء فهمه أو استيعابه، هو الهجمات المنظمة التي تستهدف رشيدة وإلهان بتمويل سعودي- إماراتي، بوصف السيدتين من أعضاء التنظيم السري للإخوان المسلمين في الولايات المتحدة. وقد وصف موقع قناة العربية، سعودية التمويل، إماراتية المقر، فوز السيدتين "كجزء من معركة الديمقراطيين ضد سيطرة الجمهوريين على الكونغرس الأميركي". ومضت كاتبة المقال المنشور يوم الأحد الماضي (9 ديسمبر/ كانون الأول) في موقع القناة باللغة الإنكليزية، إلى الزعم أن "تحالف الديمقراطيين مع الحركات الإسلامية السياسية من أجل استعادة سيطرتهم على الحكومة، دفع المرشحين المسلمين والنساء الناشطات من الأقليات المهاجرة، إلى المشهد الانتخابي". وساقت الكاتبة رفض إلهان عمر ورشيدة طليب سياسات ترامب وفريقه السياسي، خصوصا سياسته الخارجية، بدءا من العقوبات المفروضة على إيران إلى عزل "الإخوان المسلمين" وكل حركات الإسلام السياسي، دليلا على اللون السياسي للـ"الأختين" كما وصفهما عنوان المقال. وطالما أن الحديث عن "أخونة" الولايات المتحدة الأميركية، وغزو "الإخونجية" المؤسسات التشريعية في واشنطن، كان لا بد لكاتبة المقال من تدعيم حججها الواهية بنبش وثيقة تُنسب للإخوان المسلمين وتدعو إلى إنشاء "الخلافة" في أميركا وكندا، و"تحقيق الهدف الاستراتيجي الشامل للإخوان المسلمين في أميركا الشمالية، تحديدًا، تأسيس حركة إسلامية يقودها الإخوان المسلمون. يحتضن قضايا المسلمين محليا وعالميا ويقترح الإسلام كبديل للحضارة".
ليس مقال "العربية" معزولاً، بل يأتي ضمن حملة مُنظمة شاركت فيها وسائل إعلام ممولة من الرياض وأبوظبي، شارك فيها مأجورون في القاهرة، وقاد إيقاعها خبراء في العلاقات العامة والاتصال السياسي، يرابطون في أركان المؤسسات السياسية والإعلامية في واشنطن. وكأن العواصم التي لا تطيق الديمقراطية، وتضيق بطموحات الشباب، لا تكتفي بجزر من ينادون باحترام الحريات الأساسية للبشر وتقطيعهم، ولا ترتوي من تغييب الناشطين والناشطات خلف ظلام المعتقلات، بل تمد أذرعها الطويلة إلى ما وراء البحار للنيْل من إنجاز تاريخي، حققته شابتان تقتحمان الكونغرس بالحجاب والثوب الفلسطيني.
بعيداً عن مهاترات عمرو أديب الذي قدَّم على "إم بي سي" حلقة ناقش فيها التوغل الإخواني في المؤسسات السياسية الأميركية، وفذلكات الأكاديمية السعودية، نجاة السعيد، التي انتقدت احتفال الإعلام العربي بفوز إلهان ورشيدة، ومغالطات هدى الصالح، كاتبة مقال موقع "العربية"، وغيرهم ممن التحقوا بجوقة التشويه والتشريح، لا ريب أن صدور من أطلقوا سعير هذه الحملة ضاقت بما تمثله الشابتان من أمل للشباب العربي.
لا فرق هنا بين من أمر بقتل الصحافي جمال خاشقجي، وتقطيع جسده، ومن أمر بالنيْل من حجاب إلهان وليبرالية رشيدة. لا فرق هنا بين من يُوصد الأبواب أمام شباب الأوطان ومن يطارد إنجازات الشباب خارج حدود أوطان ضاقت بأبنائها. إنه "خوف الطغاة من الأغنيات"، خوف الممسكين بالمناشير لقصم ما انتصب من ظهورٍ أعياها طول الانحناء.