ووفقاً للنقاشات الجارية بين المشرعين الدنماركيين، فإن القانون الذي يعمل على تمريره سيسمح للمواطنين باقتناء "السلاح الدفاعي"، وفق ما تروج حكومة ائتلاف يمين الوسط. وعلى الرغم من أن هذا المقترح لن يعمل به قبل الخريف القادم، إلا أنه أخذ مداه في الجدل المجتمعي والسياسي هذه الأيام لما يحمله من انعكاس حالة القلق التي يعيشها الدنماركيون مع ازدياد أعمال العنف في البلاد.
وكانت مؤسسة حزب الشعب الدنماركي المتشدد، ورئيسة البرلمان اليوم، بيا كيرسغوورد قد طرحت "السماح للمواطنين الدنماركيين الدفاع عن أنفسهم بالسلاح، ومن بينه رذاذ الفلفل"، بعد أن دخل الدنمارك آلاف اللاجئين في 2015، وهو ربط رفضه المشرعون حينه. وتفاخرت في ذلك العام بيا كيرسغوورد بحمل الرذاذ في حقيبتها. وتزايدت دعوتها "السماح للنساء"، في أعقاب ما شاع عن "اغتصاب النساء ليلة رأس السنة في كولن الألمانية".
واليوم توسع تبني المقترح من أحزاب أخرى بتزايد النقاش البرلماني، وبدء التفاوض على تمرير القانون، بات بعضهم في الشارع الدنماركي يعبر عن رأيه المعارض. ويذهب هؤلاء لاعتبار السماح بحمل بخاخ رذاذ الفلفل "كأنك تسمح بحمل سلاح أو سكين"، وتلك من الأمور التي يعاقب عليها القانون، حتى لو كانت فقط داخل الاستخدام المنزلي.
ويقضي قانون السلاح، أن يحصل المواطنون على رخصة اقتناء سيف أو خنجر للزينة، ويمنع منعاً باتاً حمل سكين صغير حتى للصيد إن لم يكن داخل علبة مخصصة فيها أدوات الصيد.
هؤلاء المعارضون يخشون من سوء استخدام رذاذ الفلفل في مجتمع يعاني من ارتكاب أعمال العنف، وإن كان لا يعني توسع أعداد المرتكبين المحليين. فالسجون الدنماركية، وفقاً لآخر بيانات مصلحة السجون ووزارة العدل الأربعاء تضم "المئات ممن يعتبرون مقيمين غير شرعيين"، وهؤلاء من بين آلاف ينتشرون في مدن الدنمارك تخفياً عن عيون الأمن، خوفاً من ترحيلهم إلى بلادهم.
ويسود قلق بعض الجماعات الحقوقية والأحزاب اليسارية المعارضة أن يربط "بين هؤلاء من أصول مهاجرة والتسلح برذاذ الفلفل". وخصوصاً أن الأمر، بعد اتضاح موقف الحكومة، لن يحتاج لموافقة شرطية لاقتناء السلاح.
وزير العدل الدنماركي عن حزب المحافظين، سورن بابي بولسن، يبدو متحمساً بشكل لافت لتمرير الموافقة، وينوه في الخصوص إلى موقف اليمين المتطرف، الذي تحتاج حكومة يمين الوسط لأصوات لتمرير القانون، بالتعبير عن "سعادته لأن حزب الشعب دفع بالقضية حتى نمنح الضحايا فرصاً إضافية للدفاع عن أنفسهم في الشارع، وليشعر المواطنون العاديون بأمان في بيوتهم"، بحسب بيان صحافي حصل العربي الجديد على نسخة منه.
يتذرع بعض المشرعين من يمين الوسط لتمرير القانون بأن "مواطنين كثيرين يقتنون بشكل غير شرعي هذا النوع من السلاح الدفاعي، بغض النظر عن مخالفته للقانون". وتجري عملية تهريب هذا النوع من الرذاذ عبر الحدود مع ألمانيا، حيث إن قوانين الجارة الجنوبية في مسألة اقتناء الأسلحة الدفاعية ليست صارمة كما في الدنمارك وغيرها من دول الشمال.
واليوم لو ضبط مواطن يستخدم رذاذَ الفلفل للدفاع عن النفس يمكن أن يلاحق بحسب قانون العقوبات المتعلق باقتناء السلاح، والذي يؤدي بصاحبه إلى اتهامه بـ"ممارسة العنف" والحكم عليه بما لا يقل عن 6 أشهر سجناً فعلياً.
ومن جانبه يعتبر رئيس نقابة الشرطيين الدنماركيين، كلاوس اوكسفيلت، أن "استخدام الرذاذ شيء خطر إذا لم يكن الإنسان مدرباً عليه، فالأمر ليس بتلك البساطة التي يظنها بعضهم حين يواجه مهاجماً يصبح أكثر عنفاً بمجرد أن يصيبه بعض الرذاذ، ما يحول الظرف إلى خطر حقيقي".
ويرى رئيس نقابة الشرطة أنه "قد يكون الأمر أخف إذا ما كان الاستخدام للدفاع عن النفس في المنازل بدل التجول بالرذاذ في الأماكن العامة، حيث من المحتمل أن يصل السلاح إلى الأيادي الخطأ"، وفقاً لتعبير أوكسفيلت، الذي يخشى "من استخدامات غير قانونية لرذاذ الفلفل حين يسمح به على نطاق واسع".
وإلى جانب معارضة اليسار للسماح به على نطاق واسع، وعدم اتضاح موقف الشرطة الوطنية، يحذر "مجلس الوقاية من الجرائم" من السماح لاستخدام رذاذ الفلفل في الحيز العام على أيدي مواطنين عاديين. ويحذر هذا المجلس على لسان مديره، هينريك دام، من أنه "يمكن أيضاً للمعتدي أن يستخدم هذا السلاح بوجه المواطنين لسهولة الحصول عليه وعلى مبتغاه". وتلك مفارقة من مفارقات الجدل المستمر بين الدنماركيين هذه الأيام.
جدير بالذكر، أن رذاذ الفلفل فعال حتى على بعد 7 أمتار من المستهدف، ويصيب الشخص بحرقة شديدة في العينين وتهيج الأنف وصعوبة في التنفس، ما يتيح للضحية الهروب من المعتدي. وتحتوي البخاخات على الرذاذ الصغير المخلوط إما بالماء أو الزيت مع خلطة مركزة من الفلفل الحار جداً، والذي يمكن أن يصل قياس قوته بين 5 إلى 200 سكوفيل، مقياس درجة المذاق الحار وقوة الفلفل. وبالرغم من أن الفلفل لا يعتبر خطيراً إلا أن معارضي استخدامه يستشهدون ببعض النتائج الخطيرة على الصحة والتي "أدت بالسلطات الصحية هناك إلى تقييد استخدامه إلا في حالات طارئة"، بحسب المعارضين الدنماركيين.