تشهد أحياء شرقي العاصمة بغداد منذ أسبوع، خلافاً عشائرياً تطور إلى نزاع مسلح بين عشيرتي درّاج وعكيل الكبيرتين. وتسبب الخلاف بتعطيل الحياة في أحياء الثورة والحبيبية وجميلة، وقطع أبناء العشيرتين شوارعها الداخلية، ومنعوا سيارات المواطنين والشرطة العراقية من دخولها.
وشرح المواطن علاء الخشيمي، تفاصيل النزاع لـ"العربي الجديد"، لافتاً إلى أن "أحد أبناء عشيرة دراج، أراد استغلال أحد المتنزهات العامة لفتح مقهى (كوفي شوب) داخله، إلا أن أحد أبناء العشيرة الثانية (عكيل) رفض الأمر واعتبره استغلالاً للمكان العام"، موضحاً أن "الشجار الذي حصل بين الشابين قاد في النهاية إلى بروز مشكلة كبيرة، وهي تصادم أبناء العشيرتين في ما بينهم، وأدى النزاع إلى مقتل عدد من المسلحين من الطرفين".
وتداول ناشطون، أمس الاثنين، صوراً تُظهر سيطرة إحدى العشيرتين على المتنزه المقصود، وتمكن عدد من المسلحين من إغلاق مداخله وإعلانه "مطلوباً عشائرياً". وتعني هذه العبارة أن المكان أصبح طرفاً في المشكلة التي أدت إلى موت مواطنين، وبالتالي فإن العشيرة المُسيطرة تتمتع بصلاحيات كثيرة، أبرزها إغلاق المكان أو السيطرة عليه أو قصفه بالأسلحة، وهو ما يسميه العراقيون بـ"الدكة"، بحسب قانون القبائل النافذ.
في السياق، قال ضابط في الشرطة العراقية لـ"العربي الجديد"، إن "العشائر تعطل الحياة، من خلال نزاعها الدائم في مناطق تجارية وحيوية في العاصمة بغداد"، مشيراً إلى أن "النزاع الأخير بين عشيرتي درّاج وعكيل، استخدمت فيه الأسلحة الخفيفة والمتوسطة في منطقة الحبيبية بمدينة الصدر".
وأضاف الضابط الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن "النزاع العشائري أدى إلى مقتل شخصين وإصابة اثنين آخرين بجروح متفاوتة"، لافتاً إلى أن "القيادة العسكرية المركزية لم تأمرنا بالتقدم إلى الأحياء التي تسيطر عليها العشائر. بصراحة، حتى لو أمرتنا القيادة بالتدخل، فإننا لن نتدخل، لأن هذه العشائر ستعاملنا كأبناء عشائر أخرى وليس كقوات نظامية تريد بسط الأمن، هذا إن لم يقتلونا في اللحظة نفسها".
ومن خلال هذا النزاع وحوادث أخرى، يتضح حجم الانفلات الأمني الذي تمرّ به العاصمة العراقية، فضلاً عن الانتشار الواسع للأسلحة. في حين تثير الدعوات السياسية التي تُطلق ببيانات رسمية من مكاتب الأحزاب والمرجعيات الدينية سخرية العراقيين، كونها لا تتعدى خمسة أسطر من كلام مُكرر دون فائدة أو تنفيذ قانون "حصر السلاح بيد الدولة" الذي أقرته الحكومة العراقية منذ سنوات.
يشار إلى أن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، يُصدّر نفسه حالياً داعماً للحكومة العراقية بخصوص قرار حصر السلاح، وبادر بهيكلة مليشياته "سرايا السلام". وقال الصدر في بيان أصدره أخيراً: "تقديما لمصالح العراق ومن منطلق تقوية الحكومة العراقية القادمة، إن وجدت، وتقوية الجيش والشرطة والقوات الأمنية، قررنا ما يلي: هيكلة سرايا السلام، وإرجاع الأسلحة التي سلمتها الدولة (...) ووضع خطة للآليات، منها السيارات والممتلكات الأخرى"، داعياً إلى "وضع آلية صحيحة لتخزين السلاح الرسمي وعدم الإضرار بالمدنيين".