خلافات مصرية سعودية إماراتية بسبب استعجال فضّ اعتصام الخرطوم

11 يونيو 2019
بن سلمان وبن زايد عجّلا بمسألة فضّ الاعتصام(فرانس برس)
+ الخط -
كشفت مصادر دبلوماسية سودانية ومصرية، تحدثت مع "العربي الجديد"، عن خلافات داخل التحالف المصري السعودي الإماراتي بسبب القرارات المتعلّقة بالأزمة السياسية في السودان، في أعقاب تعقُّد الوضع إثر فضّ اعتصام القيادة العامة بوسط الخرطوم، وسقوط أكثر من مائة قتيل على يد قوات التدخّل السريع المعروفة باسم مليشيات "الجنجويد"، التابعة لنائب رئيس المجلس العسكري محمد حمدان دقلو الشهير بحميدتي.

وبحسب المصادر، فإنّ "قرار الفضّ جاء في ظلّ تحذيرات مصرية"، موضحةً أنّ "القاهرة لم تكن ضدّ عملية الفض كمبدأ، ولكنها كانت ترحّب أكثر بأي حلول لا تساهم في تعقيد المشهد، على أن يكون التدخل الأمني والفضّ آخر الحلول". وأشارت المصادر إلى أنّ "مصر قدّمت بالفعل خبرتها للمجلس العسكري السوداني بشأن التعامل الأمني مع مثل تلك التجمعات والاعتصامات"، لافتةً إلى أنّ "الفضّ جاء تحت ضغط إماراتي وسعودي".

وشدّدت المصادر على أنّ "مصر هي الخاسر الأكبر جراء التطورات الأخيرة في السودان، فأي نظام سياسي جديد سينشأ هناك مكوّنٍ من قوى مدنية، ستكون لديه أزمة عميقة مع القاهرة بسبب الدور الذي أدته، سواء في آخر أيام الرئيس المخلوع عمر البشير ودعمه، أو التدخّل المعلن في دعم المجلس العسكري الذي انقلب على الاتفاقات السياسية مع قوى المعارضة المدنية".

وأجمعت المصادر التي تحدّثت إليها "العربي الجديد"، على أنّ المصالح المصرية لدى السودان أكبر بكثير من المكاسب التي تسعى السعودية والإمارات لتحقيقها. فبحسب دبلوماسي مصري رسمي، فإنّ "القاهرة لديها مصالح متعلقة بالأمن القومي والحدود، ومنع تسلّل العناصر الإرهابية، والمياه، والروابط المشتركة مع الشعب السوداني، في حين أنّ قمة الأهداف السعودية الإماراتية تتمثّل في تحجيم نفوذ قطر وتركيا من جهة، ومنع نجاح أي حراك ثوري من جهة أخرى، لكن في النهاية ليست هناك علاقات مباشرة".


وقالت المصادر "هناك حالة غضب مصرية، بسبب دخول رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد على خطّ الأزمة، وأدائه دور الوسيط بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى المعارضة، في الوقت الذي يصعُب فيه على القاهرة أداء دور مماثل بسبب حالة الرفض الشعبي لمصر التي تحمّلها المعارضة السودانية مسؤولية الدماء التي سالت أخيراً جراء دعمها لعبد الفتاح البرهان رئيس المجلس العسكري، وكذلك بسبب تسرّب أنباء عن منح خبراتها للمجلس في عملية فضّ اعتصام القيادة العامة".

وبحسب المصادر، "فإنّ ولي العهد السعودي محمد بن سلمان كان هو الداعم الأكبر لعملية فضّ الاعتصام، وهو الذي منح البرهان الضوء الأخضر، بعد التشاور مع ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، في حين كانت القاهرة مع إرجاء تلك الخطوة لعدم وضعها في حرج، نظراً لدورها في رئاسة الاتحاد الأفريقي في الفترة الحالية". وأشارت المصادر إلى أنّ "بن سلمان وبن زايد عجّلا من مسألة فضّ الاعتصام لعدم إعادة تجربة اعتصامات رابعة العدوية ونهضة مصر عام 2013 في أعقاب عزل الرئيس المصري محمد مرسي".

وتابعت المصادر "هناك قناعة لدى الحلفاء الخليجيين بأنّ استمرار الاعتصام وزيادة أعداد المشاركين فيه مع الوقت، سيزيد من كلفته السياسية، وكذلك سيفرض أمراً واقعاً أقوى خلال أي مفاوضات مع المعارضة، لذلك كان التسريع بفضّه لإضعاف أوراق الضغط بيد الأخيرة".

من جهته، كشف مصدر دبلوماسي سوداني أنّ عملية الاعتقال التي تمّت في صفوف معارضين سودانيين عقب لقائهم برئيس الوزراء الإثيوبي، خلال زيارته للخرطوم للقيام بوساطة بين المعارضة والمجلس العسكري، جاءت بناء على طلب خليجي من البرهان، وذلك كنوع من الترضية لمصر لإفساد الجهود الإثيوبية، في الوقت الذي كان يعلّق فيه النظام المصري آمالا عريضة على نجاح المجلس العسكري السوداني في حسم الأزمة لصالحه، والسيطرة على القرار السياسي في البلاد لدعم القاهرة في مواقفها الإقليمية، وفي مقدمتها أزمتها مع إثيوبيا المتعلقة بسدّ النهضة الذي يهدّد حصة مصر من مياه النيل. مع العلم أنّ مصادر دبلوماسية مصرية كانت قد قالت في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ إلقاء القبض على هذه الشخصيات جاء بمباركة القاهرة، وتنفيذاً لنصيحة منها لتوجيه رسالة لأحمد مفادها عدم قبول المجلس العسكري بجهود الوساطة التي حاول بذلها.