يشهد العالم تغييرات اقتصادية مؤثرة، يقودها بنك الشعب الصيني، وهو بمثابة البنك المركزي، بعدما قام بخفض قياسي في قيمة اليوان لم يشهده مجتمع الاقتصاد الدولي قبل عقدين من الزمان، أي منذ 1994. فخلال ثلاثة أيام فقط خلال الشهر الحالي، انخفضت قيمة صرف عملة ثاني أكبر اقتصاد عالمي بمعدل اقترب من 5% مقابل الدولار الأميركي.
هذه الخطوة تهدف، حسب المحللين الدوليين، إلى خروج التنين الصيني من أزمة تباطؤ النمو الاقتصادي، عبر تنشيط الطلب على الصادرات التي تراجعت في يوليو/ تموز الماضي بأكثر من 8%.
وقال بنك الكويت الوطني إن خطوة المركزي الصيني تصبو إلى تحفيز الاقتصاد، إذ إن خفض العملة يعني بيع المنتجات بأسعار أقل عند استيرادها بالعملات المتداولة في التجارة الدولية مثل الدولار واليورو والين.
السؤال الأهم الذي يشغل بال مثلث الإنتاج في الدول العربية: الدولة والمؤسسات والمستهلك، هل هناك استفادة من تراجع العملة الصينية خاصة أن عبارة "صُنع في الصين" تنتشر في كل شارع عربي؟
الإجابة على السؤال لن تكون بالطبع واحدة، فهي تختلف من دولة إلى أخرى حسب قوة دور شبكة التجار والمستوردين، مقابل إجراءات الدولة، من حيث تبني بعض الدول العربية سياسات خفض قيمة العملة لتحفيز صادراتها هي الأخرى، ما يعني استيراد المنتجات بأسعار مرتفعة... إلا أنه من الواضح أن تراجع سعر اليوان ستكون له انعكاسات محسوسة في الدول العربية، خصوصاً تلك التي تعرف نمواً في حجم التبادل التجاري مع العملاق الصيني، وتلك التي تتمتع بعدد من الاستثمارات الصينية المباشرة في أسواقها.
الصين في مصر
"التجار لن ينتظروا كثيراً حتى يكثفوا حجم استيراد وتكديس السلع الصينية بالمخازن لأشهر مقبلة مستفيدين من انخفاض الأسعار، وهو ما يعني اقتصادياً إغراق الأسواق العربية بالمنتجات المستوردة"، وفقاً للخبير الاقتصادي عادل عبد المجيد.
فحين نحلل التعاملات التجارية بين مصر والصين "سنجد أن الواردات الصينية في زيادة مستمرة قبل عملية خفض سعر الصرف، إذ ارتفعت إلى 8.589 مليارات دولار في 2014 مقابل 6.688 مليارات دولار في عام 2013".
ويتابع عبد المجيد: "نعلم جيداً أن التاجرالمصري سيكون المُستفيد الأول من انخفاض الأسعار عالمياً لتحقيق المزيد من الأرباح في ظل عدم وجود رقابة مُحكمة على الأسعار". ويستدرك قائلاً: ولكن في النهاية سيستفيد المواطن بنسب طفيفة لن تتجاوز 3 ـ 4% انخفاضاً في الأسعار.
الصواب يحالف هذا التحليل بصورة كبيرة استناداً إلى ما حدث مطلع العام الجاري في أسعار السلع الغذائية التي ارتفعت في مصر بمعدلات تقترب من 25%، في الوقت الذي كان العالم كله يتمتع بموجة تراجع حاد في الأسعار.
ويشير عبد المجيد إلى أن "الانخفاض المحدود في الأسعار لن يقتصر على السلع الاستهلاكية الخفيفة فقط، ولكنه يمتد أيضاً للسلع الثقيلة مثل الحديد". ما يعني تراجع أكلاف الإنشاءات والبناء، ما يعزز من سوق العقار وبيع المساكن.
ويتزامن ذلك مع إعلان مسؤولين صينيين عن خفض سعر تصدير الحديد بواقع 5 دولارات ليهبط إلى 295 دولاراً للطن تسليم ظهر السفينة.
وعلى الرغم من أن البنك المركزي المصري خفض سعر الجنيه مرتين حتى هبط من 7.05 جنيهات إلى 7.83 جنيهات مقابل الدولار، إلا أن هناك دعوات لاستكمال خفض سعر الصرف لدعم الصادرات المصرية من جانب، وحماية المنتجات المحلية التي ستواجه منافسة أكثر شراسة من التنين الصيني.
تأثر دول الخليج
لن يختلف وضع السعودية كثيراً عن مصر. ويقول مدير الاستثمار أيمن إسماعيل، إن مجموعة المستوردين هم المُستفيد الأول، وفي المقابل ستمرر نسبة خفض بسيطة لا تتجاوز 3% للمستهلك. وهي نسبة ضئيلة مقارنة بمستوى المعيشة بالمملكة. ولكن يلفت إسماعيل إلى أن الميزة التي سيستفيد منها المواطن السعودي هي أن هذا الانخفاض سيشمل شريحة واسعة من المنتجات سواء استهلاكية أو زراعية أو مواد بناء، فضلاً عن أن تعافي النمو الصيني سيزيد الطلب على النفط السعودي ومن ثم زيادة أسعار البترول التي تنعكس ثماره على اقتصاد المملكة بشكل عام. وتعتبر المملكة من أكبر الشركاء التجاريين للصين، فقد بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 69.1 مليار دولار في العام 2014.
ربما ستكون استفادة الاقتصاد في قطر والإمارات غير مباشرة. فانخفاض اليوان يعني ببساطة تراجع أسعار توريد مواد البناء التي تتصدّر المنتجات الأكثر طلباً في الدولتين لمواصلة إنشاءات البنية التحتية والمشروعات التنموية استعداداً لاستضافة كأس العالم 2022 في الدوحة، وإقامة معرض إكسبو 2020 في الإمارات. "من المتوقع أن ترفع الدوحة حجم وارداتها من الصين والتي بلغت حوالي 1.71 مليار دولار في 2013، وتتركز أكبر حصة منها في المعدات الميكانيكية والمعادن والمنتجات"، والحديث لإسماعيل.
الأردنيون الأكثر استفادة
لا يوجد مواطن في العالم العربي استفاد من مزايا انخفاض سعر اليوان بالسرعة التي تمتع بها الأردنيون. فقد كشفت تقارير قطاع الألبسة والأقمشة والمجوهرات في غرفة تجارة الأردن، عن انخفاض أسعار عدد من السلع بشكل مباشر، منها الحقائب المدرسية بنسب 10-15%، بسبب تراجع اليوان، بالتوازي مع هبوط أسعار النفط. وتلفت التقارير إلى أن هذه النسب تمت ترجمتها بتوفير المواطنين حوالى 3 إلى 10 دنانير في سعر الحقيبة، حسب النوعية والجودة.
هذه الخطوة تهدف، حسب المحللين الدوليين، إلى خروج التنين الصيني من أزمة تباطؤ النمو الاقتصادي، عبر تنشيط الطلب على الصادرات التي تراجعت في يوليو/ تموز الماضي بأكثر من 8%.
وقال بنك الكويت الوطني إن خطوة المركزي الصيني تصبو إلى تحفيز الاقتصاد، إذ إن خفض العملة يعني بيع المنتجات بأسعار أقل عند استيرادها بالعملات المتداولة في التجارة الدولية مثل الدولار واليورو والين.
السؤال الأهم الذي يشغل بال مثلث الإنتاج في الدول العربية: الدولة والمؤسسات والمستهلك، هل هناك استفادة من تراجع العملة الصينية خاصة أن عبارة "صُنع في الصين" تنتشر في كل شارع عربي؟
الإجابة على السؤال لن تكون بالطبع واحدة، فهي تختلف من دولة إلى أخرى حسب قوة دور شبكة التجار والمستوردين، مقابل إجراءات الدولة، من حيث تبني بعض الدول العربية سياسات خفض قيمة العملة لتحفيز صادراتها هي الأخرى، ما يعني استيراد المنتجات بأسعار مرتفعة... إلا أنه من الواضح أن تراجع سعر اليوان ستكون له انعكاسات محسوسة في الدول العربية، خصوصاً تلك التي تعرف نمواً في حجم التبادل التجاري مع العملاق الصيني، وتلك التي تتمتع بعدد من الاستثمارات الصينية المباشرة في أسواقها.
الصين في مصر
"التجار لن ينتظروا كثيراً حتى يكثفوا حجم استيراد وتكديس السلع الصينية بالمخازن لأشهر مقبلة مستفيدين من انخفاض الأسعار، وهو ما يعني اقتصادياً إغراق الأسواق العربية بالمنتجات المستوردة"، وفقاً للخبير الاقتصادي عادل عبد المجيد.
فحين نحلل التعاملات التجارية بين مصر والصين "سنجد أن الواردات الصينية في زيادة مستمرة قبل عملية خفض سعر الصرف، إذ ارتفعت إلى 8.589 مليارات دولار في 2014 مقابل 6.688 مليارات دولار في عام 2013".
ويتابع عبد المجيد: "نعلم جيداً أن التاجرالمصري سيكون المُستفيد الأول من انخفاض الأسعار عالمياً لتحقيق المزيد من الأرباح في ظل عدم وجود رقابة مُحكمة على الأسعار". ويستدرك قائلاً: ولكن في النهاية سيستفيد المواطن بنسب طفيفة لن تتجاوز 3 ـ 4% انخفاضاً في الأسعار.
الصواب يحالف هذا التحليل بصورة كبيرة استناداً إلى ما حدث مطلع العام الجاري في أسعار السلع الغذائية التي ارتفعت في مصر بمعدلات تقترب من 25%، في الوقت الذي كان العالم كله يتمتع بموجة تراجع حاد في الأسعار.
ويشير عبد المجيد إلى أن "الانخفاض المحدود في الأسعار لن يقتصر على السلع الاستهلاكية الخفيفة فقط، ولكنه يمتد أيضاً للسلع الثقيلة مثل الحديد". ما يعني تراجع أكلاف الإنشاءات والبناء، ما يعزز من سوق العقار وبيع المساكن.
ويتزامن ذلك مع إعلان مسؤولين صينيين عن خفض سعر تصدير الحديد بواقع 5 دولارات ليهبط إلى 295 دولاراً للطن تسليم ظهر السفينة.
وعلى الرغم من أن البنك المركزي المصري خفض سعر الجنيه مرتين حتى هبط من 7.05 جنيهات إلى 7.83 جنيهات مقابل الدولار، إلا أن هناك دعوات لاستكمال خفض سعر الصرف لدعم الصادرات المصرية من جانب، وحماية المنتجات المحلية التي ستواجه منافسة أكثر شراسة من التنين الصيني.
تأثر دول الخليج
لن يختلف وضع السعودية كثيراً عن مصر. ويقول مدير الاستثمار أيمن إسماعيل، إن مجموعة المستوردين هم المُستفيد الأول، وفي المقابل ستمرر نسبة خفض بسيطة لا تتجاوز 3% للمستهلك. وهي نسبة ضئيلة مقارنة بمستوى المعيشة بالمملكة. ولكن يلفت إسماعيل إلى أن الميزة التي سيستفيد منها المواطن السعودي هي أن هذا الانخفاض سيشمل شريحة واسعة من المنتجات سواء استهلاكية أو زراعية أو مواد بناء، فضلاً عن أن تعافي النمو الصيني سيزيد الطلب على النفط السعودي ومن ثم زيادة أسعار البترول التي تنعكس ثماره على اقتصاد المملكة بشكل عام. وتعتبر المملكة من أكبر الشركاء التجاريين للصين، فقد بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 69.1 مليار دولار في العام 2014.
ربما ستكون استفادة الاقتصاد في قطر والإمارات غير مباشرة. فانخفاض اليوان يعني ببساطة تراجع أسعار توريد مواد البناء التي تتصدّر المنتجات الأكثر طلباً في الدولتين لمواصلة إنشاءات البنية التحتية والمشروعات التنموية استعداداً لاستضافة كأس العالم 2022 في الدوحة، وإقامة معرض إكسبو 2020 في الإمارات. "من المتوقع أن ترفع الدوحة حجم وارداتها من الصين والتي بلغت حوالي 1.71 مليار دولار في 2013، وتتركز أكبر حصة منها في المعدات الميكانيكية والمعادن والمنتجات"، والحديث لإسماعيل.
الأردنيون الأكثر استفادة
لا يوجد مواطن في العالم العربي استفاد من مزايا انخفاض سعر اليوان بالسرعة التي تمتع بها الأردنيون. فقد كشفت تقارير قطاع الألبسة والأقمشة والمجوهرات في غرفة تجارة الأردن، عن انخفاض أسعار عدد من السلع بشكل مباشر، منها الحقائب المدرسية بنسب 10-15%، بسبب تراجع اليوان، بالتوازي مع هبوط أسعار النفط. وتلفت التقارير إلى أن هذه النسب تمت ترجمتها بتوفير المواطنين حوالى 3 إلى 10 دنانير في سعر الحقيبة، حسب النوعية والجودة.