خطة أميركية لمواجهة "داعش": "تشبيك" القواعد العسكرية الخارجية

16 ديسمبر 2015
القواعد العسكرية الأميركية منتشرة في حوالي 100 بلد(ماريو تاما/getty)
+ الخط -
علمت "العربي الجديد"، من مصادر عسكرية ومدنية متطابقة في وزارتي الدفاع والخارجية الأميركيتين، أن الخطة المقترحة لتوسيع وتفعيل دور القواعد العسكرية الأميركية وإعادة هيكلتها لمواجهة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) وامتداداته في المنطقة، من أهم الموضوعات التي نوقشت أثناء زيارة الرئيس الأميركي، باراك أوباما، لمقرّ وزارة الدفاع "البنتاغون"، يوم الإثنين الماضي، والتي تتبعها زيارة مماثلة لمركز مكافحة الإرهاب لاستكمال الحديث عن الجوانب الأمنية للفكرة. 

وأكدت المصادر نفسها أنّ الخطة التي قدّمها البنتاغون للبيت الأبيض قبل أيام، ونوقشت في اجتماع لمجلس الأمن القومي الأسبوع الماضي، استهوت أوباما لأنها لا تكلف الخزينة العامة أعباء إضافية كبيرة، وتعزز في الوقت نفسه استراتيجيته الساعية إلى تجنيب بلاده تبعات التورط في حروب برّية واسعة النطاق، والاكتفاء بقوات خاصة محدودة العدد للتدخلات السريعة والضربات الخاطفة، لكن الخارجية الأميركية أبدت تحفظات على بعض جوانب الخطة لأسباب رفضت المصادر الكشف عنها.

اقرأ أيضاً: استعدادات أميركية ـ عراقية لمعركة تحرير الأنبار

وبحسب المعلومات المتداولة على نطاق محدود عن بعض جوانب الخطة، فإنها تتضمن تحويل القواعد العسكرية الأميركية المعزولة عن بعضها بعضاً في البلدان التي يمتد إليها نشاط (داعش)، إلى شبكات إقليمية متماسكة، أي أن تعمل بشكل متآزر في آن واحد تحت إشراف مراكز شبكية إقليمية دائمة. وقد تتطلب الخطة موافقة الدول المضيفة للقواعد العسكرية الأميركية الحالية أو القواعد التي من المحتمل إنشاؤها في دول جديدة.

وتتضمن الخطة كذلك إعادة هيكلة القواعد الأميركية، بما يضمن توسيع الدور الأمني والاستخباراتي لهذه القواعد، خصوصاً في ما يتعلق بجمع المعلومات عن التنظيمات الإرهابية، إلى جانب تنسيق الدورين الأمني والسياسي مع الدور العسكري في توجيه الضربات الاستباقية للتنظيمات الإرهابية، القائمة أو التي من المحتمل إنشاؤها، والردّ السريع على أية هجمات قد تستهدف سفارات أميركية أو مصالح للولايات المتحدة في المنطقة. كما تهدف الخطة إلى كبح جماح تمدد تنظيم "داعش"، وشلّ حركة قواعده الأصلية والفرعية، إلى جانب مواجهة أية تهديدات طارئة بصورة أحادية سريعة دون الحاجة إلى تنسيق مع الحلفاء أو إشراك عدد كبير من الدول. 

ومن أهم القواعد العسكرية الأميركية، التي قد تتحول إلى مراكز قيادة شبكية إقليمية في حال إقرار الخطة، قاعدة "ليمونيه" في جيبوتي التي أصبحت بمثابة مركز للنشاط في شرق أفريقيا والجزء العربي من آسيا، حيث يمتد نشاطها إلى السودان وأريتريا والصومال وجيبوتي وكينيا واليمن، وبقية دول المنطقة. ومن المحتمل إنشاء قواعد أفريقية جديدة مساندة أصغر حجماً في كل من النيجر والكاميرون، وتفعيل القواعد الجوية الموجودة في أثيوبيا وبوركينا فاسو.

وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" قد ذكرت، يوم الجمعة الماضي، أنّ القاعدة العسكرية الأميركية في أربيل شمالي العراق مؤهلة لأن تتحول كذلك إلى مركز شبكي إقليمي للقواعد العسكرية الأميركية في المنطقة، إذ إنّها تستضيف حالياً الجزء الأكبر من الـ 3500 عسكري أميركي، المرسلين حديثاً لدعم الحرب الدائرة على تنظيم "داعش" في سورية والعراق. ومن المحتمل إعادة تنظيم الوجود العسكري الأميركي في أفغانستان، بما يسمح بإقامة قاعدة عسكرية أميركية دائمة، يمكن أن تخدم كمركز شبكي إقليمي لتنسيق الجهد الاستخباراتي العسكري والدبلوماسي الأميركي في منطقة شرق آسيا ووسطها.

وهناك منطقة رابعة في العالم يعتقد العسكريون الأميركيون أنها بحاجة لمركز شبكي إقليمي منفصل هي منطقة الغرب الأفريقي، لكن المركز الشبكي لتوحيد الأنشطة الأميركية في هذه المنطقة من المرجح أن يكون في إحدى دول جنوب أوروبا بالنظر إلى الصعوبات والمحاذير التي وجدتها الولايات المتحدة في إقامة مركز للقيادة العسكرية الأميركية الأفريقية في دول الغرب الأفريقي. ومن المفترض، بحسب ما تسرب من معلومات حتى الآن حول الخطة، أن يتم التنسيق الكامل بين القواعد الأميركية الأرضية والبحرية المتحركة المتمثلة في حاملات الطائرات الأميركية الكبرى. لكن تنسيق الجهد العسكري مع الجهدين السياسي والدبلوماسي كثيراً ما يثير الصراع بين مسؤولي "البنتاغون" والخارجية الأميركية، إذ يحاول كل طرف ألا يصبح دوره خاضعاً لتحكم الطرف الآخر. وتنحاز أجهزة الاستخبارات الأميركية المدنية إلى رأي الخارجية في كثير من الحالات، فيما تدعم استخبارات الدفاع الرأي السائد في "البنتاغون"، الذي لا تتحكم فيه القيادات العسكرية وحدها، بل يشرف عليه مسؤولون مدنيون يقودهم وزير الدفاع، الذي يشترط فيه أن يكون مدنياً ولا يرتدي الزيّ العسكري مطلقاً. 

أبرز القواعد الأميركية في العالم العربي

القواعد العسكرية الأميركية الكبرى، الموجودة في اليابان وألمانيا، يعود تاريخ إنشائها إلى ما بعد هزيمة البلدين في الحرب العالمية الثانية، لكن القواعد العسكرية الأميركية الخارجية تزايدت بعد ذلك حتى انتشرت في أكثر من 100 بلد موزعة ما بين قواعد جوية وبرية وبحرية. أما العالم العربي فهو حديث العهد نسبياً في القبول بقواعد عسكرية أميركية، التي جاء إنشاؤها برغبة من البلدان المستضيفة، وفرض وجودَها احتلالُ الكويت من قبل قوات الحرس الجمهوري العراقي في عهد الرئيس السابق، صدام حسين. وقبل ظهور تنظيم "داعش" كانت إدارة أوباما تتردّد كثيراً في إقامة قواعد جديدة في العالم العربي أو التوسع في القواعد القائمة. وأبرز هذه القواعد هي:

قاعدة الدوحة في الكويت. تستضيف أعداداً متغيرة من مشاة البحرية الأميركية والقوات الخاصة، وتستقبل معدات أميركية ثقيلة بما فيها الطائرات المروحية والدبابات الحديثة. 

قاعدة الإسكان في السعودية. تستضيف عدداً محدوداً من الجنود الأميركيين والمعدات الخفيفة، بعدما تم إنهاء الوجود الأميركي الكبير سابقاً في قاعدة الأمير سلطان الجوية في الرياض.

قاعدة العديد في قطر. وهي قاعدة جوية وبرية تحتوي على أطول مدرجات الطائرات في  العالم، بمقدرة استيعاب تتجاوز المائة طائرة على الأرض في وقت واحد. وتضم قاذفات ومقاتلات وطائرات استطلاعية ومركبات مدرعة وأنفاقاً محمية لتخزين الأسلحة الاستراتيجية والذخائر. 

قاعدة الشيخ عيسى في البحرين. وهي قاعدة بحرية جوية ومركز للتزود بالوقود. تستضيف المقر الرئيسي لقيادة الأسطول البحري الأميركي الخامس، الذي يقدر عدد جنوده ما بين أربعة إلى خمسة آلاف جندي. ويضم حاملات طائرات ومدمرات وغواصات وقاذفات وطائرات نقل وغير ذلك.

قاعدة السلطنة. وهي قاعدة متعددة المهام في سلطنة عمان تتمركز فيها قاذفات ضخمة من طراز (بي 1) وطائرات التزود بالوقود. 

قواعد الإمارات. وتستضيف دولة الإمارات العربية قاعدة جوية أميركية ومرافق للدعم اللوجيستي، كما تستخدم السفن العسكرية الأميركية ميناءين في الإمارات يمتازان بغاطسهما العميق.

قاعدتا الرويشد ووادي المربع. هما قاعدتان في الأردن تستضيف كل منهما طائرات أميركية مقاتلة ووحدات بحرية استطلاعية.

قاعدة القاهرة الجوية. تستعين الطائرات الأميركية أحياناً بقاعدة جوية مصرية غربي القاهرة للتزود بالوقود، كما ترسو بعض السفن العسكرية الأميركية في موانئ مصرية عندما تستدعي الحاجة إلى ذلك.

قاعدة أربيل العراقية. هي من أكبر القواعد العسكرية الأميركية. تزايدت أهميتها منذ بدء الحرب الدائرة على تنظيم (داعش). تحمي القاعدة قنصلية أميركية كبيرة في كردستان العراق، يمكن أن تتحول إلى سفارة في حال إقامة دولة كردية مستقلة.

قاعدة ليمونيه. كانت معسكراً بحرياً وجوياً فرنسياً في السابق. بدأ الأميركيون في استخدامها كقاعدة بحرية وجوية في عام 2002 . وتزايدت أهميتها بعد خروج الجزء الأكبر من القوات الأميركية التي كانت مرابطة في قاعدة الأمير سلطان الجوية في السعودية عام 2003. وهي مجهزة لرسو حاملات الطائرات الضخمة، ومؤهلة لأن تتحول إلى مركز قيادة شبكي لجميع القواعد الأميركية في المنطقة ككل أو لشرق افريقيا واليمن على الأقل.

اقرأ أيضاً: 14عاماً على 11 سبتمبر: حروب أميركية لا تنتهي

المساهمون