يحرص الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، دائمًا على التهوين من خلافاته السياسية مع نظيره الأميركي، دونالد ترامب، ولكنّ العالَم بأسره استمع، اليوم الثلاثاء، إلى خطابَين سياسيين متعارضين لترامب وماكرون في الجمعية العامة، عبّر فيهما الأول عن الاكتفاء الذاتي لإدارته، ولم يوفّر التهديدات لخصومه، فيما حاول الثاني أن يدافع عن موقف نقيض، عن موقف معارض لـ"قانون الأقوى"، مدافعًا عن العمل الجماعي وعن عالَم متعدد الأقطاب بالقول: "البعض اختاروا قانون الأقوى. ولكنه قانونٌ لا يحمي أي شعب. ونحن اخترنا طريقًا آخَر: العالم المتعدد الأطراف"، مقابل عالم أحادي القطبية "يقود، بشكل مباشر، إلى الانطواء وإلى الصراعات".
وفي إطار هذا الدفاع عن عالم متعدد الأقطاب، حذّر الرئيس الفرنسي من الوضع السياسي العالمي الحالي، حيث توشك منظمة الأمم المتحدة على أن تصبح "رمزًا للعجز".
وفي ما يخص أزمة النووي الإيراني، التي تعتبر الأزمة الأكثر حدّة في الوقت الراهن، وبعيدًا عن التهديدات الأميركية بمزيد من العقوبات والعمل على عزل النظام الإيراني، دافع الرئيس الفرنسي عن "الحوار وعن عالم متعدد الأطراف". وشدد ماكرون على تجنب "مفاقمة التوترات الإقليمية"، وعلى "اقتراح أجندة أكثر اتساعًا".
اقــرأ أيضاً
وفي رسالة الغرض منها طمأنة مع يخشى تأثيرات العولمة الجارفة، أكد الرئيس ماكرون على إيمانه بالقيم العالمية، لكنه استدرك بأنه يؤمن، بشكل عميق، بـ"سيادة الشعوب ويؤمن، في الوقت نفسه، بتشديد التعاون"، مضيفاً: "لا أؤمن بشعب كبير معولم، ولكني أؤمن بقيم عالمية".
وتطرق لقضية المهاجرين التي تقض، منذ سنوات، مضاجع الدول الغربية وتساهم في توترات عميقة داخل الاتحاد الأوروبي، كان آخر مثال لها رفض فرنسا رسوّ سفينة تُقلّ 58 مهاجراً في ميناء مارسيليا؛ فطمأن الرأي العام الوطني والأوروبي، الذي أصبح حذراً، أكثر فأكثر، من تدفق المهاجرين، وقال: "لا أؤمن بخطابات الانفتاح غير المشروط، ولا بالخطابات الكاذبة".
ولم يغفل الرئيس ماكرون موضوع المناخ، العزيز على قلبه، قائلًا: "لدينا جميعاً حساب مع المناخ"، ثم دعا في جملة ملتبسة، سرعان ما كررها في ندوته الصحافية التي أعقبت خطابه السنوي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلى "عدم توقيع اتفاق تجاري مع من لا يحترمون اتفاق باريس (حول المناخ)". وقد فهم منها الجميع رسالة تهديد مبطنة للطرف الأميركي.
ولمّا كانت الكلمات والوعود الجيدة لا تكفي، إزاء حالة العالَم الآن، وإزاء تنامي وتعمق التفاوتات "التي تغذي اليأس" كما تغذي "الإرهاب"، أعلن عن 1 مليار يورو كمساعدة عمومية للتنمية، بالإضافة إلى رفع القروض الإنسانية بنسبة 40 في المائة. وتجدر الإشارة، في هذا السياق، إلى أنه ذكر القارة الأفريقية نحو عشر مرات، القارة التي يقطنها مليار نسمة، والتي ستشهد في العقود المقبلة زيادة كبيرة في الديموغرافيا.
وفي محاولة منه لأن يقرن الوعود بالأفعال، أعلن عن تكريس قمة الدول السبع، في أغسطس/آب 2019، التي ستعقد في فرنسا، لمكافحة التفاوتات بين الجنسين، واعداً بتخصيص 50 في المائة من المساعدات الفرنسية للتنمية لمشاريع تساق لهذا الغرض.
واستفاد الرئيس الفرنسي من غياب زعماء مهمين، كرئيسي الصين وروسيا، ومن وضعية صعبة تعيشها بريطانيا وألمانيا، فظهر بمظهر الندّ للرئيس الأميركي ترامب. وهو على الأقل ما أفصح عنه الخطابان الرئاسيان، الأميركي والفرنسي.
لكن، وعلى الرغم من تصفيقات الحضور لبعض فقرات خطاب ماكرون، وسخرية كثيرين من فقرات في خطاب ترامب، فإنّ الرئيس الفرنسي أدرك أنه من الصعب أن يدخل في مواجهة مع ترامب، ومن هنا تأكيده الملحّ، في ندوته الصحافية، على وجود كثير من التوافق مع الرئيس ترامب، رغم الكثير من الاختلافات.
وعدّد ماكرون توافق وجهات النظر، أولًا، بخصوص الاتفاق مع إيران، قائلًا إن "الهدف واحدٌ، وقد عبرت عنه فرنسا قبل سنة، وهو النووي إضافة إلى الباليستي، وإضافة إلى دور إيران الإقليمي المزعج، حيث تختلف الطرق والمنهجيات، فقط، من أجل الوُصول إلى الغرض نفسه".
ثم عثر الرئيس ماكرون، ثانيًا، على موضوع آخَر حوله هامش للتوافق، وهو "استمرار الانخراط الأميركي في سورية، والتوافق في مواقفهما بخصوص الحل السلمي في البلد". وأخيرًا، وليس آخرًا، تحدث عن بداية واعدة للمفاوضات التجارية الأوروبية مع الولايات المتحدة، على الرغم من أنه لم يتحقق أي شيء بعد.
لم يُرد الرئيس ماكرون، في ندوته الصحافية، إحراج الرئيس ترامب، رغم أن خطابَه كان يتضمن نقيض ما قاله ترامب من قبل. وأما بخصوص اعتبار موقف فرنسا بمثابة موقف مضاد للموقف الأميركي، فقد سارَع ماكرون للقول إنه لا يتحدث ولا يقدم الاقتراحات باعتباره فرنسياً، بل أوروبياً، أي باسم الاتحاد الأوروبي.
ذلك ما يعني أن ماكرون، وعلى الرغم الصدى الجيد لخطابه، الذي جاء بعد خطاب ترامب المتعجرف، كان واعياً، كل الوعي، بضعف الموقف الفرنسي، ليس فقط في مواجهة ترامب، بل كذلك في مواجهة الصين، في القارة الأفريقية. وإلّا فما الذي يعنيه وعد فرنسا بتقديم 1 مليار يورو مساعدة، إذا كانت الصين قد وعدت مؤخراً بتقديم 60 مليار دولار، كمساعدة "دون شروط" لهذه القارة، التي أصبحت تثير شهية كلّ "الغرباء".
وفي إطار هذا الدفاع عن عالم متعدد الأقطاب، حذّر الرئيس الفرنسي من الوضع السياسي العالمي الحالي، حيث توشك منظمة الأمم المتحدة على أن تصبح "رمزًا للعجز".
وفي ما يخص أزمة النووي الإيراني، التي تعتبر الأزمة الأكثر حدّة في الوقت الراهن، وبعيدًا عن التهديدات الأميركية بمزيد من العقوبات والعمل على عزل النظام الإيراني، دافع الرئيس الفرنسي عن "الحوار وعن عالم متعدد الأطراف". وشدد ماكرون على تجنب "مفاقمة التوترات الإقليمية"، وعلى "اقتراح أجندة أكثر اتساعًا".
وفي رسالة الغرض منها طمأنة مع يخشى تأثيرات العولمة الجارفة، أكد الرئيس ماكرون على إيمانه بالقيم العالمية، لكنه استدرك بأنه يؤمن، بشكل عميق، بـ"سيادة الشعوب ويؤمن، في الوقت نفسه، بتشديد التعاون"، مضيفاً: "لا أؤمن بشعب كبير معولم، ولكني أؤمن بقيم عالمية".
وتطرق لقضية المهاجرين التي تقض، منذ سنوات، مضاجع الدول الغربية وتساهم في توترات عميقة داخل الاتحاد الأوروبي، كان آخر مثال لها رفض فرنسا رسوّ سفينة تُقلّ 58 مهاجراً في ميناء مارسيليا؛ فطمأن الرأي العام الوطني والأوروبي، الذي أصبح حذراً، أكثر فأكثر، من تدفق المهاجرين، وقال: "لا أؤمن بخطابات الانفتاح غير المشروط، ولا بالخطابات الكاذبة".
ولم يغفل الرئيس ماكرون موضوع المناخ، العزيز على قلبه، قائلًا: "لدينا جميعاً حساب مع المناخ"، ثم دعا في جملة ملتبسة، سرعان ما كررها في ندوته الصحافية التي أعقبت خطابه السنوي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلى "عدم توقيع اتفاق تجاري مع من لا يحترمون اتفاق باريس (حول المناخ)". وقد فهم منها الجميع رسالة تهديد مبطنة للطرف الأميركي.
ولمّا كانت الكلمات والوعود الجيدة لا تكفي، إزاء حالة العالَم الآن، وإزاء تنامي وتعمق التفاوتات "التي تغذي اليأس" كما تغذي "الإرهاب"، أعلن عن 1 مليار يورو كمساعدة عمومية للتنمية، بالإضافة إلى رفع القروض الإنسانية بنسبة 40 في المائة. وتجدر الإشارة، في هذا السياق، إلى أنه ذكر القارة الأفريقية نحو عشر مرات، القارة التي يقطنها مليار نسمة، والتي ستشهد في العقود المقبلة زيادة كبيرة في الديموغرافيا.
وفي محاولة منه لأن يقرن الوعود بالأفعال، أعلن عن تكريس قمة الدول السبع، في أغسطس/آب 2019، التي ستعقد في فرنسا، لمكافحة التفاوتات بين الجنسين، واعداً بتخصيص 50 في المائة من المساعدات الفرنسية للتنمية لمشاريع تساق لهذا الغرض.
واستفاد الرئيس الفرنسي من غياب زعماء مهمين، كرئيسي الصين وروسيا، ومن وضعية صعبة تعيشها بريطانيا وألمانيا، فظهر بمظهر الندّ للرئيس الأميركي ترامب. وهو على الأقل ما أفصح عنه الخطابان الرئاسيان، الأميركي والفرنسي.
لكن، وعلى الرغم من تصفيقات الحضور لبعض فقرات خطاب ماكرون، وسخرية كثيرين من فقرات في خطاب ترامب، فإنّ الرئيس الفرنسي أدرك أنه من الصعب أن يدخل في مواجهة مع ترامب، ومن هنا تأكيده الملحّ، في ندوته الصحافية، على وجود كثير من التوافق مع الرئيس ترامب، رغم الكثير من الاختلافات.
وعدّد ماكرون توافق وجهات النظر، أولًا، بخصوص الاتفاق مع إيران، قائلًا إن "الهدف واحدٌ، وقد عبرت عنه فرنسا قبل سنة، وهو النووي إضافة إلى الباليستي، وإضافة إلى دور إيران الإقليمي المزعج، حيث تختلف الطرق والمنهجيات، فقط، من أجل الوُصول إلى الغرض نفسه".
ثم عثر الرئيس ماكرون، ثانيًا، على موضوع آخَر حوله هامش للتوافق، وهو "استمرار الانخراط الأميركي في سورية، والتوافق في مواقفهما بخصوص الحل السلمي في البلد". وأخيرًا، وليس آخرًا، تحدث عن بداية واعدة للمفاوضات التجارية الأوروبية مع الولايات المتحدة، على الرغم من أنه لم يتحقق أي شيء بعد.
لم يُرد الرئيس ماكرون، في ندوته الصحافية، إحراج الرئيس ترامب، رغم أن خطابَه كان يتضمن نقيض ما قاله ترامب من قبل. وأما بخصوص اعتبار موقف فرنسا بمثابة موقف مضاد للموقف الأميركي، فقد سارَع ماكرون للقول إنه لا يتحدث ولا يقدم الاقتراحات باعتباره فرنسياً، بل أوروبياً، أي باسم الاتحاد الأوروبي.
ذلك ما يعني أن ماكرون، وعلى الرغم الصدى الجيد لخطابه، الذي جاء بعد خطاب ترامب المتعجرف، كان واعياً، كل الوعي، بضعف الموقف الفرنسي، ليس فقط في مواجهة ترامب، بل كذلك في مواجهة الصين، في القارة الأفريقية. وإلّا فما الذي يعنيه وعد فرنسا بتقديم 1 مليار يورو مساعدة، إذا كانت الصين قد وعدت مؤخراً بتقديم 60 مليار دولار، كمساعدة "دون شروط" لهذه القارة، التي أصبحت تثير شهية كلّ "الغرباء".