تسبب الحظر الذي فرضته الإدارة الذاتية في مدينة القامشلي، شمال شرقي سورية، بخسائر كبيرة للتجار الذين استبشروا خيراً بانتهائه في 27 أغسطس/ آب المنصرم، وذلك بسبب غياب آلية عمل تتيح لهم العمل لفترات محددة، على غرار من استثنتهم قرارات الإدارة من حظر التجول.
محمد خليل، الذي يعمل في تجارة الملابس النسائية، قال لـ"العربي الجديد": "أصبح بيع الألبسة أكثر اعتماداً على المواسم، ولا سيما مع بداية الصيف وقبل الأعياد، إلا أن الحظر الذي فُرض علينا لمدة 45 يوماً أفقدنا بداية الموسم والعيد معاً"، متابعاً: "خلال فترة الحظر الثاني، أغلقنا 21 يوماً، فيما إيجارات المحال محسوبة، وهذا ما فاقم العبء أيضاً، علماً أن حركة البيع هذا العام كانت خفيفة بسبب الأوضاع المعيشية الصعبة وارتفاع سعر صرف الدولار".
وطالب بإعفائهم من الإيجارات المتراكمة عليهم، وتعويض أصحاب الدخل المحدود، مشيراً إلى أن "الإدارة الذاتية تعتبر الألبسة رفاهية، في حين أن 90% من أصحاب محال الألبسة مدينون للتجار ويقسّطون البضاعة على دفعات، فكيف سيسددون لتجار الجملة؟ ومن سيقف إلى جانبهم في هذه الظروف الصعبة؟"، مناشداً السلطات بممارسة الرقابة على من يطلبون الإيجارات بالدولار لا بالليرة السورية.
أما وائل العبدة، وهو صاحب محل للضيافة والمكسرات، فيقول لـ"العربي الجديد"، إن "ما تعرضنا له خلال فترة الحظر تسبب بضغط كبير علينا، فنحن نعتمد على حركة المارة العابرين في السوق، حيث إن من يراجع الطبيب أو الذي يتجه إلى محل الكمبيوتر، مثلاً، يدخل إلى محلي لشراء البذور أو القهوة ولوازم الضيافة، هذا بالإضافة إلى الزبائن الذين يفدون علينا قاصدين المحل ذاته".
لكنه يضيف: "مع انعدام الحركة في السوق، تعرضنا لحالة شلل وخسائر كبيرة، خصوصاً أن كثيراً من المنتجات لها مدة صلاحية محددة لا تتعدى أحياناً بضعة أشهر، ولذلك تعرضت بضائع كثيرة للتلف"، مشيراً إلى أعباء إضافية مصدرها "فاتورة الكهرباء وإيجار المحل المرتفع الذي يتجاوز 100 ألف ليرة، وهذا يتطلب ربحاً يومياً صافياً يتجاوز 2500 ليرة، ومع احتساب الكهرباء، يجب أن يكون الربح 3500 ليرة سورية يومياً".
في فترة الحظر الأولى، يقول العبدة: "كان ممنوعاً بتاتاً فتح المحال، حتى البقالة، ما جعلنا عاجزين عن الاهتمام بنظافة محالنا وتهوئتها، ما جعلها بيئة لتكاثر الحشرات وتلف كمية كبيرة من المكسرات بسبب الرطوبة والسوس"، مشيراً إلى عوامل أُخرى سلبية تُضاف إلى كورونا، ومنها ضعف القدرة الشرائية للأهالي.
في السياق عينه، يقول التاجر يوسف رمضان لـ"العربي الجديد": "تعطلت أعمالنا وتعرضنا لخسائر مادية كبيرة. وهناك تجار جملة لم يعد بإمكانهم احتمال الدين لأكثر من أسبوع، وهذا ما كان يجبرنا على الاستدانة لسداد المبالغ المستحقة لهم، وسط ضغوط هائلة كانت تمارسها حملات التفتيش التابعة لجهاز الرقابة والتموين"، مضيفاً أن "الربح قليل فيما الخسائر متعاظمة، وفي فترة الحظر السابقة تعرضنا لخسائر أيضاً بسبب فرق سعر صرف الدولار، فقد اشترينا البضائع بسعر مرتفع حينها ومع انخفاض سعر صرف الليرة أُجبرنا على البيع بسعر منخفض، ولذلك يمكن القول إن الخسائر تحيط بنا من كل الجوانب".
ويضرب مثلاً عن الخسائر في مواد التجميل التي لحقت بها أضرار تكشفت بعد رفع الحظر في الآونة الأخيرة، حيث يقول: "فتحت المحل لأجد الكثير من البضائع تالفة بسبب الحرارة، كون مواد التجميل بحاجة إلى درجات حرارة معينة تحفظ صلاحيتها".
وطالب رمضان الإدارة بـ"تحديد وقت معين لنا للعمل في أوقات الحظر، كما هي الحال بالنسبة إلى الصرافين والصناعيين، بعدما كان هناك نوع من التمييز خلال فترتي الحظر السابقتين، فالبعض لم يلتزم ولم يتعرض للمساءلة أو المحاسبة. نحن نتمنى أن تكون لنا أيام محددة أسبوعياً للعمل حتى لا ننقطع عن تجار الجملة وتُتلف البضائع في المحل".
وكان العديد من تجار مدينة القامشلي ممن شملهم قرار الحظر قد احتجوا منذ أشهر، مطالبين بإيجاد حل وسط يتيح لهم العمل وفتح محالهم بعد الخسائر التي تعرضوا لها بسبب تدابير مكافحة انتشار جائحة كورونا، والتي فاقمها تقلب سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الأميركي، فيما بقيت الإدارة الذاتية والدوائر الاقتصادية التابعة لها عاجزة عن وضع حلول لهذه المشكلات، مكتفية بتوسيع دائرة الاستثناءات من قرارات الحظر.
صاحب محل ألبسة يُدعى باور معروف، قال لـ"العربي الجديد"، إن "ما حصل في ظل الحظر كان كارثة، لقد خسرنا شهرياً أكثر من 400 دولار، ومع اقتراب فصل الشتاء حرمنا الحظر من بيع البضاعة الصيفية، وهذه البضائع ستصبح قديمة وغير مرغوبة في الموسم المقبل بالنسبة للزبائن".