تكبّد قطاع المطاعم والفنادق في لبنان خسائر باهظة بمئات الملايين من الدولارات بسبب تداعيات تفشي فيروس كورونا.
وكانت إيرادات السياحة أخذت منحىً تصاعدياً في النصف الثاني من العام الماضي، قبل أن تتهاوى بسبب كورونا، علماً أنّ هذا القطاع يشكل العمود الفقري للبلاد ويدخل إليه مبالغ طائلة وصلت في عام 2018 إلى 6 مليارات دولار، حسب بيانات رسمية.
خسائر القطاع المرتبط بالمطاعم، تبلغ 500 مليون دولار شهرياً، تبعاً لتصريح رئيس نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي في لبنان، طوني الرامي، ما يهدد آلاف العائلات التي تعيش من هذا القطاع.
وعلى الرغم من جهوزية النقابة والاحتياطات الصحية التي اتخذتها، قرّرت بالتشاور والاتفاق مع وزارة السياحة على الإقفال في 11 مارس/ آذار الماضي بشكل كامل وعلى مختلف الأراضي اللبنانية ووقف كلّ أشكال المناسبات الفنية والاجتماعية، أي قبل إعلان مجلس الوزراء اللبناني حالة التعبئة العامة وذلك حفاظاً على صحة الرواد والموظفين وعائلاتهم.
ويؤكد مستشار وزير السياحة في لبنان، مازن أبو درغام، لـ"العربي الجديد" أنّ قرار الوزارة يهدف إلى الحدّ من انتشار كورونا وحماية سلامة المواطنين الصحية التي تحتل اليوم أولى اهتماماتنا، رغم علمنا بالتداعيات الاقتصادية التي تحملها أزمة كورونا وما سبقها من أزمات على القطاع السياحي، لكن الحلّ الوحيد للتصدي لهذا الوباء العالمي يقتصر حتى الساعة على العزل والحجر المنزلي.
ويشير أبو درغام إلى أنّ أكثر من 700 مطعم أقفل أبوابه قبل أزمة كورونا، ومن الطبيعي أنّ هذا الرقم مرجح لأن يرتفع أكثر نتيجة الإقفال القسري تنفيذاً لقرار التعبئة العامة.
ويضيف أن هناك فنادق شهيرة في لبنان أقفلت أبوابها مؤقتاً ومنها "الحبتور"، "رويال"، "مونرو"، و"رامادا"، بسبب الأزمة الراهنة، ما دفع وزارة السياحة إلى التحرك لإطلاق عجلة المساعدات والتدابير التي من شأنها أن تبقي المؤسسات على قيد الحياة وتضمن حقوق الموظفين بالقدر الممكن، فكان الاتفاق مع تلك المنضوية في النقابة على دفع رواتب العاملين ولو بنسبة خمسين في المئة.
ويلفت أبو درغام إلى أنّ وزارة السياحة تعمل على مستويات كثيرة، وتبحث خطة متكاملة لمساعدة القطاع السياحي على الصمود ضمن ورقة ستقدم الى مجلس الوزراء وتشمل عدّة بنود أبرزها الإعفاءات الضريبية، وإرجاء دفع المستحقات.
كما تعدّ تعميماً للبنك المركزي وللمصارف بإعادة جدولة قروض المؤسسات والشركات التجارية وأرباب العمل في القطاع السياحي والمتعثرين عن سداد مستحقاتهم، ومنح هؤلاء فترة سماح للتسديد وتحديداً منذ ما بعد 17 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ويشدد مستشار وزير السياحة على أنّ الوقوف إلى جانب المؤسسات واجبٌ وضرورة لأن القطاع السياحي هو الوحيد القادر على إعادة إحياء البلد مع انتهاء أزمة كورونا، من خلال قدرته الكبيرة على إدخال العملات الصعبة إلى لبنان، علماً أنّ المخاطر التي يتعرّض لها القطاع ليست فقط داخلية، إذ أن السياحة العالمية توقفت وباتت دول العالم مقفلة على بعضها، إذ أتى "كوفيد 19" ليفرض تباعداً آمناً بين الناس ومسافة واسعة بين البلدان.
ويؤكد أنّ دور وزارة السياحة والشؤون الاجتماعية بعد دمج الوزارتين في حكومة حسان دياب، بات مضاعفاً وهناك حرص على الوصول إلى جميع المؤسسات والموظفين قدر المستطاع وتبعاً للإمكانات المتوفرة من خلال برنامج التكافل الاجتماعي ضمن خطة الطوارئ الاجتماعية لمعالجة تداعيات فيروس كورونا لمساعدة العائلات الأكثر حاجة والمتضررة من الوباء العالمي والتي أطلقها في وقت سابق، وزير السياحة والشؤون الاجتماعية، رمزي المشرفية.
ويرى أبو درغام أنّ العالم بحالة حرب، وعلى الناس تحمّل مسؤولياتها للانتهاء من الإجراءات المشددة بأسرع وقتٍ، ووزارة السياحة التي كانت أنشأت خلية عمل للنهوض بالقطاع والبلد قبل ظهور الوباء، تفكّر في خطةٍ للثأر السياحي من "كورونا"، إذ مما لا شك فيه أنّ العالم ما قبل الفيروس لن يكون كما بعده لكن المنطق البشري يؤكد أن الحركة ستعود إلى المجمعات والأسواق التجارية والمطاعم وصالونات التجميل وشركات السياحة والسفر، وسيعود الصخب إلى إيقاع الحياة بعد القضاء على الفيروس.
وطالب لبنان الإثنين الماضي، بدعم مالي دولي لمواجهة ما وصفه بأسوأ أزمتين في العالم منذ 75 عاماً تتمثلان في فيروس كورونا الجديد الذي يعمق متاعب الاقتصاد العليل، واللاجئين السوريين، التي تلقي بثقلها على الواقع الاقتصادي والاجتماعي اللبناني منذ سنوات.
وعرض الرئيس اللبناني، ميشال عون، أمام مجموعة الدعم الدولية (تأسست عام 2013 بهدف حشد الدعم لمساعدة لبنان ومؤسساته، خصوصاً مع تفاقم أزمة النازحين السوريين) التحديات التي يمرّ بها لبنان اقتصادياً ومالياً واجتماعياً، متطلعاً إلى دعم دولي.