وبدأ الجيش المصري اتخاذ مجموعة من الإجراءات وشنّ حملات موسّعة في سيناء خلال الأسبوعين الماضيين، لمواجهة تنظيم "ولاية سيناء"، الذي يعتقد أنه المسؤول الأساسي عن مجزرة الروضة، ولكن لم يعلن مسؤوليته عن الجريمة.
وكشفت مصادر قريبة من المؤسسة العسكرية، عن فتح تحقيق حول عدم وجود كمين الجيش المصري الذي كان يفترض أن يتواجد على مدخل قرية الروضة بشكل معتاد، خلال يوم الجمعة الذي شهد هجوم مسلحين يعتقد أنهم من "ولاية سيناء". وقالت المصادر لـ"العربي الجديد"، إن رئيس أركان الجيش المصري طالب بفتح تحقيق عاجل في هذه المسألة، لمعرفة من المتسبّب في عدم وجود قوات الجيش في القرية، خصوصاً مع وجود تهديدات سابقة للتنظيم تجاه أهالي القرية. وأضافت أن قرية الروضة أغلبها مؤيد لعمليات الجيش المصري ضد تنظيم "ولاية سيناء"، وهو "أحد الأسباب التي بسببها تمّ استهداف القرية بهذه الوحشية".
وتابعت المصادر أنّ رئيس الأركان وجّه رسالة شديدة اللهجة لكل قيادات الجيش في سيناء والتي تتابع العمليات العسكرية، مفادها أنه: "سيتم تحويل أي شخص يقصّر في عمله للمحاكمة العسكرية فوراً، خصوصاً مع تكرار الأخطاء"، مشيرةً إلى أنه وجّه أيضاً بضرورة اليقظة بشكل كامل خلال الأشهر المقبلة، لا سيما مع طلب السيسي بضرورة القضاء على الإرهاب خلال فترة 3 أشهر فقط.
ولفتت المصادر إلى أن قيادات الجيش تفكّر جديّاً في دعم بعض أبناء القبائل التي تواجه عناصر "ولاية سيناء" خلال الفترة المقبلة، بعدما كان هذا الأمر مرفوضاً، ولكن كيفية الدعم لم تحدد بعد. ورجّحت أن يتم السماح بإدخال أسلحة إلى أبناء القبائل من دون إمداد أسلحة من الجيش لهم، خصوصاً وأنها ستكون أزمة إذا تم اكتشاف الأمر، ولكن ربما يكون الدور فقط تسهيل عملية دخول أسلحة وسيارات دفع رباعي.
وحول قدرة هذه المجموعات على مواجهة عناصر "ولاية سيناء"، قلّلت المصادر من هذا الأمر بالصورة التي يمكنها القضاء على التنظيم الإرهابي تماماً، ولكن ستكون عاملاً مساعداً في ملاحقة تلك العناصر في بعض الدروب الصحراوية، والإبلاغ عن تلك التجمعات تمهيداً لقصف المسلحين.
وشدّدت المصادر ذاتها، على أن بعض أبناء القبائل الذين يدعمون الجيش، مطلوبون لدى تنظيم "ولاية سيناء"، ولديهم استعداد لدفع الأموال لتسليح القبائل، لأن لديهم مصالح مع الجيش ويعملون في مشاريع بسيناء، ومن مصلحتهم القضاء على تلك العناصر المسلحة.
ميدانياً، يقوم الجيش المصري بالتعاون مع وزارة الداخلية في شنّ حملات اعتقالات وتفتيش موسعة في مدينتي العريش وبئر العبد وبعض القرى التابعة لها، بحثاً عن مطلوبين بدعوى علاقاتهم بتنظيم "ولاية سيناء".
إلى ذلك، بدأ الجيش المصري في استمالة أهالي سيناء من خلال طرح مسألة ضخّ استثمارات كبيرة في المنطقة خلال الفترة المقبلة، لتحسين الأوضاع السيئة هناك، والتأكيد على فكرة الاهتمام بسيناء التي كانت مهملة خلال السنوات الماضية.
وقال رئيس الاتحاد المصري لجمعيات المستثمرين محمد فريد خميس، إنه سيتم إنشاء شركة قابضة لتنمية سيناء، برأسمال مليار جنيه، وطرحها للاكتتاب العام. وأضاف خلال مؤتمر حول التنمية في سيناء، بحضور وزيرة التخطيط هالة السعيد، إنه سيسهم في رأسمال الشركة بنحو 20 مليون جنيه ومثلها من الجامعة البريطانية.
من جانبه، قال شيخ قبلي، إن "أهالي سيناء تشبّعوا بوعود التنمية التي لم تتحقق مطلقاً، وتأتي فقط لتحقيق استفادة للمستثمرين وليس لسكان المحافظة". وأضاف لـ"العربي الجديد"، أنه "إذا كانوا صادقين في ما يقولون عن تأسيس شركة قابضة، فلماذا لم يعلنوا عن تاريخ تأسيسها وإشهارها وعملها"، مشيراً إلى أنها "محاولة فقط لاستمالة قبائل سيناء للتعاون مع الدولة والجيش ضد المسلحين".
وأبدى الشيخ القبلي ضيقه الشديد من تعامل الدولة بهذه الطريقة مع الأهالي، إذ "يتم استغلالهم فقط بلا حماية من الدولة، بل وعلى العكس يتم التنكيل بهم وسط حملات الاعتقالات والاختفاء القسري والتصفيات الجسدية من دون رادع"، متسائلاً: "كيف يقتنع الأهالي بهذه الوعود، في حين يتعرّضون لانتهاكات شديدة تهدد حياتهم يومياً؟".