وكان وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، قد أكد أمس الثلاثاء، أن "مسألة إرسال قوات عسكرية إلى ليبيا بدأت في إطار الاستعدادات التي قمنا بها"، مضيفاً أن "المهمة ستوكل إلى القوات التركية ووزارة الدفاع بعد تصديق البرلمان على مذكرة التفاهم الأمني" مع حكومة الوفاق.
في غضون ذلك، أكدت مصادر عسكرية وبرلمانية متطابقة مقربة من معسكر حفتر لـ"العربي الجديد" إطلاق الأخير وحلفائه حزمةً من الإجراءات الاحترازية والقرارات الخاصة بتغيير مواقع وتمركزات قواته المنتشرة غرب البلاد، استعداداً لمواجهة عسكرية محتملة في حال تنفيذ تركيا لقرارها بإرسال جنودها وعتادها العسكري لدعم قوات حكومة الوفاق.
وكشفت تلك المصادر عن وصول معلومات مؤكدة لمعسكر حفتر عن وقوف سلاح الجو التركي على استعداد لضرب مواقع متقدمة لقوات حفتر جنوب طرابلس، وأخرى في غرب البلاد، ما دفعها إلى إعادة تموضعات قواتها، وخصوصاً مراكز القيادة، وتحسباً لأي تقدم على الأرض من جانب قوات الحكومة.
وبحسب مصدر عسكري رفيع، بدأ تطبيق أوامر حفتر المباشرة لقادة قواته جنوب العاصمة منذ ثلاثة أيام، وتقضي بإفراغ المعسكرات الهامة جنوب العاصمة، ونقل عتادها إلى مواقع أخرى، وتحديداً معسكر عويدات في قصر بن غشير، الذي يعتبر من أهم غرف القيادة لمحاور القتال الأولى جنوب طرابلس، بالإضافة إلى معسكر التيكه بخلة الفرجان، لافتاً إلى أن محتويات هذه المعسكرات نُقلَت إلى مواقع أغلبها مدني لتلافي استهدافها جواً.
وتشمل سلسلة الإجراءات أيضاً مواقع عسكرية داخل ترهونة، الواقعة إلى الجنوب الشرقي لطرابلس بنحو 95 كم، وباستثناء معسكر الحامية سابقاً، نُقل أغلب العتاد والذخيرة إلى مواقع ومبانٍ إدارية في المنطقة. فيما كشفت المصادر أن خطط حفتر، التي أُعدَّ لها في القاهرة أخيراً، تنقسم إلى مستويين: الأول يقضي بنشر منظومات دفاع جوي وتشويش في المواقع العسكرية الأهم الواقعة في شرق البلاد وجنوبها، منعاً لاستهدافها جواً. أما المستوى الثاني، فيرتبط بإعادة ترتيب الصفوف ونقل محتويات المواقع العسكري غرب البلاد.
وتعتبر قاعدتا الوطية (40 كم جنوب غرب طرابلس) والجفرة (550 كم جنوب طرابلس) من أهم القواعد العسكرية التي تعتمد عليها قوات حفتر في هجومها على العاصمة طرابلس.
وأكدت المصادر أن قاعدة الوطية باتت تحت سيطرة مسلحي شركة الفاغنر الروسية التي تنطلق منها طائرات السوخوي الروسية، وتتصل بمهبط جوي في مدينة ترهونة لإطلاق الطائرات المسيرة، بينما يقيم في قاعدة الجفرة ضباط إماراتيون ومصريون لإدارة غرفة العمليات الرئيسية برفقة ضباط مقربين من حفتر.
لكن المصادر نفسها تؤكد أن أهم أجزاء غرفة القيادة نُقلَت إلى مراكز في المناطق المجاورة، ومنها معسكر الرحبة في مدينة سوكنة.
وعن توزيع المرتزقة في محاور القتال، كشفت المصادر أن مرتزقة الفاغنر يتولون عمليات تسيير الطائرات المسيَّرة واستخدام المدفعية الموجهة، بالإضافة إلى القنص ببنادق آلية حديثة، بينما يستخدم مرتزقة أفارقة، وأغلبهم من مجموعات الجنجويد، كمحاربين في الصفوف الأولى في محاور القتال في خلة الفرجان وصلاح الدين والمشروع.
ويتركز أغلب مقاتلي المرتزقة الأفارقة في محيط قاعدة الجفرة، وتأمين خطوط الإمداد الواصلة بين جنوب ترهونة مروراً بنسمة ومزدة والشويرف، وانتهاءً إلى دار براك جنوباً.
وذكرت المصادر أن إخلاء المواقع العسكرية ونقل عتادها شمل أيضاً معسكر تاقرفت في منطقة بني وليد المحاذية لمصراته جنوباً، كذلك أُخليَ ثلاث حضائر في ترهونة ومعسكر سوق الأحد، أكبر معسكرات ترهونة.
وبحسب المعلومات المؤكدة لدى معسكر حفتر، إن القوات التركية فور حصولها على تفويض رسمي ستسدد ضربات جوية مكثفة إلى مواقع حفتر في أغلب أجزاء البلاد، لكن أقربها للاستهداف تلك التي تشكل خطراً على طرابلس في المحاور القريبة من الأحياء المجاورة لقلب العاصمة.
وفيما تبدو الإجراءات الأولية احترازية، إلا أن تلك المصادر قالت إن داعمي حفتر يُعدّون لعمليات قتالية أكثر شراسة في حال إقدام تركيا على إعلان الحرب إلى جانب قوات الحكومة، مشيرة إلى قواعد بنيت في بنغازي وجمال عبد الناصر في طبرق، ولملودة شرق البلاد، تجري حمايتها بواسطة منظومات تشويش ودفاع جوي تستعد لاستقبال دعم عسكري جديد ينقل إلى ساحة المعركة غرب البلاد لاحقاً.
وأشارت المصادر إلى أن المؤسسة العسكرية المصرية تعيش حالة انقسام واضحة بشأن المضي في دعم عمليات حفتر العسكرية جنوب طرابلس، فيما أبدى حفتر رغبته الشديدة في مواصلة معاركه، مشيرة إلى أن أولى المعارك التي ستخوضها قوات حفتر، بدعم مصري إماراتي، هي معركة الاستيلاء على مدينة سرت، التي تتوافر على قاعدة القرضابية الأهم في وسط البلاد لتهديد مصراتة.