بعد طول انتظار، بات بإمكان الفلسطينيين في الضفة الغربية، التمتّع بخدمات الجيل الثالث (متأخرة بجيل) عبر هواتفهم النقالة، بعد 12 عاماً من الصراع مع سلطات الاحتلال الإسرائيلي، التي سمحت لوزارة الاتصالات الفلسطينية بتداول الترددات اللازمة.
وتنص المادة رقم 36 من اتفاقية أوسلو التي تحكم العلاقة بين الفلسطينيين وسلطات الاحتلال، على حق الشعب الفلسطيني في إقامة شبكات حديثة خاصة به ومستقلة عن الشبكات الإسرائيلية، وعلى الجانب الإسرائيلي أن يسهّل إدخال كافة المعدات والأجهزة اللازمة، لبناء مثل هذه الشبكات.
وتحدثت المادة عن الترددات التي تلزم الجانب الإسرائيلي، الاستجابة للطلب الفلسطيني بتخصيص الترددات خلال شهر من تاريخ الطلب، وإذا لم تتوفر، عليهم تخصيص بديل مناسب يقبل به الفلسطينيون.
بناءً على ذلك، يقول وكيل وزارة الاتصالات الفلسطينية، سليمان الزهيري، لـ"العربي الجديد"، إن "أول طلب تم تقديمه للحصول على ترددات الجيل الثالث كان عام 2006، رُفض من قبل سلطات الاحتلال، في الوقت الذي كانت فيه ثلاث شركات اتصالات إسرائيلية تقدم خدمات الجيل الثالث للإسرائيليين".
توجّه الفلسطينيون حينها إلى المجتمع الدولي، وطلب تدخّل الاتحاد الدولي للاتصالات، وقد تم ذلك، إضافةً إلى طلب إصدار قرارات من الاتحاد الدولي. وبالفعل، تم صدور مجموعة من القرارات تطلب من سلطات الاحتلال السماح بإدخال الأجهزة والمعدات اللازمة لبناء الشبكات الحديثة وتخصيص الترددات اللازمة لمثل هذه الشبكات، وتم رفضها من قبل الاحتلال.
وأضاف الزهيري أنه "تم التوجه إلى أكثر من جهة، بالاعتماد على أن الاتصالات باتت كحق إنساني، ولا يجوز منعها، وتريد وزارة الاتصالات من خلالها أن يتمتع الشعب الفلسطيني بمميزات التكنولوجيا، الأمر الذي دفع العديد من الجهات في العالم إلى التدخل، كالإدارة الأميركية والفرنسيين والأوروبيين، لكن جميع المحاولات جوبهت بعرقلة ومماطلة من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي".
في نهاية عام 2014، تبنّى الاتحاد الدولي للاتصالات المطلب الفلسطيني، وبدأ يعمل بخطوات معينة، وطلب من الوفد الأميركي التدخل. في منتصف عام 2015، وافق الاحتلال الإسرائيلي، من حيث المبدأ، على تخصيص الترددات اللازمة، وفي نهاية شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2015 تم توقيع الاتفاقية بين الفلسطينيين وسلطات الاحتلال.
وقال الزهيري إنه "بموجب تلك الاتفاقية، خصص الاحتلال 10 ميغا لكل من شركتي جوال والوطنية، العاملتين في قطاع الاتصالات الفلسطينية، نصفها للاستخدام الحصري ونصفها الآخر تتشارك مع الشركات الإسرائيلية".
ولفت إلى أن الاحتلال الإسرائيلي عمد إلى تأخير إدخال الأجهزة ووصولها إلى الشركات الفلسطينية بعد توقيع الاتفاقية، وماطلت في تخصيص الترددات، والتي من المفروض أن تكون الشبكات مبنية في الضفة الغربية المحتلة بعد عام من توقيع الاتفاقية وتأخرت عاما آخر بسبب مماطلة الاحتلال.
وبنيت الترددات والشبكات في الضفة بناءً على موافقة سلطات الاحتلال الإسرائيلي، لكنه لم يسمح لها بالدخول إلى قطاع غزة. وثمة خطوات لحشد الدعم الدولي تقوم بها وزارة الاتصالات الفلسطينية بغرض إدخال تلك الخدمة لقطاع غزة، في الوقت الذي توجد فيه خطوات موازية للمطالبة بتمكين الشعب الفلسطيني من الحصول على تكنولوجيا الجيل الرابع، ومواكبة التطور حتى الجيل الخامس.
ويشير الزهيري إلى أن السبب الرئيسي الذي يقف وراء منع الاحتلال للتطور التكنولوجي ودخول خدمات الجيلين الثالث والرابع للضفة وغزة، هو تقويض الاقتصاد ونهب الثروات، إضافة إلى أن يصبح السوق الفلسطيني سوق استهلاك للشركات الإسرائيلية، وهذا ما يحصل، حيث أخذت الشركات الإسرائيلية فرصة كافية لاستباحة المناطق الفلسطينية وتقديم خدماتها من دون رقيب ولا حسيب، وباتت تسيطر على 30% من الحصة السوقية عند الفلسطينيين، وأكثر من نصف مليون شريحة للشبكات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة.
وكان قد صدر تقرير دولي في نهاية عام 2016، يُشير إلى أن الخسائر المباشرة في قطاع الاتصالات الفلسطينية والفرص الضائعة تعادل مليارا وثلاثمائة مليون دولار، خلال ثلاث سنوات للاقتصاد الفلسطيني، وهذا ما يدفع الاحتلال الإسرائيلي إلى عرقلة أي شبكات فلسطينية متطورة.
بدورها، أكدت الحكومة الفلسطينية، في بيان لها الثلاثاء، أعقب جلستها الأسبوعية، حرص الحكومة وجهودها الحثيثة للحصول على هذه الخدمات كحق وحاجة ماسة للمواطنين والشركات، وكضرورة لمواكبة التطورات العالمية، والتي ستعود بالفائدة على المجتمع الفلسطيني وعلى الاقتصاد الوطني، لا سيما دعم الشباب الفلسطيني المليء بالطاقة والأفكار الخلاقة والريادية التي تمكنه من الانطلاق بمشروعه الناشئ وخلق فرص عمل.
ودعت الحكومة الفلسطينية، الشركات الفلسطينية ذات العلاقة، إلى توفير الخدمة بجودة عالية تستجيب لتوقعات أبناء الشعب الفلسطيني الذي انتظر طويلاً للحصول على هذه الخدمة. فيما أكدت الحكومة الفلسطينية أن قطاع غزة يستحق أن يتمتع بهذه الخدمات التي حرمه منها الاحتلال الإسرائيلي، وأن الحكومة ستبذل أقصى جهودها لتوفير هذه الخدمات في غزة.
ووجهت الحكومة الفلسطينية، وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لتوظيف كل إمكانياتها لحشد الدعم الدولي اللازم، من خلال مؤسسات دولية مؤثرة كالاتحاد الدولي للاتصالات، للضغط على سلطات الاحتلال الإسرائيلي، لرفع القيود عن إدخال الأجهزة والمعدات اللازمة لبناء شبكات الجيل الثالث في غزة، وبناء شبكات تكنولوجيا حديثة في جميع أراضي دولة فلسطين.
وكانت شركتا "جوال" و"الوطنية" اللتان تعملان في السوق الفلسطينية (الضفة الغربية وقطاع غزة) قد أطلقتا، في العاشر من الشهر الماضي، وبشكل تجريبي، خدمات الجيل الثالث، خلال مؤتمر إكسبوتك 2017، الذي عقد في مدينة رام الله، إلى أن أطلقت الخدمة تجريبياً على عدد معين من زبائن الشركتين قبل أيام، وأطلقت "جوال" الخدمة تجارياً منتصف ليل الإثنين – الثلاثاء، بينما من المفترض أن تطلق "الوطنية" خدماتها من الجيل الثالث، الأربعاء.
ووقعت وزارتا الاتصالات الفلسطينية والإسرائيلية، في الخامس من إبريل/نيسان الماضي، اتفاقاً يزيل كافة العقبات أمام بدء تشغيل خدمات الجيل الثالث من الاتصالات 3G، إذ يهيمن الاحتلال الإسرائيلي على الطيف الترددي بالكامل في الأراضي الفلسطينية، وظل خلال 12 سنوات يماطل في الإفراج عن الترددات اللازمة لتشغيل الجيل الثالث.
ورغم الانتظار لخدمات الجيل الثالث بعد عدة سنوات من المنع الإسرائيلي لتوفير تلك الخدمة للفلسطينيين، وفي ظل محاولات فلسطينية منع الشرائح الإسرائيلية التي توفر خدمات الجيل الرابع من الإنترنت بأسعار منافسة وقوية وزهيدة الثمن، إلا أن إعلان شركة "جوال" عن الأسعار التجارية لتلك الخدمة، لاقى انتقادًا من قبل رواد مواقع التواصل الاجتماعي.
وكتب الصحافي أحمد يوسف، على حسابه في "فيسبوك": "سلاماً للعاشقين، أولئك الذين أرهقت جيوبهم أسعار المكالمات العاطفية ورسائل الصباح والمساء، فانتظروا فرجاً تحمله تقنية 3G، يقللون على إثره تكاليف اتصالات الشوق، ويجمعون مصاريف الخطوبة، ثم عندما أعلنت جوّال إطلاق الـ3G قرروا الانفصال لأنه (فش أمل)".
المدون الناقد والساخر علاء أبو دياب كتب معلقاً على إطلاق خدمات الجيل الثالث: "الخطة هيك: بس يشتغل الـ3G بالضفة، كل الشعب من الفرحة رح يطلع لايڤ.. سيرڤرات الشاباك (جهاز المخابرات الإسرائيلية) مش رح تتحمل كم المعلومات، ورح تخرب كلها.. وهاي بتكون اول هجمة الكترونية فلسطينية بتاريخ الصراع".
أما رشا حرز الله، فعلقت على الأسعار التي أعلنت عنها شركة "جوال"، "شو كان بتهيألو اللي حط أسعار 3G مش فاهمة بإيش كان يفكر إنه 100 شيكل (عملة إسرائيلية) لـ5 غيغا يعني هدول بطيرو بلايف ع فيسبوك. أفضل علاج الهم المقاطعة للأمانة". وعلقت كذلك "يعني حسب تقسيمة أسعار 3G جوال اللايك بطلع بشيكلين ونص".