لم تعد فكرة أكل الحشرات أمراً صادماً، وكذلك رؤية أشخاص يلتهمون الديدان والخنافس من أطباقهم بشهية وتلذذ.
وترويج ثقافة أكل الحشرات "الغذائية" لا يقتصر على وسائل الإعلام، التي تنقل تفاصيل إعداد تلك الوجبات والتهافت على شرائها والتهامها، وإنما اجتهد برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة في إعداد دراسات عن قيمتها الغذائية وغناها بالبروتينات، مشجعاً على إقامة مزارع للحشرات في الدول الفقيرة لتسد مكاناً في فجوة الغذاء وتخفف الجوع.
وإن كان تناول الحشرات غير مألوف في بلداننا العربية، ولا مكان لتلك المخلوقات الصغيرة على موائدنا (باستثناء أكل الجراد في مواسمه في بلدان الخليج)، إلا أن الأمر يثير لدى بعض الناس التساؤلات عن فوائدها الغذائية. فهل كل الحشرات مفيدة ومغذية، وهل حقاً تسد رمق الجائعين وتعوّض فقد البروتينات من أجسامهم؟ وماذا عن حشرات السوس التي تنخر الحبوب والبقوليات فهل هي قابلة للأكل طالما أنها من الحشرات؟
اقرأ أيضاً: رجل يأكل النمل لينقذ نفسه من الموت
سألنا بهذا الخصوص الدكتور حمدي المهدي، الاستشاري المساعد، الذي أوضح لنا أن "هناك مئات الأنواع من الحشرات التي يمكن أن تؤكل"، مشيراً إلى البلدان التي تنتشر فيها عادة أكل الحشرات، خاصة في آسيا مثل تايلاند، وفي أميركا الجنوبية كالمكسيك، وفي أفريقيا كأوغندة.
ولفت إلى "تميز الحشرات القابلة للأكل بمحتواها العالي من البروتين، والذي قد يضاهي المحتوى البروتيني للحوم والأسماك، وترتفع مستوياته في الحشرات المجففة"، منوهاً إلى احتواء بعضها "على نسبة لا بأس بها من الحديد والكالسيوم، وفيتامينات (A) و (B1) و (B2) و (D)، وعلى الأحماض الأمينية الأساسية، مثل أحماض أوميغا-3 التي نجدها في سمك السلمون".
لكنه نبه إلى مسألة على قدرٍ من الأهمية بأن " أنواع الحشرات التي يمكن أكلها لا تشكل وجبة غذائية متكاملة، لكن قد يستعاض بها كبديل للحوم والأسماك لغناها بالبروتين". وبيّنتْ نتائج الدراسة التي أعدتها منظمة "فاو" عن الحشرات القابلة للأكل، أن "اللحم البقري يحتوي على 6 ملغ من الحديد لكلّ 100 غرام من الوزن الجاف، بينما يتراوح المحتوى الحديدي للجراد بين 8 و20 ملليغراماً لكلّ 100 غرام من الوزن الجاف".
وشدد الدكتور المهدي في حديثه لـ "العربي الجديد" على أن " الحشرات القابلة للأكل، كالجراد وبعض أنواع الخنافس والديدان والفراشات والنحل والنمل، تُجمع من الغابات الطبيعية، لضمان خلوها من المواد الضارة والسامة، أو تُخصص لها مساحات زراعية لتربيتها تحت إشراف متخصصين". ورأى أن " من الأفضل أكل تلك الحشرات وهي في طور اليرقات".
اقرأ أيضاً: تذوّقوا "برغر الجراد" و"النمل بالشوكولاتة" لإنقاذ جياع واشنطن!
وتجدر الإشارة إلى وجود "أكثر من 1900 نوع حشري يستهلكه البشر كغذاء في جميع أنحاء العالم. أما أكثرها استهلاكاً في العالم فهي الخنافس (31 في المائة)، واليسروع (18 في المائة)، والنحل والدبابير والنمل (14 في المائة)، والنطاط والجراد والحالوش أو الحفار الأفريقي (13 في المائة)، حسب المنظمة الأممية.
في المقابل، حذر استشاري التغذية من "أنواع السوس، والتي قد تصيب بعض البقوليات كالفول والفاصوليا، وكذلك بعض الحبوب كالأرز والقمح والذرة والشعير والشوفان"، مشيراً إلى وضع "إناث السوس بيوضها في ثقوب تحفرها في البقوليات والحبوب، والتي تفقس عندما تتوافر ظروف الحرارة والرطوبة المناسبة، لتكوّن اليرقات والتي بدورها تتحول إلى حشرات كاملة خلال أيام".
وقال: "إصابة تلك المنتجات بالسوس قد تسبب أضراراً بالصحة، إذ إن السوس قد يحمل بعض مسببات الأمراض، مثل الحساسية في الجهاز التنفسي، كما يحمل بعضها أنواعاً من البكتريا الضارة كالسالمونيلا وبكتريا المجموعة القولونية، لذلك يجب تجنب أكل المنتجات الغذائية المصابة بالسوس، إضافة إلى أن تلك الحشرات لا تزيد القيمة الغذائية لتلك المحاصيل".
اقرأ أيضاً: الحشرات... الطبق المستقبلي الأكثر شهية وفائدة