لوّح الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بإمكانية خسارة روسيا بلاده كشريك اقتصادي، وذلك تحت وطأة الخلافات السياسية التركية الروسية فيما يخص الشأن السوري، وبعد الأزمة التي اندلعت بين الطرفين إثر الخروقات المتعددة التي قامت بها الطائرات الروسية للأجواء التركية.
وأشار أردوغان إلى إمكانية إعادة النظر في مسألة شراء الغاز الروسي بعد حادثة الاختراق، حيث قال للصحافيين أثناء توجهه إلى اليابان في زيارة رسمية: "على روسيا أن تراعي هذه المسائل. نحن أكبر مشتر للغاز الطبيعي الروسي، فقدان تركيا ستكون خسارة كبيرة لروسيا، إذا اقتضى الأمر فبإمكان تركيا الحصول على الغاز الطبيعي من أماكن أخرى عديدة".
كما لفت الرئيس التركي إلى احتمال إعادة النظر في العقد الروسي لبناء محطة "أك كويو" النووية في جنوب البلاد، والتي تتألف من أربعة مفاعلات بقدرة 1200 ميغاوات.
وقال أردوغان "إذا لم يشيّد الروس أك كويو، فسيأتي آخرون ويشيدونها". وبحسب وكالة الأناضول التركية، فإنه من المتوقع أن تصل واردات تركيا من الغاز، العام الحالي، إلى 52.2 مليار متر مكعب، بزيادة قدرها 9.6%، مقارنة بالعام الماضي، وذلك لتلبية الطلب المتزايد في تركيا على الغاز الطبيعي.
وتعتبر روسيا المورد الأول للغاز الطبيعي إلى تركيا، ومن المخطط أن تصل الواردات من الأخيرة، هذا العام، إلى ما يقارب الثلاثين مليار متر مكعب، أي أكثر من نصف احتياجات الغاز في تركيا، حيث تتولى شركة بوتاش الحكومية للغاز استيراد 20 مليار متر مكعب من روسيا، عبر خط غاز الغرب وخط السيل الأزرق الذي يربط البلدين، بينما تقوم شركات خاصة أخرى باستيراد ما يقارب الـ10 مليارات متر مكعب من روسيا.
ومع الاعتماد الواضح على الغاز الروسي، يؤكد إسماعيل حقي دباك، رئيس مجلس إدارة شركة "آر غاز"، التي تقوم باستيراد الغاز من روسيا لـ"العربي الجديد"، أنه لا يرى أن تصريحات أردوغان واقعية أو ممكنة التحقيق فيما يخص الغاز، قائلا: "إن تصريحات أردوغان لا تبدو ممكنة التحقيق على المديين القصير والمتوسط، لأن تركيا ما زالت معتمدة على الغاز الروسي بأكثر من نصف احتياجاتها"، مضيفاً: "نحن ندخل موسم الشتاء، حيث يرتفع استهلاك الغاز للتدفئة المنزلية، الأمر الذي يصعب الموضوع أكثر، فلا يمكننا تلافي استخدام الغاز الروسي، سواء القادم من أوكرانيا عبر اليونان باستخدام الخط الغربي، أو ذلك القادم عبر الخط الأزرق الممتد تحت البحر الأسود".
وبحسب إردال تاناس كاراغول، الباحث في مركز سيتا للأبحاث الاقتصادية والسياسية في العاصمة التركية أنقرة، فإن روسيا تعرف أن فقدانها الشريك التركي، قد يضيف المزيد من الأعباء الاقتصادية عليها، خاصة في ظل الصعوبات التي يعانيها الاقتصاد الروسي، بسبب العقوبات المفروضة عليه، قائلا: "إن خسر الروس الشريك التركي، فإنه لن يبقى لهم الكثير من الخيارات فيما يخص تصدير الغاز إلى المستهلكين الأساسيين له في أوروبا.
وفي ظل غياب الخيار الأوكراني بسبب الأزمة بين الجانبين، فلن يبقى أمام موسكو سوى السيل الشمالي، وهو الخط الذي ينقل الغاز الروسي عبر بحر البلطيق".
وما يعزز إمكانية أن يكون مشروع المفاعل أول الضحايا في حال تصاعد الخلاف الروسي التركي، هو أن الهدف الرئيس للمفاعل هو إنتاج الطاقة الكهربائية، ولكن تركيا قادرة على تلبية احتياجاتها من الطاقة الكهربائية حتى عام 2020، حتى لو وصلت نسبة النمو السنوي للاقتصاد التركي 5.0%، وبالتالي فإن وقف مشروع المفاعل النووي لن يكون ذا تأثيرات تذكر على إنتاج الطاقة الكهربائية.
اقرأ أيضاً: خلافات طهران وأنقرة أكبر من الغاز