وسارعت مصر إلى تقديم فرضية تعرض الطائرة لاعتداء، غير أن فرنسا أعطت الأولوية لحصول عطل تقني، في وقت أوعز فيه قضاة التحقيق الثلاثة المكلفون بالقضية بإجراء تقييمين يهدفان إلى بناء سيناريو حدوث الكارثة، يرتبط الأول بمسألة صيانة الطائرة، والثاني إلى التحقق حول ما إذا تعرضت أحد أجهزة "آيفون" أو "آيباد" إلى "اتقاد حراري" تسبب باشتعال حريق في غرفة القيادة.
واستبعد ثلاثة خبراء فرنسيين، في تقرير اطلعت وكالة "فرانس برس" على نسخة منه، اليوم الأحد، الفرضية الثانية، قائلين إن "حدوث اتقاد حراري في آلة تتوفر فيها بطارية أيون الليثيوم لا يمكن استبعاده بشكل مطلق، ولكن التحليل يظهر أنه بالنسبة إلى هذه الآلات يجب اعتبار هذه الفرضية بعيدة الاحتمال جداً".
وأشار تقرير الخبراء الثلاثة إلى أن "هذه الفرضية لا تصلح، إلا في حال التأكيد أن هذه الآلات لم تتعرض لاعتداء آلي من خارجها"، مضيفاً "في المقابل، حتى لو كانت هذه الآلات موصولة داخل غرفة القيادة بمقابس غير مطابقة لتوصيات المصنع آبل، فإن ذلك لن يؤثر على سلامتها".
وتحطمت الرحلة رقم MS804 فوق البحر الأبيض المتوسط في منطقة بين جزيرة كريت والسواحل الشمالية لمصر، بعدما اختفت بشكل فجائي عن الرادارات.
وأشار تقرير الخبراء حول صيانة الطائرة إلى "النقص الكبير في صرامة طواقم الخطوط الجوية المصرية، ووحداتها الفنية"، مبيناً أنه "كان ينبغي فحص الطائرة خلال آخر أربع رحلات، وما كان ينبغي أن تغادر القاهرة بعد تكرر أوجه الخلل، ولكن الطواقم المتعاقبة لم تبلغ عنها".
ووضعت السلطات المصرية حداً في نهاية عام 2016 لتحقيقها الأمني، ونقلت الملف إلى القضاء من دون حدوث مستجدات حتى اليوم، بعدما ادعت القاهرة اكتشافها لآثار متفجرات على رفات الضحايا، وهو ما أثار الشكوك لدى الجانب الفرنسي، خصوصاً أن الاعتداء لم يتبناه أي تنظيم إرهابي أو مسلح.
وكان قد سبق لمصادر مصرية مطلعة أن كشفت لـ"العربي الجديد" رفض التوجه الفرنسي القاضي بتحميل القاهرة منفردة المسؤولية، وإبعاد تهم التقصير الأمني أو الفني عن باريس، على خلفية نشر صحيفة "لوموند" الفرنسية نتائج تقرير قضائي فرنسي، خلص إلى أن الطائرة كانت في حاجة إلى "تكهين" (عملية إصلاح أو تجديد أو تبديل)، بعد تسجيل أكثر من 50 إنذاراً وخطأً تقنياً في الفترة القصيرة السابقة على الحادث.
ونقل التقرير عن المتخصصين بالملاحة الجوية المشاركين في التحقيق قولهم إن الطائرة عانت قبل الحادث بنحو 20 يوماً من "مشاكل كهربائية"، و"تسجيل 51 خطأ في صمام المحرك"، و"ظهور دخان في المرحاض"، لكن مصادر في وزارة الطيران المدني المصرية اعتبرت أن النتائج المنشورة "تعكس تمسك فرنسا بإخلاء ساحتها من تهم التقصير الأمني أو الفني، لتحميل الجانب المصري وحده أي تعويضات محتملة للضحايا".
ومنذ الأيام الأولى للحادث، حصرت فرنسا الأسباب في اندلاع حريق في قمرة القيادة أو مقاعد قريبة منها، بسبب احتفاظ الطيارين المصريين، على الأرجح، بمواد قابلة للاشتعال إلى جانب أجهزة محمولة، في درجة حرارة غير مناسبة، غير أن الأجهزة القضائية المصرية ظلت متمسكة برفض هذا السيناريو، بهدف التنصل من المسؤولية عن سقوط الطائرة.